للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقالَ الله تعالَى وخَسَفَ القَمَرُ

إِيرَاد البُخَارِيّ هَذِه الْآيَة إِشَارَة إِلَى أَن الأجود أَن يُقَال: خسف الْقَمَر، وَإِن كَانَ يجوز أَن يُقَال: كسف الْقَمَر، لَا كَمَا قَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ أَن يُقَال: خسف الْقَمَر، كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن، وَلَا يُقَال: كسف، وَكَيف لَا يُقَال كسف وَقد أسْند الكسف إِلَيْهِ كَمَا أسْند الشَّمْس؟ كَمَا فِي حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة الْمَذْكُور فِي أول الْأَبْوَاب وَفِي غَيره، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث الْبَاب.

٧٤٠١ - حدَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرُ أنَّ عائِشَةَ زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرَتْهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فقَامَ فكَبَّرَ فقَرَأ قرَاءَةً طوِيلَةً ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعا طَويلاً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ وقامَ كَمَا هُوَ ثُمَّ قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً وَهْيَ أدْنَى مِنَ القِرَاءَةِ الأُولَى ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعا طَوِيلاً وَهْيَ أدْنَى مِنَ الركْعَةِ الأُولى ثُمَّ سَجَدَ سُجُودا طَوِيلاً ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذالِكَ ثُمَّ سَلَّمَ وقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فقالَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ والقَمَرِ إنَّهُمَا آيَتانِ مِنْ آياتِ الله لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ فإذَا رَأيْتُمُوهُمَا فافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (فَقَالَ فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر) ، وَقَوله: (لَا يخسفان) لِأَن كل وَاحِد من الْكُسُوف والخسوف اسْتعْمل فِي كل وَاحِد من الشَّمْس وَالْقَمَر، وإيراده الْآيَة الْمَذْكُورَة وَهَذَا الحَدِيث يدلان على هَذَا وَيدل أَيْضا على أَن الِاسْتِفْهَام فِي التَّرْجَمَة لَيْسَ للنَّفْي وَالْإِنْكَار. فَافْهَم، وَسَعِيد بن عفير، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، وَقد مر فِي: بَاب من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين، فِي كتاب الْعلم، وَبَقِيَّة الْكَلَام فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ قد مَضَت مستقصاة.

٦ - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَوِّفُ الله عِبَادَهُ بالكُسُوفِ قَالَه أبُو مُوسَى عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ: (يخوف الله، عز وَجل، عباده بالكسوف) ، وَسَيَأْتِي حَدِيث أبي مُوسَى هَذَا فِي: بَاب الذّكر الْكُسُوف.

٨٤٠١ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ يُوُنُسَ عنِ الحَسَنِ عنْ أبي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آياتِ الله لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ ولاكِنَّ الله تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ..

قد مضى الْكَلَام فِي حَدِيث أبي بكرَة فِي أول أَبْوَاب الْكُسُوف، ومطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

قَوْله: (وَلَكِن الله يخوف بهما) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (وَلَكِن الله يخوف) . قَوْله: (يخوف) ، فِيهِ رد على أهل الْهَيْئَة حَيْثُ يَزْعمُونَ أَن الْكُسُوف أَمر عادي لَا يتَأَخَّر وَلَا يتَقَدَّم، فَلَو كَانَ كَذَلِك لم يكن فِيهِ تخويف، فَيصير بِمَنْزِلَة الجزر وَالْمدّ فِي الْبَحْر، وَقد جَاءَ فِي حَدِيث أبي مُوسَى، على مَا يَأْتِي: (فَقَامَ فَزعًا يخْشَى أَن تكون السَّاعَة) ، فَلَو كَانَ الْكُسُوف بِالْحِسَابِ لم يَقع الْفَزع، وَلم يكن لِلْأَمْرِ بِالْعِتْقِ وَالصَّدَََقَة وَالصَّلَاة وَالذكر معنى، وَقد رددنا عَلَيْهِم فِيمَا مضى، وَيرد عَلَيْهِم أَيْضا بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَة أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا: (إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفا لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما آيتان من آيَات الله، وَإِن الله إِذا تجلى لشَيْء من خلقه خضع لَهُ) . وَقَالَ الْغَزالِيّ: هَذِه الزِّيَادَة لم تثبت فَيجب تَكْذِيب ناقلها، وَلَو صحت لَكَانَ أَهْون من مُكَابَرَة أُمُور قَطْعِيَّة لَا تصادم الشَّرِيعَة، ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ: كَيفَ يسلم دَعْوَى الفلاسفة وَيَزْعُم أَنَّهَا لَا تصادم الشَّرِيعَة مَعَ أَنَّهَا مَبْنِيَّة على أَن الْعَالم

<<  <  ج: ص:  >  >>