وَقَالَ مُجاهِدٌ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَلِيُّهُمْ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله عز وَجل: {ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا وَأَن الْكَافرين لَا مولى لَهُم} (مُحَمَّد: ١١) وَفسّر: الْمولى بالولي، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد نَحوه، وَهَذَا لم يثبت لأبي ذَر.
عَزَمَ الأَمْرُ: جدَّ الأمْرُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا عزم الْأَمر فَلَو صدقُوا الله لَكَانَ خيرا لَهُم} وَفَسرهُ بقوله: (جد الْأَمر) وَفِي بعض النّسخ. قَالَ مُجَاهِد: فَإِذا عزم الْأَمر، رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد عَن حجاج حَدثنَا شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد.
فَلا تَهِنُوا لَا تَضْعُفُوا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم وَأَنْتُم الأعلون} (مُحَمَّد: ٥٣) الْآيَة، وَفسّر قَوْله: (فَلَا تهنوا) بقوله: (لَا تضعفوا) وَهَكَذَا فسره مُجَاهِد أَيْضا.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ أضْغَانَهُمْ حَسَدَهُمْ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {أم حسب الَّذين فِي قُلُوبهم مرض أَن لن يخرج الله أضغانهم} (مُحَمَّد: ٩٢) وَفسّر الأضغان بِالْحَسَدِ، وَهُوَ جمع ضغن وَهُوَ الحقد والحسد، وَالضَّمِير فِي: قُلُوبهم يرجع إِلَى الْمُنَافِقين.
آسِنِ مُتَغَيِّر
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أَنهَار من مَاء غير آسن} (مُحَمَّد: ٥١) أَي: غير متغير، وَلم يثبت هَذَا لأبي ذَر.
١ - (بابٌ: {وَتُقَطَّعُوا أرْحَامَكُمْ} (مُحَمَّد: ٢٢)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {فَهَل عسيتم أَن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} وَقَرَأَ الْجُمْهُور، وتقطعوا بِالتَّشْدِيدِ من التقطيع، وَقَرَأَ يَعْقُوب بِالتَّخْفِيفِ من الْقطع.
٠٣٨٤ - حدَّثنا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ حدَّثنا سُلَيْمَانُ قَالَ حدَّثني مُعَاوِيَةُ بنُ أبِي مُزَرَّدٍ عَنْ سَعِيدِ ابنِ يَسارٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خَلَقَ الله الخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قامتِ الرَّحِمُ فأخَذَتِ بِحَقْوِ الرَّحْمانِ فَقَالَ لَهُ مَهْ قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِدَ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ قَالَ أَلا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالت بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَذَاك..
قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ إقْرَؤُا إنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أرْحَامَكُمْ} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وخَالِد بن مخلد، بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام وبالخاء الْمُعْجَمَة بَينهمَا: الْكُوفِي، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وَمُعَاوِيَة بن أبي مزرد، بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وبالدال الْمُهْملَة واسْمه عبد الرَّحْمَن بن يسَار أَخُو سعيد بن يسَار ضد الْيَمين، يروي مُعَاوِيَة عَن عَمه سعيد بن يسَار.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن إِسْمَاعِيل بن أويس، وَفِيه عَن إِبْرَاهِيم ابْن حَمْزَة، وَفِيه فِي الْأَدَب، عَن بشر بن مُحَمَّد. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن عباد وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن أبي حَاتِم.
قَوْله: (فَلَمَّا فرغ مِنْهُ) أَي: فَلَمَّا قَضَاهُ وأئمة. قَوْله: (قَامَت الرَّحِم) أَي الْقرْبَة مُشْتَقَّة من الرَّحْمَة وَهِي عرض جعلت فِي جسم فَلذَلِك قَامَت وتكلمت، وَقَالَ القَاضِي: يجوز أَن يكون المُرَاد قيام ملك من الْمَلَائِكَة وَتعلق بالعرش وَتكلم على لسانها بِهَذَا بِأَمْر الله تَعَالَى، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الرَّحِم الَّتِي توصل وتقطع إِنَّمَا هِيَ معنى من الْمعَانِي والمعاني لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْقيام وَلَا الْكَلَام فَيكون المُرَاد تَعْظِيم شَأْنهَا وفضيلة وَأَصلهَا وَعظم إِثْم قاطعيها. قَوْله: (فَأخذت) ، فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِلَا ذكره مَفْعُوله، وَفِي رِوَايَة ابْن السكن، فَأخذت بحقو الرَّحْمَن، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ: بحقوي الرَّحْمَن، بالتثنية. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: التَّثْنِيَة فِيهِ للتَّأْكِيد لِأَن الْأَخْذ باليدين آكِد فِي الاستجارة من الْأَخْذ بيد وَاحِدَة، والحقو بِالْفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف وبالواو الْإِزَار والخصر ومشد الْإِزَار، وَقَالَ عِيَاض: الحقو معقد الْإِزَار وَهُوَ الْموضع الَّذِي يستجار بِهِ ويتحرم بِهِ على عَادَة الْعَرَب لِأَنَّهُ من أَحَق مَا يحامى عَنهُ وَيدْفَع كَمَا قَالُوا: نمنعه مِمَّا يمْنَع مِنْهُ أزرنا فاستعير ذَلِك مجَازًا للرحم فِي استعاذتها بِاللَّه من القطيعة، وَقَالَ