وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثَلَاثٌ أحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي ولإخْوَاني: هَذِهِ السُّنَّة أنْ يَتَعلّمُوها ويَسْألُوا عَنْها، والقُرْآنُ أنْ يَتَفَهَّمُوهُ ويَسألُوا عَنْهُ، ويَدَعُوا النَّاسَ إلاّ مِنْ خَيْرٍ.
أَي: وَقَالَ عبد الله بن عَوْف الْبَصْرِيّ من صغَار التَّابِعين، وَوصل تَعْلِيقه هَذَا مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب السّنة والجوزقي من طَرِيقه، قَالَ مُحَمَّد بن نصر: حَدثنَا يحيى بن يحيى حَدثنَا سليم بن أحضر سَمِعت ابْن عَوْف يَقُول غير مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاث: ثَلَاث أحبهنَّ لنَفْسي ... الخ. قَوْله: ولإخواني، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد ولأصحابي. قَوْله: هَذِه السّنة، أَشَارَ إِلَى طَريقَة النَّبِي إِشَارَة نوعية لَا شخصية. وَقَالَ فِي الْقُرْآن: يتفهموه، وَفِي السّنة: يتعلموها، لِأَن الْغَالِب على حَال الْمُسلم أَن يتَعَلَّم الْقُرْآن فِي أول أمره فَلَا يحْتَاج إِلَى الْوَصِيَّة بتعلمه، فَلهَذَا أوصى بفهم مَعْنَاهُ وَإِدْرَاك منطوقه وفحواه. قَوْله: أَن يتفهموه، وَفِي رِوَايَة يحيى: فيتدبروه، قَوْله: ويدعوا النَّاس، بِفَتْح الدَّال أَي: يتْركُوا النَّاس، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني بِسُكُون الدَّال من الدُّعَاء، وَفِي رِوَايَته ويدعوا النَّاس إِلَى خير، قَالَ الْكرْمَانِي: فِي قَوْله: ويدعوا النَّاس أَي يتْركُوا النَّاس، أَي: لَا يتَعَرَّضُوا لَهُم، رحم الله امْرَءًا شغله خويصة نَفسه عَن الْغَيْر، نعم إِن قدر على إِيصَال خير فبها ونعمت، وَإِلَّا تركُ الشَّرّ أَيْضا خير.
٧٢٧٥ - حدّثنا عَمْرُو بنُ عبَّاس، حدّثنا عبْدُ الرَّحْمان، حدَّثنا سُفْيانُ، عنْ واصِلٍ، عنْ أبي وائِلٍ قَالَ: جَلَستُ إِلَى شَيْبَةَ فِي هاذَا المَسْجِدِ، قَالَ: جَلَسَ إليَّ عُمَرُ فِي مَجْلسِكَ هاذَا فَقَالَ: لَقدْ هَمَمْتُ أنْ لَا أدَعَ فِيها صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ، إلَاّ قَسَمْتُها بَيْنَ المُسْلِمِينَ. قُلْتُ: مَا أنْت بِفاعِلٍ. قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لَمْ يَفْعَلْهُ صاحِباكَ. قَالَ: هُما المَرْآنِ يُقْتَدَى بِهما.
انْظُر الحَدِيث ١٥٩٤
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: هما المرآن يقْتَدى بهما أَي بِالنَّبِيِّ وبأبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، والاقتداء بِالنَّبِيِّ اقْتِدَاء بسنته.
وَعَمْرو بِفَتْح الْعين ابْن عَبَّاس بِالْبَاء الْمُوَحدَة الْأَهْوَازِي، وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وواصل هُوَ ابْن حَيَّان بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون، وَأَبُو وَائِل بِالْهَمْزَةِ بعد الْألف شَقِيق بن سَلمَة.
قَوْله: إِلَى شيبَة بِفَتْح الشين وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالباء الْمُوَحدَة هُوَ ابْن عُثْمَان الحَجبي الْعَبدَرِي أسلم بعد الْفَتْح وَبَقِي إِلَى زمَان يزِيد بن مُعَاوِيَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ وَلَا فِي مُسلم إلَاّ هَذَا الحَدِيث. قَوْله: فِي هَذَا الْمَسْجِد أَي: الْمَسْجِد الْحَرَام. قَوْله: لقد هَمَمْت أَي: قصدت أَن لَا أدع أَي: أَن لَا أترك فِيهَا، أَي: فِي الْكَعْبَة صفراء أَي: ذَهَبا، وَلَا بَيْضَاء أَي: فضَّة. قَوْله: قلت: الْقَائِل هُوَ شيبَة. قَوْله: مَا أَنْت بفاعل أَي: مَا أَنْت تفعل ذَلِك. قَوْله: قَالَ: لم؟ أَي: قَالَ عمر: لم لَا أفعل؟ قَوْله: لم يَفْعَله صاحباك أَرَادَ بهما النَّبِي، وَأَبا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَجَوَاب: لَو، مَحْذُوف أَي: لفَعَلت، ولكنهما مَا فعلاه. فَقَالَ عمر: هما المرآن يقْتَدى بهما وَقَالَ ابْن بطال: أَرَادَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قسْمَة المَال فِي مصَالح الْمُسلمين. فَلَمَّا ذكر شيبَة أَن النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَأَبا بكر بعده لم يتعرضا لَهُ لم يَسعهُ خلافهما، وَرَأى أَن الِاقْتِدَاء بهما وَاجِب، فَرُبمَا يهدم الْبَيْت أَو يحْتَاج إِلَى ترميمه فَيصْرف ذَلِك المَال فِيهِ، وَلَو صرف فِي مَنَافِع الْمُسلمين لَكَانَ كَأَنَّهُ قد خرج عَن وَجهه الَّذِي عين فِيهِ.
٧٢٧٦ - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله، حدّثنا سُفْيانُ قَالَ: سألْتُ الأعْمَشَ فَقَالَ: عنْ زَيْدِ بنِ وهْبٍ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ: حدّثنا رسولُ الله أنَّ الأمانَةَ نَزَلَتْ من السَّماءِ فِي جَذْر قُلوبِ الرِّجالِ، ونَزَلَ القُرْآنَ فَقَرأُوا القُرْآنَ وعَلِمُوا مِنَ السُّنَةِ
انْظُر الحَدِيث ٦٤٩٧ وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث، وَهُوَ ظَاهر.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالْأَعْمَش سلميان، وَزيد بن وهب الْهَمدَانِي الْجُهَنِيّ الْكُوفِي من قضاعة خرج إِلَى النَّبِي، فَقبض النَّبِي وَهُوَ فِي