من رِوَايَة خَالِد الْحذاء عَن أبي عُثْمَان. قَوْله بِلَفْظ: ثمَّ قَالَ: يَا عبد الله بن قيس! أَلا أعلمك كلمة ... إِلَى آخِره. قَوْله: (كنز) أَي كالكنز فِي كَونه أمرا نفسياً مدخراً مكنوناً عَن أعين النَّاس، وَهِي كلمة استسلام وتفويض إِلَى الله تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: لَا حِيلَة فِي دفع شَرّ وَلَا قُوَّة فِي تَحْصِيل خير إِلَّا بِاللَّه، وَفِي لَفْظَة: لَا حول وَلَا قُوَّة خَمْسَة أوجه ذكرهَا النُّحَاة. قَوْله: (لَا حول) يجوز أَن يكون مَنْصُوبًا محلا على تَقْدِير: أَعنِي، وَأَن يكون مجروراً على أَنه بدل من قَوْله: (هِيَ كنز) لِأَنَّهَا فِي مَحل الْجَرّ على أَنَّهَا صفة لقَوْله: (على كلمة) وَأَن يكون مَرْفُوعا على تَقْدِير: هُوَ لَا حول وَلَا قُوَّة إلَاّ بِاللَّه.
١٥ - (بابُ الدُّعاء إذَا هَبَطَ وادِياً)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء إِذا هَبَط وَاديا.
فِيهِ حَدِيثُ جابِرٍ
أَي: فِي هَذَا الْبَاب جَاءَ حَدِيث جَابر وَهَذَا إِنَّمَا ثَبت فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني، وَحَدِيث جَابر هُوَ الَّذِي مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب التَّسْبِيح إِذا هَبَط وَاديا، حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف حَدثنَا سُفْيَان عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر بن عبد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا إِذا صعدنا كبرنا وَإِذا نزلنَا سبحنا.
٢٥ - (بابُ الدُّعاءِ إذَا أرَادَ سَفَراً أوْ رَجعَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء إِذا أَرَادَ الشَّخْص سفرا أَو رَجَعَ عَنهُ.
فِيهِ يَحْيَى بنُ أبي إسْحاقَ عنْ أنَسٍ رَضِي الله عَنهُ
أَي: فِي هَذَا الْبَاب جَاءَ حَدِيث من رِوَايَة يحيى بن أبي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ، وَحَدِيثه سبق فِي الْجِهَاد فِي: بَاب مَا يَقُول إِذا رَجَعَ من الْغَزْو، وَحدثنَا أَبُو معمر أخبرنَا عبد الْوَارِث أخبرنَا يحيى بن أبي إِسْحَاق عَن أنس بن مَالك، قَالَ: (كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مقفله من عسفان وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَاحِلَته وَقد أرْدف صَفِيَّة ... الحَدِيث، وَفِي أَخّرهُ: فَلَمَّا أَشْرَفنَا على الْمَدِينَة قَالَ: آيبون تائبون عَابِدُونَ، لربنا حامدون) فَلم يزل يَقُول ذَلِك حَتَّى دخل الْمَدِينَة.
٥٨٣٦ - حدّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ نافِعِ عنْ عَبدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كانَ إذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أوْ حَجٍ أوْ عُمْرَةٍ يُكبِّرُ على كلِّ شَرَفٍ من الأرْضِ ثَلَاث تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلاّ الله وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهْوَ على كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ، لِرَبِّنا حامِدُونَ، صَدَقَ الله وعْدَهُ ونَصَرَ عَبْدَهُ وهَزَمَ الأحْزَابَ وحْدَهُ.
مطابقته للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة. فَإِن قلت: التَّرْجَمَة شَيْئَانِ. أَحدهمَا: الدُّعَاء إِذا أَرَادَ سفرا. وَالْآخر: الدُّعَاء إِذا رَجَعَ من السّفر، فَأَيْنَ الحَدِيث للْأولِ؟ وَحَدِيث يحيى بن أبي إِسْحَاق أَيْضا صَرِيح أَنه للجزء الثَّانِي؟ .
قلت: الحَدِيث الْمَذْكُور لَهُ طَرِيق آخر عِنْد مُسلم من رِوَايَة عَليّ بن عبد الله الْأَزْدِيّ عَن ابْن عمر فِي أَوله: كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره خَارِجا إِلَى سفر كبر ثَلَاثًا، قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا ... الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: وَإِذا رَجَعَ قالهن وَزَاد: آيبون تائبون ... الحَدِيث.
إِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أوبس.
قَوْله: (إِذا قفل) أَي: إِذا رَجَعَ. قَوْله: (من غَزْو أَو حج أَو عمْرَة) ظَاهره الِاخْتِصَاص بِهَذِهِ الثَّلَاثَة، وَلَيْسَ كَذَلِك عِنْد الْجُمْهُور، وَإِنَّمَا اقْتصر البُخَارِيّ على الثَّلَاث لانحصار سفر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا، بل يَقُول ذَلِك فِي كل سفر، لَكِن قَيده الشَّافِعِيَّة بسفر الطَّاعَة: كصلة الرَّحِم وَطلب الْعلم وَنَحْو ذَلِك، وَقيل: يشرع فِي سفر الْمعْصِيَة أَيْضا لِأَن مرتكب الْمعْصِيَة أحْوج إِلَى تَحْصِيل الثَّوَاب. قَوْله: (كل شرف) بِفتْحَتَيْنِ: الْمَكَان العالي. قَوْله: (آيبون) أَي: نَحن آيبون أَي: رَاجِعُون جمع آيب من