فَخرَجَ بَيْنَ رجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ فِي الأرْضِ بَيْنَ عَبَّاسٍ وآخَرَ، فأخْبَرْتُ ابنَ عبَّاسٍ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عائِشةُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ. قالَتْ عائشَةُ: فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَعْدَما دخَلَ بَيتُهَا واشْتَدَّ بِهِ وجَعُهُ: هَريقُوا عَليَّ مِنْ سَبْعِ قِرَب لَمْ تُحْلَلْ أوْ كيَتُهُنَّ لَعَلِّي أعْهَدُ إِلَى النَّاسِ، قالَتْ: فأجْلَسْناهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثُمَّ طفِقْنا نصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ القِرَبِ حتَّى جَعَلَ يُشِيرُ إلَيْنا أنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ. قالتْ: وخَرَجَ إِلَى النَّاس فَصَلَّى لَهُمْ وخَطَبَهُمْ.
قيل: لَا وَجه لذكر هَذَا الحَدِيث هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذكر اللدود، وَلَا للباب الْمُجَرّد تَرْجَمَة حَتَّى يطْلب بَينهمَا الْمُطَابقَة. وَأجِيب بِجَوَاب فِيهِ تعسف، وَهُوَ أَنه: يحْتَمل أَن يكون بَينه وَبَين الحَدِيث السَّابِق نوع تضَاد، لِأَن فِي الأول. فعلوا مَا لم يَأْمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحصل عَلَيْهِم الْإِنْكَار واللوم بذلك، وَفِي هَذَا فعلوا مَا أَمر بِهِ وَهُوَ ضد ذَاك فِي الْمَعْنى، والأشياء تتبين بضدها.
وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن مُحَمَّد السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي.
والْحَدِيث مضى فِي مَوَاضِع بِطُولِهِ أَولهَا فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بَاب الْغسْل وَالْوُضُوء فِي المخضب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ الخ ... وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (أَن يمرض) على صِيغَة الْمَجْهُول من التمريض وَهُوَ الْقيام على الْمَرِيض وتعاهده. قَوْله. (فَأذن) بنُون الْجمع الْمُشَدّدَة. قَوْله: (هريقوا) ويروى: (أريقوا وأهريقوا) ، أَي: صبوا. قَوْله: (أوكيتهن) جع الوكاء وَهُوَ مَا يشد بِهِ رَأس الْقرْبَة، وَإِنَّمَا اشْترط هَذَا لِأَن الْأَيْدِي لم تخالطه، وَأول المَاء أطهره وأصفاه. قَوْله: (لعَلي أَعهد) أَي: أوصِي. قَوْله: (فِي مخضب) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْمُعْجَمَة الأولى وَهِي الإجانة الَّتِي تغسل فِيهَا الثِّيَاب. قَوْله: (طفقنا) أَي: شرعنا نصب المَاء عَلَيْهِ. قَوْله: (أَن قد فعلتن) ويروى: أَن قد فَعلْتُمْ، وَكِلَاهُمَا صَحِيح بِاعْتِبَار الْأَنْفس والأشخاص، أَو بِاعْتِبَار التغليب، وَهَذَا كثير.
٢٣ - (بابُ العُذْرَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْعذرَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وبالراء، وَهُوَ وجع الْحلق وَهُوَ الَّذِي يُسمى: سُقُوط اللهاة، بِفَتْح اللَّام وَهِي اللحمة الَّتِي تكون فِي أقْصَى الْحلق.
٥٧١٥ - حدّثنا أبُو اليَمان أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله أنَّ أُُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ الأسَديَّةَ أسَدَ خُزَيْمةَ وكانَتْ منَ المُهاجِرَاتِ الأَُوَلِ اللاتِي بايَعْنَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْيَ أُخْتُ عُكاشَةَ أخْبَرَتْهُ أنَّها أتَتْ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بابنٍ لَهَا قَدْ أعْلَقَتْ عليْهِ مِنَ العُذْرَةِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَلى مَا تَدْغَرْنَ أوْلادَكُنَّ بِهَذَا العِلَاقِ؟ عَليْكُمْ بِهَذَا العُودِ الْهِنْدِيِّ فإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أشْفِيَةٍ مِنْها ذَاتُ الجَنْبِ.
يُرِيدُ الكُسْتَ وهْوَ العُودُ الْهِنْدِيُّ.
وَقَالَ يُونُسُ وإسْحاقُ بنُ رَاشِدٍ عنِ نالزُّهْرِيِّ: عَلَّقَتْ علَيْهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث قد مر عَن قريب فِي: بَاب اللدود عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن حَمْزَة، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة.
قَوْله: (وَكَانَت من الْمُهَاجِرَات) يحْتَمل أَن يكون من كَلَام الزُّهْرِيّ فَيكون مدرجاً، وَيحْتَمل أَن يكون من كَلَام شَيْخه فَيكون مَوْصُولا. قَوْله: (أَسد خُزَيْمَة) إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِئَلَّا يتَوَهَّم أَنه من أَسد بن عبد الْعُزَّى، أَو من أَسد بن ربيعَة، أَو من أَسد بن سُوَيْد بِضَم السِّين. قَوْله: (قد أعلقت عَلَيْهِ) أَي: قد عالجته بِرَفْع الحنك بإصبعها، قَوْله: (تدغرن) بِالْمُهْمَلَةِ والمعجمة وَالرَّاء خطاب للنسوة، قَوْله: (بِهَذَا العلاق) بالحركات الثَّلَاث وَمر عَن قريب. قَوْله: (عَلَيْكُم) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (عليكن) .
قَوْله: (وَقَالَ يُونُس) تَعْلِيق هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَإِسْحَاق بن رَاشد الْجَزرِي بِالْجِيم وَالزَّاي