الأثار أَنه كَانَ يجْهر فِي أولى الْعشَاء وَالْمغْرب وَفِي الصُّبْح، فَنَاسَبَ الحَدِيث التَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْفجْر دَاخل فِي الَّذِي جهر فِيهِ. وَمِمَّا يُؤَكد مَا قُلْنَا قَول ابْن عَبَّاس فِي آخر الحَدِيث:(لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة) ، لِأَنَّهُ قد ثَبت بالروايات أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الصُّبْح جَهرا، فَهُوَ كَانَ مَأْمُورا بالجهر، وَنحن مأمورون بالأسوة بِهِ، فَبين لنا الْجَهْر، وَهُوَ الْمَطْلُوب. فَإِن قلت: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: إِيرَاد حَدِيث ابْن عَبَّاس هَهُنَا يغاير مَا تقدم من إِثْبَات الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة، لِأَن مَذْهَب ابْن عَبَّاس ترك الْقِرَاءَة فِي السّريَّة قلت: لَا نسلم الْمُغَايرَة الْمَذْكُورَة، بل إِيرَاد هَذَا الحَدِيث يدل على إِثْبَات ذَلِك، لِأَنَّهُ احْتج على مَا ذكره فِي صدر الحَدِيث بِمَا ذكره فِي آخِره من وجوب الإيتساء بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا ورد عَنهُ، وَقد ورد عَنهُ الْجَهْر والإسرار، على أَنه قد روى عَنهُ أَبُو الْعَالِيَة الْبَراء ثُبُوت الْقِرَاءَة فِي الظّهْر وَالْعصر، على خلاف مَا رُوِيَ عَنهُ من نفي الْقِرَاءَة فيهمَا، وَقد ذَكرْنَاهُ مستقصىً فِيمَا مضى.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُسَدّد. الثَّانِي: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن علية. الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. الرَّابِع: عِكْرِمَة، مولى ابْن عَبَّاس. الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس.