للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بنسبته إِلَى جده، وَاللَّيْث مَذْكُور مُجَردا وَعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز مَذْكُور بلقبه.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث بن سعد عَن أَبِيه عَن جده بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فأفضنا) ، من الْإِفَاضَة أَي: طفنا طواف الْإِفَاضَة. قَوْله: (صَفِيَّة) هِيَ بنت حييّ بن أَخطب أم الْمُؤمنِينَ. قَوْله: (فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا) أَي: من صَفِيَّة: (مَا يُرِيد الرجل من أَهله) أَي: من زَوجته، وَهَذَا كِنَايَة عَن إِرَادَة الْجِمَاع، وَهَذَا من محَاسِن مُرَاعَاة عَائِشَة طرق كَلَامهَا حَيْثُ لم تصرح باسم من أَسمَاء الْجِمَاع. قَوْله: (حابستنا هِيَ) جملَة إسمية فَقَوله: (هِيَ) مُبْتَدأ، و (حابستنا) خَبره، وَلَا يجوز الْعَكْس إلَاّ أَن يُقَال: الْهمزَة مقدرَة قبل: حابستنا، فَيجوز الْأَمر أَن حِينَئِذٍ لِأَن كلمة: هِيَ، وَإِن كَانَت مضمرة لَكِنَّهَا ظَاهِرَة. قَوْله: (قَالَ: اخْرُجُوا) أَي: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سمع مِنْهُم أَنهم قَالُوا أفاضت صَفِيَّة يَوْم النَّحْر: أخرجُوا، وَكَانَ ظن أَنَّهَا لم تطف طواف الزِّيَارَة فتحبسهم إِلَى أَن تطهر فَتَطُوف طواف الزِّيَارَة، فَلَمَّا قَالُوا: إِنَّهَا أفاضت يَوْم النَّحْر قَالَ لَهُم: أخرجُوا يَعْنِي: إرحلوا، وَرخّص لَهَا فِي ترك طواف الْوَدَاع لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِب على قَول أَكثر الْعلمَاء إلَاّ خلافًا شاذا يرْوى عَن بعض السّلف أَنَّهَا لَا تنفر حَتَّى تودع، والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ. وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : إِذا ترك طواف الْوَدَاع لزمَه دم، هَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد الشَّافِعِي، وَبِه قَالَ أَكثر الْعلمَاء، فَهُوَ وَاجِب. وَقَالَ مَالك وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذر: هُوَ سنة لَا شَيْء فِي تَركه، وَعَن مُجَاهِد رِوَايَتَانِ كالمذهبين.

وَمن فَوَائِد هَذَا الحَدِيث مَا قَالَه الْقُرْطُبِيّ، قَوْله: (حابستنا هِيَ) دَلِيل أَن الكري يحبس على الَّتِي حَاضَت وَلم تطف طواف الْإِفَاضَة حَتَّى تطهر، وَهُوَ قَول مَالك، وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يحبس عَلَيْهَا كري، ولتكر حملهَا أَو يحمل مَكَانهَا غَيرهَا، وَهَذَا كُله فِي الْأَمْن وَوُجُود ذِي الْمحرم، وَأما مَعَ الْخَوْف أَو عدم ذِي الْمحرم فَلَا تحبس بِاتِّفَاق، إِذْ لَا يُمكن أَن يسير بهَا وَحدهَا، وَيفْسخ الْكرَى وَلَا يحبس عَلَيْهَا الرّفْقَة. وَمن فَوَائده: أَن فِي قَوْلهَا: (فَأَرَادَ مِنْهَا مَا يُرِيد الرجل من أَهله) : أَنه لَا بَأْس بالإعلام بذلك، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوه أَن يَغْشَاهَا حَيْثُ يُسمع أَو يُرى.

ويُذْكَرُ عَنِ القَاسِمِ وَعُرْوَةَ والأسْوَدِ عنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أفاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ

أَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذِهِ الصِّيغَة إِلَى أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن لم ينْفَرد عَن عَائِشَة فِي رِوَايَته عَنْهَا بذلك، أما طَرِيق الْقَاسِم فقد أخرجه مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قَالَ: حَدثنَا أَفْلح عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد (عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: كُنَّا نتخوف أَن تحيض صَفِيَّة قبل أَن تفيض. قَالَت: فجاءنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: أحابستنا صَفِيَّة؟ فَقُلْنَا: قد أفاضت قَالَ: فَلَا إِذن) . وَأما طَرِيق عُرْوَة فَأخْرجهُ البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي من طَرِيق شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَن صَفِيَّة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، حَاضَت بَعْدَمَا أفاضت. . الحَدِيث على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَأخرجه مُسلم أَيْضا من طَرِيق اللَّيْث عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة وَعُرْوَة عَن عَائِشَة، قَالَت: حَاضَت صَفِيَّة ... الحَدِيث، وَفِي آخِره، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فلتنفروا. وَأما طَرِيق الْأسود فَأخْرجهُ البُخَارِيّ مَوْصُولا فِي: بَاب الإدلاج من المحصب، بِلَفْظ: حَاضَت صَفِيَّة ... الحَدِيث، وَفِيه: أطافت يَوْم النَّحْر؟ قيل: نعم قَالَ: فانفري. وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من تسع طرق وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي كتاب الْحيض من حَدِيث عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن (عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَت لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن صَفِيَّة بنت حييّ قد حَاضَت. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّهَا تحبسنا إِن لم تكن طافت معكن؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ فاخرجي) ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

٠٣١ - (بابٌ إذَا رَمَى بَعْدَ مَا أمْسَى أوْ حَلَقَ قَبْلَ أنْ يَذْبَحَ ناسِيا أوْ جَاهِلاً)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا رمى الْحَاج جَمْرَة الْعقبَة بَعْدَمَا أَمْسَى، أَي: بعد مَا دخل فِي الْمسَاء يَعْنِي إِذا رَمَاهَا لَيْلًا، وَيُطلق الْمسَاء على مَا بعد الزَّوَال أَيْضا على مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى، أَو حلق يَوْم النَّحْر قبل أَن يذبح هَدْيه. قَوْله: (نَاسِيا) ، نصب على الْحَال، وأوجاهلاً) كَذَلِك عطف عَلَيْهِ، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره: لَا حرج عَلَيْهِ، وَلم يذكرهُ اكْتِفَاء بِمَا ذكر فِي الحَدِيث أَو سكت عَنهُ إِشَارَة إِلَى أَن فِيهِ خلافًا. وَهَذِه التَّرْجَمَة تشْتَمل على حكمين: أَحدهمَا: رمي جَمْرَة الْعقبَة بِاللَّيْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>