وَفِيه: دلَالَة على أَن الْوَلَد يكون مَعَ الْعَزْل. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَلِهَذَا صحّح أَصْحَابنَا أَنه لَو قَالَ: وطِئت وعزلت لحقه الْوَلَد على الْأَصَح.
٠١١ - (بابُ بَيْعِ المدَبَّرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم بيع الْمُدبر، وَهُوَ الْمُعَلق عتقه بِمَوْت سَيّده، كَذَا قَالُوا. قلت: التَّدْبِير لُغَة) : النّظر فِيمَا يؤول إِلَيْهِ عاقبته، وَشرعا: التَّدْبِير تَعْلِيق الْعتْق بِمُطلق مَوته، كَقَوْلِه: إِذا مت فَأَنت حر، أَو: أَنْت حر يَوْم أَمُوت. أَو: أَنْت حر عَن دبر مني، أَو: أَنْت مُدبر أَو: دبرتك. أَو قَالَ: أَعتَقتك بعد موتِي. أَو: أَنْت عَتيق أَو مُعتق أَو مُحَرر بعد موتِي. أَو: إِن مت فَأَنت حر، أَو: إِن حدث لي حدث فَأَنت حر، لِأَن الْحَدث يُرَاد بِهِ الْمَوْت عَادَة، وَكَذَا إِذا قَالَ: أَنْت حر مَعَ موتِي أَو فِي موتِي فَهَذِهِ كلهَا أَلْفَاظ التَّدْبِير الْمُطلق، فَالْحكم فِيهَا: أَنه لَا يجوز بَيْعه وَلَا هِبته، وَلكنه يستخدم ويؤجر، وَالْأمة تُوطأ وَتنْكح وتعتق بِمَوْت الْمولى من ثلثه، وَإِن مَاتَ فَقِيرا يسْعَى فِي ثلي قِيمَته، وَيسْعَى فِي جَمِيع قِيمَته إِن مَاتَ الْمولى مديونا مُسْتَغْرقا.
وَأما أَلْفَاظ التَّدْبِير الْمُقَيد فَهِيَ كَقَوْلِه: إِن مت من مرضِي هَذَا أَو من سَفَرِي هَذَا فَأَنت حر، فَحكمه أَنه يجوز بَيْعه بِالْإِجْمَاع، فَإِن وجد الشَّرْط عتق. وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يجوز بيع الْمُدبر بِكُل حَال. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيره: اتَّفقُوا على مَشْرُوعِيَّة التَّدْبِير، وَاتَّفَقُوا على أَنه من الثُّلُث، غير اللَّيْث بن سعد وَزفر فَإِنَّهُمَا قَالَا: من رَأس المَال، وَاخْتلفُوا: هَل هُوَ عقد جَائِز أَو لَازم؟ فَمن قَالَ: لَازم: منع التَّصَرُّف فِيهِ إلَاّ بِالْعِتْقِ. وَمن قَالَ: جَائِز، أجَاز، وبالأول قَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ والكوفيون، وَبِالثَّانِي قَالَ الشَّافِعِي وَأهل الحَدِيث.
٠٣٢٢ - حدَّثنا ابنُ نُمَيْرٍ قَالَ حدَّثنا وكِيعٌ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ عنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ عنْ عطاءٍ عنْ جابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ باعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المدَبَّرَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم: وَهُوَ مصغر نمر الْحَيَوَان الْمَشْهُور. الثَّانِي: وَكِيع بن الْجراح الرواسِي. الثَّالِث: إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، وَاسم أبي خَالِد سعد، وَيُقَال: هُرْمُز، وَيُقَال: كثير. الرَّابِع: سَلمَة بن كهيل مصغر كهل الْحَضْرَمِيّ، كَانَ ركنا من الْأَركان، مَاتَ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة. الْخَامِس: عَطاء بن أبي رَبَاح. السَّادِس: جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: إِن شَيْخه ووكيعا وَإِسْمَاعِيل وَسَلَمَة كلهم كوفيون وَأَن عَطاء مكي. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد وهم: إِسْمَاعِيل وَسَلَمَة ووعطاء، فإسماعيل وَسَلَمَة قريبان من صغَار التَّابِعين، وَعَطَاء من أوساطهم. وَفِيه: ثَلَاثَة ذكرُوا مجردين بِلَا نِسْبَة. وَفِيه: أَن شَيْخه ذكر مَنْسُوبا إِلَى جده.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْعتْق عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي، وَفِيه وَفِي الْبيُوع عَن مَحْمُود بن غيلَان، وَفِيه وَفِي الْقَضَاء عَن عبد الْأَعْلَى بن وَاصل، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَحْكَام عَن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن نمير وَعلي بن مُحَمَّد، كِلَاهُمَا عَن وَكِيع عَن إِسْمَاعِيل بِهِ.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ الشَّافِعِي وَأحمد لما ذَهَبا إِلَيْهِ من جَوَاز بيع الْمُدبر بِكُل حَال، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة فِي: بَاب بيع المزايدة. قَوْله: (الْمُدبر) أَي: الْمُدبر الَّذِي كَانَ للرجل الْمُحْتَاج، قد ذكرنَا هُنَاكَ أَن الَّذِي اشْتَرَاهُ: نعيم، وَاسم الْمُدبر: يَعْقُوب، وَاسم سَيّده: أَبُو مَذْكُور، وَالثمن: ثَمَانمِائَة دِرْهَم.
١٣٢٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ عَمْرِو سَمِعَ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يقولُ باعَهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. .
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي: حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار، هَكَذَا أوردهُ مُخْتَصرا وَلم يذكر من يعود عَلَيْهِ الضَّمِير. وَأخرجه ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن