للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عُرْوَة رجلَانِ وَهَاهُنَا بَينه وَبَينه خَمْسَة أنفس.

وَأخرجه مُسلم عَالِيا بِالنِّسْبَةِ لرِوَايَة البُخَارِيّ هَذِه، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الرّبيع حَدثنَا مُحَمَّد بن حَرْب فَذكره.

قَوْله: (سفعة) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَبِضَمِّهَا وَسُكُون الْفَاء وبعين مُهْملَة، قَالَ الْكرْمَانِي: السفعة الصُّفْرَة والشحوب فِي الْوَجْه، وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: هُوَ سَواد فِي الْوَجْه، وَعَن أبي الْعَلَاء المعري: هِيَ بِفَتْح السِّين أَجود وَقد يضم سينها من قَوْلهم: رجل أسفع أَي: لَونه أسود، وأصل السفع الْأَخْذ بالناصية، قَالَ الله تَعَالَى {لنسفعاً بالناصية} (العلق: ١٥) ، وَقيل: كل أصفر أسفع. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ سَواد فِي خد الْمَرْأَة الشاحبة. قَوْله: (استرقوا لَهَا) أَي: اطْلُبُوا من يرقي لَهَا. قَوْله: (فَإِن بهَا النظرة) أَي: أصابتها عين، يُقَال: رجل مَنْظُور إِذا أَصَابَته الْعين، وَقَالَ ابْن قرقول: النظرة بِفَتْح النُّون وَسُكُون الظَّاء أَي: عين من نظر الْجِنّ، وَقَالَ أَبُو عبيد: أَي: أَن الشَّيْطَان أَصَابَهَا وَقَالَ الْخطابِيّ: عُيُون الْجِنّ أنفذ من الأسنة، وَلما مَاتَ سعد سمع قَائِل من الْجِنّ يَقُول:

(نَحن قتلنَا سيد الْخَزْرَج سعد بن عبَادَة ... ورميناه بِسَهْم فَلم يخط فُؤَاده)

قَالَ: فتأوله بَعضهم أَي: أصبناه بِعَين.

وَقَالَ عُقَيْلٌ عنِ الزُّهْرِيِّ: أخْبرني عُرْوَةُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

هَذَا تَعْلِيق مُرْسل لم يذكر فِي إِسْنَاده زَيْنَب وَلَا أم سَلمَة، وَعقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وروى رِوَايَة عقيل عبد الله بن وهب عَن أبي لَهِيعَة عَن عقيل، وَلَفظه: أَن جَارِيَة دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي بَيت أم سَلمَة، فَقَالَ: كَانَ بهَا سفعة.

تابَعَهُ عبْدُ الله بنُ سالِمٍ عنِ الزُّبَيْدِيِّ

أَي: تَابع مُحَمَّد بن حَرْب عبد الله بن سَالم أَبُو يُوسُف الْحِمصِي فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ، وروى هَذِه الْمُتَابَعَة الذهلي فِي (الزهريات) وَالطَّبَرَانِيّ فِي (مُسْند الشاميين) من طَرِيق إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن الْعَلَاء الْحِمصِي عَن عَمْرو بن الْحَارِث الْحِمصِي عَن عبد الله بن سَالم بِهِ سنداً أَو متْنا.

٣٦ - (بابٌ العَيْنُ حَقٌّ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الْعين حق أَي: الْإِصَابَة بِالْعينِ ثَابِتَة مَوْجُودَة، وَلها تَأْثِير فِي النُّفُوس، وَأنكر طَائِفَة من الطبايعين الْعين وَأَنه لَا شَيْء إلَاّ مَا تُدْرِكهُ الْحَواس الْخمس وَمَا عَداهَا فَلَا حَقِيقَة لَهُ. والْحَدِيث يرد عَلَيْهِم، وروى مُسلم من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَفعه: الْعين حق وَلَو كَانَ شَيْء سَابق الْقدر سبقته الْعين، وَإِذا استغسلتم فَاغْسِلُوا، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: كَانَ يُؤمر العائن فيتوضأ ثمَّ يغْتَسل مِنْهُ الْمعِين، وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث عَامر بن ربيعَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا رأى أحدكُم من نَفسه أَو مَاله أَو أَخِيه شَيْئا يُعجبهُ فَليدع بِالْبركَةِ، فَإِن الْعين حق، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أَسمَاء بنت عُمَيْس أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله! إِن ولد جَعْفَر تسرع إِلَيْهِم الْعين أَو نسترقي لَهُم؟ قَالَ: نعم، فَإِنَّهُ لَو كَانَ شَيْء سَابق الْقدر لسبقته الْعين، وَفِي كتاب ابْن أبي عَاصِم من طَرِيق صعصعة: أَكثر مَا يحْفر لأمتي من الْقُبُور الْعين، وَقَالَ أَبُو عمر. قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: علام يقتل أحدكُم أَخَاهُ؟ دَلِيل على أَن الْعين رُبمَا قتلت، وَكَانَت سَببا من أَسبَاب الْمنية وَقَوله: (وَلَو كَانَ شَيْء يسْبق الْقدر لسبقته الْعين) دَلِيل على أَن الْمَرْء لَا يُصِيبهُ إلَاّ مَا قدر لَهُ، وَأَن الْعين لَا تسبق الْقدر وَلكنهَا من الْقدر، قَوْله: فَليدع بِالْبركَةِ، فِيهِ دَلِيل على أَن الْعين لَا تضر وَلَا تعدو إِذا برك العائن فَوَاجِب على كل من أعجبه شَيْء أَن يبرك فَإِنَّهُ إِذا دَعَا بِالْبركَةِ صرف الْمَحْذُور لَا محَالة، والتبريك أَن يَقُول: تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ، اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ، وَيُؤمر العائن بالاغتسال وَيجْبر إِن أَبى، لِأَن الْأَمر حَقِيقَة للْوُجُوب وَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يمْنَع أَخَاهُ مَا ينْتَفع بِهِ أَخُوهُ وَلَا يضرّهُ هُوَ لاسيما إِذا كَانَ سَببه، وَهُوَ الْجَانِي عَلَيْهِ، والاغتسال هُوَ أَن يغسل وَجهه وَيَديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجلَيْهِ وداخلة إزَاره فِي قدح ثمَّ صب عَلَيْهِ، ويروى: وَيَديه إِلَى الْمرْفقين والركبتين، وَقَالَ أَبُو عمر: وَأحسن شَيْء فِي تَفْسِير الِاغْتِسَال مَا وَصفه الزُّهْرِيّ رَاوِي الحَدِيث الَّذِي عِنْد مُسلم: يُؤْتى بقدح من مَاء ثمَّ يصب بِيَدِهِ الْيُسْرَى على كَفه الْيُمْنَى، ثمَّ بكفه الْيُمْنَى على كَفه الْيُسْرَى ثمَّ يدْخل يَده الْيُسْرَى فَيصب بهَا على مرفق يَده الْيُمْنَى ثمَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى على مرفق يَده الْيُسْرَى، ثمَّ يغسل قدمه الْيُمْنَى ثمَّ يدْخل الْيُمْنَى فَيغسل قدمه الْيُسْرَى، ثمَّ يدْخل يَده الْيُمْنَى فَيغسل الرُّكْبَتَيْنِ، ثمَّ يَأْخُذ دَاخِلَة إزَاره فَيصب على رَأسه صبة وَاحِدَة وَلَا يضع الْقدَم حَتَّى يفرغ، وَأَن يصب من خَلفه صبة وَاحِدَة يجْرِي على جسده، وَلَا يوضع الْقدح فِي الأَرْض، وَيغسل أَطْرَافه

<<  <  ج: ص:  >  >>