وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق عَن وَكِيع عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو السبيعِي إِلَى آخِره.
وَاعْلَم أَن البُخَارِيّ روى هَذَا الحَدِيث من سِتَّة طرق كَمَا رَأَيْت. الأول: مترجم بقوله: {تجْرِي بأعيننا} (الْقَمَر: ٤١) إِلَى آخِره، وَالْبَاقِي وَهُوَ الْخَمْسَة بِخمْس تراجم أَيْضا على رَأس كل تَرْجَمَة لفظ: بَاب، وَفِي بعض النّسخ لم يذكر لفظ بَاب، أصلا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا معنى تكْرَار هَذَا الحَدِيث فِي هَذِه التراجم السِّتَّة؟ وَمَا وَجه الْمُنَاسبَة بَينه وَبَينهَا؟ فَأجَاب بقوله: لَعَلَّ غَرَضه أَن الْمَذْكُور فِي هَذِه السُّورَة الَّذِي هُوَ فِي الْمَوَاضِع السِّتَّة كُله بِالْمُهْمَلَةِ. انْتهى. قلت: مدَار هَذَا الحَدِيث بِطرقِهِ على أبي إِسْحَاق عَن الْأسود بن يزِيد، وَأما فَائِدَة قَوْله: {فَذُوقُوا عَذَابي وَنذر وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر فَهَل من مذر} (الْقَمَر: ٩٣، ٠٤) أَن يجددوا عِنْد اسْتِمَاع كل نبأ من الأنباء الَّتِي أَتَت من الْأُمَم السالفة إدكارا واتعاظا. وينتبهوا إِذا سمع الْحَث على ذَلِك.
٦ - (بابٌ قَوْلِهِ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (الْقَمَر: ٥٤)
هَذَا وَمَا قبله فِي تخويف أهل مَكَّة كَانُوا يَقُولُونَ: نَحن جَمِيع منتصر، يَعْنِي: جمَاعَة أمرنَا مُجْتَمع منتصر مُمْتَنع لَا يرام وَلَا يضام. فَصدق الله وعده وَهَزَمَهُمْ يَوْم بدر. وَعَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لما نزل {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} كنت لَا أَدْرِي أَي جمع يهْزم، فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يثب فِي درعه وَيَقُول: {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} أَي: سَيهْزمُ كفار مَكَّة وَيُوَلُّونَ الأدبار، إِنَّمَا قَالَ: الدبر بِالْإِفْرَادِ وَالْمرَاد الْجمع لأجل رِعَايَة الفواصل.
٥٧٨٤ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ حَوْشَبٍ حدَّثنا عَبْدِ الوَهَّابَ حدَّثنا خَالِدٌ عَنْ عِكْرَمَةِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ.
وحدَّثني مُحَمَّدٌ أخْبرنا عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ وُهَيْبٍ حدَّثنا خَالِدٌ عَنْ عِكْرَمَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ اللَّهُمَّ إنِّي أنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ اللَّهُمَّ إنْ تَشَاءُ لَا تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ فَأخَذَ أبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ الله ألحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ وَهُوَ يَثِبُ فِي الدَّرْعِ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُر} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب عَن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد عَن خَالِد الْحذاء عَن عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس. الثَّانِي: عَن مُحَمَّد. قَالَ الغساني: لَعَلَّه مُحَمَّد بن يحيى الذهلي عَن عَفَّان بتَشْديد الْفَاء ابْن مُسلم الصفار الْبَصْرِيّ عَن وهيب مصغر وهب بن خَالِد الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ عَن خَالِد عَن عِكْرِمَة. وَقَالَ الجباني. قَوْله: (وحَدثني مُحَمَّد أخبرنَا عَفَّان) كَذَا فِي روايتنا عَن الْأصيلِيّ غير مَنْسُوب، وَكَذَا عِنْد أبي ذَر وَأبي نصر، قَالَ: وَسقط من نُسْخَة ابْن السكن ذكر مُحَمَّد هَذَا، وَقَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا عَفَّان عَن وهيب، وَهَذَا من مرسلات ابْن عَبَّاس لِأَنَّهُ لم يحضر الْقِصَّة، وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الْجِهَاد، فِي: بَاب مَا قيل فِي درع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة بدر فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم} الْآيَة.
قَوْله: (أنْشدك) ، بِضَم الشين أَي: أطلبك الْعَهْد هُوَ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد سبقت كلمتنا لعبادنا الْمُرْسلين أَنهم لَهُم المنصورون} (الصافات: ١٧١) والوعد هُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ} ، قَوْله: (إِن نَشأ) ، مَفْعُوله مَحْذُوف، نَحْو: هَلَاك الْمُؤمنِينَ أَو قَوْله: لَا تعبد فِي حكم الْمَفْعُول وَالْجَزَاء هُوَ الْمَحْذُوف. قَوْله: (ألححت عَلَيْهِ) ، أَي: بالغت.
٧ - (بابٌ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أدْهَى وَأَمْرُّ} (الْقَمَر: ٦٤) يَعْنِي مِنْ المَرَارَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {بل السَّاعَة موعدهم} أَي: موعد عَذَابهمْ. قَوْله: (والساعة) ، أَي: عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة. أدهى أَي: أَشد وأفظع، والداهية الْأَمر الْمُنكر الَّذِي لَا يهتدى لدوائه. قَوْله: (وَأمر) ، أَي: أعظم بلية وَأَشد مرَارَة من الْهَزِيمَة وَالْقَتْل والأسر يَوْم بدر.
٦٧٨٤ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسى احدَّثنا هِشَامُ بنُ يُوسُفَ أنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أخْبَرَهُمْ قَالَ