للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكسر الرَّاء وبالقاف يَعْنِي غص لِأَنَّهُ حسد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَانَ سَبَب نفَاقه يُقَال غص الرجل بِالطَّعَامِ وشرق بِالْمَاءِ وشجي بالعظم إِذا اعْترض شَيْء فِي الْحلق فَمنع الإساغة قَوْله " بذلك " أَي بِمَا أَتَى بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " فَذَلِك فعل بِهِ مَا رَأَيْت " أَي الَّذِي أَتَى الله بِهِ من الْحق فعل بِهِ مَا رَأَيْت مِنْهُ من قَوْله وَفعله القبيحين وَمَا رَأَيْت فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ مفعول فعل وَمَا مَوْصُولَة وصلتها محذوفة وَالتَّقْدِير الَّذِي رَأَيْته قَوْله " فَعَفَا عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَكَانَ الْعَفو مِنْهُ قبل أَن يُؤذن لَهُ فِي الْقِتَال كَمَا يذكرهُ فِي الحَدِيث قَوْله قَالَ الله تَعَالَى {ولتسمعن} الْآيَة ولتسمعن خطاب للْمُؤْمِنين خوطبوا بذلك ليوطنوا أنفسهم على احْتِمَال مَا سيلقون من الْأَذَى والشدائد وَالصَّبْر عَلَيْهَا وَقَالَ ابْن كثير يَقُول الله تَعَالَى للْمُؤْمِنين عِنْد مقدمهم الْمَدِينَة قبل وقْعَة بدر مسليا لَهُم عَمَّا ينالهم من الْأَذَى من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين وَأمرهمْ بِالصبرِ والصفح حَتَّى يفرج الله تَعَالَى عَنْهُم قَوْله {فَإِن ذَلِك} أَي فَإِن الصَّبْر وَالتَّقوى قَوْله {من عزم الْأُمُور} أَي مِمَّا عزم الله أَن يكون ذَلِك عَزمَة من عَزمَات الله لَا بُد لكم أَن تصبروا وتتقوا قَوْله " حَتَّى أذن الله فيهم " أَي فِي قِتَالهمْ وَترك الْعَفو عَنْهُم وَلَيْسَ المُرَاد أَنه ترك الْعَفو أصلا بل بِالنِّسْبَةِ إِلَى ترك الْقِتَال وَلَا ووقوعه أخيرا وَإِلَّا فعفوه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن كثير من الْمُشْركين وَالْيَهُود بالمن وَالْفِدَاء وصفحه عَن الْمُنَافِقين مَشْهُور فِي الْأَحَادِيث وَالسير قَوْله " صَنَادِيد " جمع صنديد وَهُوَ السَّيِّد الْكَبِير فِي الْقَوْم قَوْله " وَعَبدَة الْأَوْثَان " من عطف الْخَاص على الْعَام وَفَائِدَته الإيذان بِأَن إِيمَانهم كَانَ أبعد وضلالهم أَشد قَوْله " قد توجه " أَي ظهر وَجهه قَوْله " فَبَايعُوا " بِصُورَة الْجُمْلَة الْمَاضِيَة وَيحْتَمل أَن يكون بِصِيغَة الْأَمر -

١٦ - (بابٌ: {لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} (آل عمرَان: ١٨٨)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله: {لَا يَحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} وَلَفظ بَاب مَا ذكره إلاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر. قَوْله: (لَا يَحسبن) بِالْيَاءِ وبالباء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة. وَقَوله: (الَّذين يفرحون) فَاعله، وقرىء بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق خطاب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقرىء بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة على أَنه خطاب للْمُؤْمِنين. قَوْله: (بِمَا أَتَوا) أَي: بِمَا فعلوا وَلَفظ: أُتِي وَجَاء، يجيئان بِمَعْنى: فعل. قَالَ الله عز وَجل: {أَنه كَانَ وعده مأتيا} (مَرْيَم: ٦١) {لقد جِئْت شَيْئا فريا} (مَرْيَم: ٢٧) .

٤٥٦٧ - ح دَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بُن جَعْفَرٍ قَالَ حدَّثني زَيْدُ بنُ أسْلَ عنْ عَطَاءِ ابنِ يَسَارٍ عَنْ أبِي سَعِيد الخُدْرِيِّ رَضِي الله عَنهُ أنَّ رِجالاً مِنَ المُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إذَا خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَى الغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خلافَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإذَا قَدِمَ رَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتَذَرُوا إلَيْهِ وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أنْ يَفْعَلُوا فَنَزَلَتْ {لَا تَحْسَبن الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} الآيَةَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهِي: أَيْضا فِي بَيَان سَبَب نزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْمدنِي، وَعَطَاء ابْن يسَار ضد الْيَمين.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي وَمُحَمّد بن سهل، كِلَاهُمَا عَن سعيد بن أبي مَرْيَم.

قَوْله: (بِمَقْعَدِهِمْ) ، أَي: بقعودهم، وَهُوَ مصدر ميمي. قَوْله: (فَنزلت) ، يَعْنِي هَذِه الْآيَة. وَهِي: {أَلا تحسبن الَّذين يفرحون} الْآيَة. هَكَذَا ذكر أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ أَن سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة هُوَ مَا ذكره، وَذكر أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: إِنَّمَا نزلت فِي أهل الْكتاب على مَا يَجِيء الْآن، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: نزلت فِي الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا. وَذكر الْفراء أَنَّهَا نزلت فِي قَول الْيَهُود: نَحن أهل الْكتاب الأول وَالصَّلَاة وَالطَّاعَة، وَمَعَ ذَلِك لَا يقرونَ بِمُحَمد، فَنزلت: {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} وَعُمُوم اللَّفْظ يتَنَاوَل كل من أَتَى بحسنة ففرح بهَا فَرح إعجاب واحب أَن يحمده النَّاس ويثنوا عَلَيْهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ.

٤٥٦٨ - حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبَرنا هِشامٌ أنَّ ابنُ جُرَيْجٍ أخبَرهُمْ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ أنَّ عَلْقَمَةَ بنَ وَقَّاصٍ أخْبَرَهُ أنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إلَى ابنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَئِنْ كَانَ كلُّ امْرِىءٍ فَرِحَ بِمَا أُوْتِيَ وَأَحَبَّ أنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذّبا لَنُعَذِّبَنَّ أجْمَعُونَ فَقَالَ ابنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>