أخرجه هُنَاكَ، فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: أَنبأَنَا أَبُو إِسْحَاق، قَالَ: سَمِعت حَارِثَة بن وهب، قَالَ: (صلى بِنَا النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، آمن مَا كَانَ بمنى رَكْعَتَيْنِ) . وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله الْهَمدَانِي الْمَشْهُور بالسبيعي الْكُوفِي، وحارثة، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالراء والثاء الْمُثَلَّثَة، والخزاعي، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الزَّاي وبالعين الْمُهْملَة: نِسْبَة إِلَى خُزَاعَة حَيّ من الأزد. قَوْله: (وَنحن مَا كُنَّا أَكثر) ، جملَة وَقعت حَالا، فَقَوله: نَحن، مُبْتَدأ وَكلمَة: مَا، نَافِيَة خَبره، وَقَوله: (أَكثر) مَنْصُور على أَنه خبر كَانَ، وَكلمَة: قطّ، مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: وَنحن مَا كُنَّا قطّ فِي وَقت أَكثر منا فِي ذَلِك الْوَقْت وَلَا آمن منا فِيهِ، وَيجوز أَن تكون: مَا، مَصْدَرِيَّة وَمَعْنَاهُ الْجمع، لِأَن مَا أضيف إِلَيْهِ أفعل يكون جمعا، قَوْله: (وآمنه) عطف على أَكثر، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى: مَا، وَالتَّقْدِير: صلى بِنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْحَال أَنا أَكثر أكواننا فِي سَائِر الْأَوْقَات عددا وَأكْثر أكواننا فِي سَائِر الْأَوْقَات أمنا. وَإسْنَاد الْأَمْن إِلَى الْأَوْقَات مجَاز، قيل: وعَلى هَذَا كَمَا قُلْنَا: قطّ، مُتَعَلق بِمَحْذُوف، لِأَن: قطّ، يخْتَص بالماضي الْمَنْفِيّ، وَلَا منفي هَهُنَا، تَقْدِيره: مَا كُنَّا أَكثر من ذَلِك وَلَا آمنهُ قطّ. قلت: قَالَ ابْن مَالك: اسْتِعْمَال قطّ غير مسبوقة بِالنَّفْيِ مِمَّا خَفِي على كثير من النَّحْوِيين، وَقد جَاءَ فِي هَذَا الحَدِيث بِدُونِهِ، وَله نَظَائِر، وَقيل: إِنَّه بِمَعْنى: أبدا، على سَبِيل الْمجَاز، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: (وآمنه) ، بِالرَّفْع وَيجوز النصب بِأَن يكون فعلا مَاضِيا وفاعله الله تَعَالَى. قلت: فَحِينَئِذٍ يكون ضمير الْمَفْعُول هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالتَّقْدِير: وآمن الله تَعَالَى نبيه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِينَئِذٍ. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: هَذَا على أَن يكون: أَكثر، خبر كَانَ، إِذْ لَا يَسْتَقِيم أَن يعْطف: وأمنه، على: أَكثر، وَهُوَ متعسف جدا. قَوْله: (بمنى) أَي: فِي منى، وَالْعَامِل فِيهِ قَوْله: صلى.
٧٥٦١ - حدَّثنا قَبِيصَةُ بنُ عُقْبَةَ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبْراهِيم عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ ابنِ يَزيدَ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قالَ صَلَّيْتُ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ ومَعَ أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَكْعَتَيُنِ ومعَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ فيَا لَيْتَ حَظِّي مِنْ أرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَلِّبَتَانِ.
(انْظُر الحَدِيث ٤٨٠١) .
أخرجه فِي الْبَاب الْمَذْكُور عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن الْأَعْمَش إِلَى آخِره، فَانْظُر إِلَى التَّفَاوُت بَينهمَا فِي الْمَتْن والإسناد، وَلَكِن الْحَاصِل وَاحِد.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَعبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد بن قيس أَخُو الْأسود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْكُوفِي النَّخعِيّ، مَاتَ فِي الجماجم سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: (ثمَّ تَفَرَّقت بكم الطّرق) ، يَعْنِي: اختلفتم فِي قصر الصَّلَاة وإتمامها، فمنكم من يقصر ومنكم من لَا يقصر. قَوْله: (فيا لَيْت حظي من أَربع) أَي: فيا لَيْت نَصِيبي الَّذِي يحصل لي من أَربع رَكْعَات، رَكْعَتَانِ يقبلهما الله تَعَالَى. قَوْله: (رَكْعَتَانِ) فِي كثير من النّسخ: رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ على مَذْهَب الْفراء، فَإِنَّهُ جوز نصب خبر: لَيْت، كاسمه. وَأما وَجه: رَكْعَتَانِ، بِالرَّفْع فَهُوَ الأَصْل، لِأَنَّهُ خبر: لَيْت، وَخَبره مَرْفُوع. وَقَالَ الدَّاودِيّ: خشِي ابْن مَسْعُود أَن لَا تجزىء الْأَرْبَع فاعلها، وَتبع عُثْمَان كَرَاهَة لخلافه، وَأخْبر بِمَا يَعْتَقِدهُ. وَقيل: يُرِيد أَنه لَو صلى أَرْبعا فيا ليتها تقبل كَمَا تقبل الركعتان. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالُوا: غَرَضه لَيْت عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، صلى رَكْعَتَيْنِ بدل الْأَرْبَع، كَمَا كَانَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وصاحباه يَفْعَلُونَهُ. وَقيل: مَعْنَاهُ أَنا أتم مُتَابعَة لعُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وليت الله قبل مني من الْأَرْبَع رَكْعَتَيْنِ.
وَفِيه: كَرَاهَة مُخَالفَة مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَبَقِيَّة المباحث تقدّمت هُنَاكَ.
٥٨ - (بابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصَّوْم فِي يَوْم عَرَفَة، وَلم يبين حكمه لمَكَان الِاخْتِلَاف فِيهِ.
٨٥٦١ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثنا سَالِمٌ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute