للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلكنه بالراء بدل اللَّام، وَمَعْنَاهُ: ترضعونها، من رغث الجدي أمه إِذا رضعها، قَالَه الْقَزاز. وَقَالَ أَبُو عبد الْملك. أما بِاللَّامِ فَلَا نَعْرِف لَهُ معنى، وَأما بالراء فَمَعْنَاه: ترضعونها. يُقَال: نَاقَة غوث، أَي: غزيرة اللَّبن وَكَذَلِكَ الشَّاة. وَفِي الْمُنْتَهى لأبي الْمَعَالِي اللّغَوِيّ: لغث طَعَامه ولعث بالغين الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة إِذا فرقه. قَالَ: واللغيث مَا يبْقى فِي الْكَيْل من الْحبّ، فعلى هَذَا الْمَعْنى: وَأَنْتُم تأخذون المَال فتفرقونه بعد أَن تحوزوه. قَوْله: أَو كلمة تشبهها أَي: أَو قَالَ كلمة تشبه إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ المذكورتين نَحْو: تنتثلونها من الانتثال بتاء الافتعال، أَو تنثلونها من النثل بالنُّون والثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ الاستخراج، يُقَال: نثل كِنَانَته إِذا استخرج مَا فِيهَا من السِّهَام، وَمثل جرابه إِذا نفض مَا فِيهِ. وَقَالَ الدَّاودِيّ: الْمَحْفُوظ فِي هَذَا الحَدِيث: تنتثلونها، وَفِي التَّلْوِيح فِي بعض النّسخ الصَّحِيحَة: وَأَنْتُم تلعقونها، بِعَين مُهْملَة ثمَّ قَاف، قَالَ بَعضهم: وَهُوَ تَصْحِيف، وَلَو كَانَ لَهُ بعض اتجاه. قلت: مُجَرّد دَعْوَى التَّصْحِيف لَا تسمع وَلَا يبعد لصِحَّة الْمَعْنى.

٧٢٧٤ - حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا اللّيْثُ، عنْ سَعِيدٍ، عنْ أبِيهِ عنْ أبي هُريْرَةَ عنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا مِنَ الأنْبِياءِ نَبيٌّ إلاّ أُعْطِيَ مِنَ الآياتِ مَا مِثْلُهُ أوْ مِنَ أوْ: آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وإنَّما كانَ الّذِي أُوتِيتُ وحْياً أوْحاهُ الله إليَّ فأرْجُو أنِّي أكْثَرُهُمْ تَابعا يَوْمَ القِيامَةِ.

انْظُر الحَدِيث ٤٩٨١

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتيت وَحيا إِلَى آخِره، فَإِنَّهُ أَرَادَ بقوله: وَحيا أوحاه الله إِلَيّ الْقُرْآن وَلَا شكّ أَن فِيهِ جَوَامِع الْكَلم، وَهُوَ فِي الْقُرْآن كثير مِنْهَا. قَوْله تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَواةٌ ياأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الْآيَة وَقَوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الَاْنْهَرُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} وَغَيرهَا الْآيَة.

وَسَعِيد هَذَا يروي عَن أَبِيه أبي سعيد المَقْبُري واسْمه كيسَان.

والْحَدِيث مضى فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن عبد الله بن يُوسُف.

قَوْله: إِلَّا أعطي على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: من الْآيَات أَي: المعجزات. قَوْله: مَا مثله فِي مَحل الرّفْع لاستناد أعطي إِلَيْهِ قَوْله: أومن بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وَكسر الْمِيم من الْأَمْن. قَوْله: أَو: آمن شكّ من الرَّاوِي بِالْمدِّ وَفتح الْمِيم من الْإِيمَان، وَحكى ابْن قرقول: أَن فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمِيم بِغَيْر مد من الْإِيمَان. قَوْله: عَلَيْهِ أَي: مَغْلُوبًا عَلَيْهِ، يَعْنِي: فِيهِ تضمين مَعْنَاهَا وإلَاّ فاستعماله بِالْبَاء أَو بِاللَّامِ. قَوْله: وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتيت هَكَذَا رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره: أُوتِيتهُ، بِالْهَاءِ وَمعنى الْحصْر فِيهِ أَن الْقُرْآن أعظم المعجزات بدوامه إِلَى آخر الدَّهْر، وَلما كَانَ لَا شَيْء يُقَارِبه فضلا عَن أَن يُسَاوِيه كَانَ مَا عداهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَأَن لم يَقع، وَيُقَال: مَعْنَاهُ أَن كل نَبِي أعطي من المعجزات مَا كَانَ مثله لمن كَانَ قبله من الْأَنْبِيَاء فَآمن بِهِ الْبشر، وَأما معجزتي الْعُظْمَى فَهِيَ الْقُرْآن الَّذِي لم يُعْط أحد مثله. فَلهَذَا أَنا أَكْثَرهم تبعا. وَيُقَال: إِن الَّذِي أُوتيت لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ تخييل بِسحر وَشبهه بِخِلَاف معجرة غَيْرِي فَإِنَّهُ قد يخيل السَّاحر بِشَيْء مِمَّا يُقَارب صورته. كَمَا خيلت السَّحَرَة فِي صُورَة الْعَصَا. والخيال قد يروج على بعض الْعَوام النَّاقِصَة الْعُقُول. قَوْله: تَابعا نصب على التَّمْيِيز.

٢ - (بابُ الاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رسولِ الله)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وجوب الِاقْتِدَاء بسنن رَسُول الله وسننه أَقْوَاله وأفعاله، وَأمر الله عز وَجل عباده بِاتِّبَاع نبيه والاقتداء بسننه فَقَالَ: {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ فَئَامِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} ، {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} وَقَالَ: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالَاْغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَءَامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الْآيَة، وتوعد من خَالف سَبيله وَرغب عَن سنته فَقَالَ: {لَاّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الْآيَة.

وقَوْلِ الله تَعَالَى: {واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا} قَالَ: أئِمَّةَ نَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلَنا ويَقْتَدِي بِنا مَنْ بَعْدَنا.

وَقَول الله بِالْجَرِّ عطف على الِاقْتِدَاء. قَوْله: أَئِمَّة، لم يعلم الْقَائِل من هُوَ وَلَكِن ذكر فِي التَّفْسِير قَالَ مُجَاهِد أَي: اجْعَلْنَا مِمَّن نقتدي بِمن قبلنَا حَتَّى يَقْتَدِي بِنَا من بَعدنَا. قَوْله: أَئِمَّة يَعْنِي، اسْتعْمل الإِمَام هَذَا بِمَعْنى الْجمع بِدَلِيل: اجْعَلْنَا، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الإِمَام هُوَ المقتدى بِهِ فَمن أَيْن اسْتَفَادَ المأمومية حَتَّى ذكر الْمُقدمَة الأولى أَيْضا؟ قلت: هِيَ لَازِمَة إِذْ لَا يكون متبوعاً إلَاّ إِذا كَانَ تَابعا لَهُم أَي: مَا لم يتبع الْأَنْبِيَاء لَا تتبعه الْأَوْلِيَاء، وَلِهَذَا لم يذكر الْوَاو بَين المقدمتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>