أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله: {لَا يَحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} وَلَفظ بَاب مَا ذكره إلاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر. قَوْله:(لَا يَحسبن) بِالْيَاءِ وبالباء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة. وَقَوله:(الَّذين يفرحون) فَاعله، وقرىء بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق خطاب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقرىء بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة على أَنه خطاب للْمُؤْمِنين. قَوْله:(بِمَا أَتَوا) أَي: بِمَا فعلوا وَلَفظ: أُتِي وَجَاء، يجيئان بِمَعْنى: فعل. قَالَ الله عز وَجل:{أَنه كَانَ وعده مأتيا}(مَرْيَم: ٦١){لقد جِئْت شَيْئا فريا}(مَرْيَم: ٢٧) .
٤٥٦٧ - ح دَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بُن جَعْفَرٍ قَالَ حدَّثني زَيْدُ بنُ أسْلَ عنْ عَطَاءِ ابنِ يَسَارٍ عَنْ أبِي سَعِيد الخُدْرِيِّ رَضِي الله عَنهُ أنَّ رِجالاً مِنَ المُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إذَا خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَى الغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خلافَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإذَا قَدِمَ رَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتَذَرُوا إلَيْهِ وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أنْ يَفْعَلُوا فَنَزَلَتْ {لَا تَحْسَبن الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} الآيَةَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهِي: أَيْضا فِي بَيَان سَبَب نزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْمدنِي، وَعَطَاء ابْن يسَار ضد الْيَمين.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي وَمُحَمّد بن سهل، كِلَاهُمَا عَن سعيد بن أبي مَرْيَم.
قَوْله:(بِمَقْعَدِهِمْ) ، أَي: بقعودهم، وَهُوَ مصدر ميمي. قَوْله:(فَنزلت) ، يَعْنِي هَذِه الْآيَة. وَهِي:{أَلا تحسبن الَّذين يفرحون} الْآيَة. هَكَذَا ذكر أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ أَن سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة هُوَ مَا ذكره، وَذكر أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: إِنَّمَا نزلت فِي أهل الْكتاب على مَا يَجِيء الْآن، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: نزلت فِي الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا. وَذكر الْفراء أَنَّهَا نزلت فِي قَول الْيَهُود: نَحن أهل الْكتاب الأول وَالصَّلَاة وَالطَّاعَة، وَمَعَ ذَلِك لَا يقرونَ بِمُحَمد، فَنزلت:{وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} وَعُمُوم اللَّفْظ يتَنَاوَل كل من أَتَى بحسنة ففرح بهَا فَرح إعجاب واحب أَن يحمده النَّاس ويثنوا عَلَيْهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ.