وروى أَبُو الْقَاسِم بن الْجَوْزِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَوْقُوفا (يُنَادي مُنَاد عِنْد صَلَاة الصُّبْح يَا بني آدم قومُوا فاطفئوا مَا أوقدتم على أَنفسكُم، وينادي عِنْد الْعَصْر كَذَلِك، فيتطهرون وَيصلونَ وينامون وَلَا ذَنْب لَهُم) . وَوجه الْعُدُول عَن الأَصْل وَهُوَ أَن يَقُول: يدْخل الْجنَّة، بِصِيغَة الْمُضَارع لإِرَادَة التَّأْكِيد فِي وُقُوعه بِجعْل مَا هُوَ للوقوع كالواقع، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ( {ونادى أَصْحَاب الْجنَّة} (الْأَعْرَاف: ٤٤) .
وَقَالَ ابنُ رجاءٍ حدَّثنا هُمَّامٌ عنْ أبي جَمْرَةَ أنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدِ الله بنِ قَيْسٍ أخْبَرَه بِهذَا
أورد البُخَارِيّ هَذَا التَّعْلِيق عَن شَيْخه عبد الله بن رَجَاء، بِفَتْح الرَّاء وَالْجِيم وبالمد: الغداني الْبَصْرِيّ ليُفِيد بذلك أَن نِسْبَة أبي بكر إِلَى أَبِيه أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، لِأَن النَّاس اخْتلفُوا فِيهِ، كَمَا ذكرنَا عَن قريب، وَقد وَصله الطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) فَقَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن عمر الضَّبِّيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن رَجَاء، فَذكره. قَوْله: (أخبر بِهَذَا) أَي: بِهَذَا الحَدِيث، وَهُوَ مُرْسل لِأَنَّهُ لم يقل: عَن أَبِيه، إلَاّ أَن يُقَال: المُرَاد بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ الحَدِيث وَبَقِيَّة الأسناد كِلَاهُمَا.
حدَّثنا إسْحَاقُ عنْ حَبَّانَ قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ قَالَ حدَّثنا أبُو جمرَةَ عنْ أبي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الله عنْ أبِيهِ عنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلُهُ.
أَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا أَيْضا بِأَن شيخ أبي جَمْرَة هُوَ أَبُو بكر بن عبد الله بن قيس، وَهُوَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، ردا على من زعم أَنه ابْن عمَارَة بن رؤيبة. وَقد ذكرنَا أَن حَدِيث عمَارَة أخرجه مُسلم وَغَيره فَظهر من هَذَا أَنَّهُمَا حديثان: أَحدهمَا عَن أبي مُوسَى، وَالْآخر عَن عمَارَة بن رؤيبة. قَوْله: (حَدثنَا إِسْحَاق) قَالَ الغساني فِي كِتَابه (التَّقْيِيد) : لَعَلَّه إِسْحَاق بن مَنْصُور الكوسج، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر مِنْهُ: قَالَ ابْن السكن: كل مَا فِي كتاب البُخَارِيّ عَن إِسْحَاق غير مَنْسُوب فَهُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وَاسْتدلَّ الغساني على أَنه مَنْصُور بِأَن مُسلما روى عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن حبَان بن هِلَال حَدِيثا غير هَذَا. قلت: الْأَصَح أَنه إِسْحَاق بن مَنْصُور، لِأَنَّهُ روى عَن الْفربرِي فِي بَاب البيعان بِالْخِيَارِ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور حَدثنَا جَعْفَر ابْن هِلَال، فَذكر حَدِيثا. وحبان هَذَا، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن هِلَال الْبَاهِلِيّ، مَاتَ سنة سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ. قَوْله: (مثله) ، أَي: مثل هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور، ويروى (بِمثلِهِ) بِزِيَادَة الْبَاء.
٢٧ - (بابُ وقتِ الفَجْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وَقت صَلَاة الْفجْر.
٥٧٥ - حدَّثنا عَمْرُو بنُ عاصمٍ قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ عنْ قَتَادَةَ عَنْ أنَسٍ أنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ أنَّهُمْ تَسَحَّرُوا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ قامُوا إِلَى الصَّلاة قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ أوْ سِتِّينَ يَعْنِي آيَةً. (الحَدِيث ٥٧٥ طرفه فِي: ١٩٢١) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من خيث إِنَّهُم قَامُوا إِلَى الصَّلَاة بعد أَن تسحرُوا بِمِقْدَار قِرَاءَة خمسين آيَة أَو نَحْوهَا، وَذَلِكَ أول مَا يطلع الْفجْر، وَهُوَ أول وَقت الصُّبْح. وَاسْتدلَّ البُخَارِيّ بِهَذَا أَن أول وَقت الصُّبْح هُوَ طُلُوع الْفجْر، فَحصل التطابق بَين الحَدِيث والترجمة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَمْرو بن عَاصِم، بِالْوَاو، الْحَافِظ الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: همام بن يحيى. الثَّالِث: قَتَادَة بن دعامة. الرَّابِع: أنس بن مَالك. الْخَامِس: زيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد من الْمَاضِي فِي مَوضِع وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ. وَفِيه: أَن رُوَاته بصريون.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّوْم، عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع عَن هِشَام بِهِ. وَعَمْرو النَّاقِد عَن يزِيد بن هَارُون عَن همام بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن سَالم بن نوح عَن عَمْرو بن عَامر عَن قَتَادَة بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن يحيى بن مُوسَى عَن