للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وعقلت الْجمل فِي نَاحيَة البلاط) . قيل: هُنَا نظر من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن الْمَذْكُور فِي التَّرْجَمَة على البلاط وَالْمَذْكُور فِي الحَدِيث فِي نَاحيَة البلاط وناحية الشَّيْء غَيره. وَالْآخر: أَن فِي التَّرْجَمَة أَو بَاب الْمَسْجِد وَلَيْسَ فِي الحَدِيث ذَلِك. قلت: يُمكن الْجَواب عَن الأول: بِأَن يكون المُرَاد بِنَاحِيَة البلاط طرفها، وَكَانَ عقل الْجمل بطرفها، وَلَا يَتَأَتَّى إلَاّ بالطرف. وَعَن الثَّانِي: بِأَنَّهُ ألحق بَاب الْمَسْجِد بِمَا قبله فِي الحكم قِيَاسا عَلَيْهِ، وَقيل: أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا ورد فِي بعض طرقه. قلت: هَذَا لَا بَأْس بِهِ إِن ثَبت مَا ادَّعَاهُ من ذَلِك، وَمَعَ هَذَا فالموضع كُله مَوضِع تَأمل.

وَمُسلم هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم، وَأَبُو عقيل، بِالْفَتْح: هُوَ بشير ضد النذير ابْن عقبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف الدَّوْرَقِي، وَأَبُو المتَوَكل هُوَ عَليّ النَّاجِي، بالنُّون وَالْجِيم وياء النِّسْبَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن عقبَة بن مكرم.

قَوْله: (فَقلت) ، أَي: قَالَ جَابر: فَقلت: يَا رَسُول الله! هَذَا جملك، وَهُوَ الْجمل الَّذِي اشْتَرَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ فِي السّفر، وَقد مرت قصَّته فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب شِرَاء الدَّوَابّ وَالْحمير. قَوْله: (فَخرج) أَي: النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الْمَسْجِد. قَوْله: (فَجعل يطِيف بالجمل) ، أَي: يلم بِهِ ويقاربه. قَوْله: (قَالَ الثّمن) ، أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثمن الْجمل والجمل لَك، يَعْنِي: كِلَاهُمَا لَك، وَهَذَا يدل على غَايَة كرم النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَن جَابِرا عِنْده بِمَنْزِلَة.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ ابْن بطال: فِيهِ: أَن رحاب الْمَسْجِد مناخ للبعير. وَفِيه: جَوَاز إِدْخَال الْأَمْتِعَة فِي الْمَسْجِد، قِيَاسا على الْبَعِير. وَفِيه: حجَّة لمَالِك والكوفيين فِي طَهَارَة أَبْوَال الْإِبِل وأرواثها. وَفِيه: رد على الشَّافِعِي فِيمَا قَالَ بنجاستها، قَالَ ابْن بطال: وَهَذَا خلاف مِنْهُ، لدَلِيل الحَدِيث، وَلَو كَانَت نَجِسَة كَمَا زعم مَا كَانَ لجَابِر إِدْخَال الْبَعِير فِي الْمَسْجِد، وَحين رَآهُ الشَّارِع لم يُنكر عَلَيْهِ، وَلَو كَانَت نَجِسَة لأَمره بإخراجها من الْمَسْجِد خشيَة مَا يكون فِيهِ من الروث وَالْبَوْل، إِذْ لَا يُؤمن من حُدُوث ذَلِك مِنْهَا. انْتهى. قلت: أجَاب الْكرْمَانِي عَن ذَلِك بقوله: أَقُول: لَا دَلِيل على دُخُول الْبَعِير فِي الْمَسْجِد وَلَا على حُدُوث الْبَوْل والروث فِيهِ على تَقْدِير الْحُدُوث، فقد يغسل الْمَسْجِد وينظف مِنْهُ، فَلَا حجَّة لَهُم وَلَا رد عَلَيْهِ، أَي: على الشَّافِعِي. قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء من الْجَواب، لِأَن جَابِرا صرح بِأَنَّهُ عقل جمله فِي نَاحيَة بلاط الْمَسْجِد، وَهُوَ رحاب الْمَسْجِد وللرحاب حكم الْمَسْجِد، وَقَوله: وَلَا على حُدُوث الْبَوْل والروث فِيهِ، لم يقل بِهِ الرَّاد، وَإِنَّمَا قَالَ: لَا يُؤمن حُدُوثه، فَلَو كَانَ بَوْله وروثه نجسا لمَنعه من ذَلِك. وَقَوله: وعَلى تَقْدِير الْحُدُوث ... إِلَى آخِره، جَوَاب بطرِيق التسلم فَلَيْسَ بِجَوَاب، لِأَنَّهُ لَا يجوز السُّكُوت عَن ذَلِك، مَعَ الْعلم بِنَجَاسَتِهِ اكْتِفَاء بِالْغسْلِ والتنظيف، وَأجَاب صَاحب (التَّوْضِيح) عَن ذَلِك بقوله: ومذهبه جَوَاز إِدْخَاله فِيهِ، وَلَا يرد عَلَيْهِ مَا ذكره، فَسلم من التعسف الْمَذْكُور.

٧٢ - (بابُ الوُقُوفِ والْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ القَوْمِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الْوُقُوف وَالْبَوْل عِنْد سباطة قوم، والسباطة، بِالضَّمِّ: الكناسة، وَقيل: المزبلة، ومعناهما مُتَقَارب، لِأَن الكناسة: الزبل الَّذِي يكنس.

١٧٤٢ - حدَّثني سُلَيْمَانُ بنُ حَرْب عنْ شُعْبَةَ عنْ مَنْصُورٍ عنْ أبِي وائِلٍ عنْ حُذَيْفَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْ قالَ لَقَدْ أتَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبالَ قائِماً.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة الْكُوفِي، وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الْوضُوء فِي: بَاب الْبَوْل قَائِما، وَفِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن آدم عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن حُذَيْفَة وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور عَن أبي وَائِل ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصًى.

٨٢ - (بابُ مَنْ أخَذَ الْغُصْنَ وَمَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ فرَمَى بِهِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ثَوَاب من أَخذ الْغُصْن، أَي غُصْن كَانَ، من أَي شجر كَانَ، مِمَّا يشوش على المارين فِي الطَّرِيق. قَوْله: (وَمَا يُؤْذِي) أَي: وَفِي ثَوَاب من أَخذ مَا يُؤْذِي النَّاس، وَهَذَا أَعم من الأول لِأَنَّهُ يَشْمَل الْغُصْن وَالْحجر وَنَحْوهمَا مِمَّا يحصل

<<  <  ج: ص:  >  >>