للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ الْخطابِيّ: لفظ: (أجل) فِيهِ دَلِيل على جَوَاز دُخُول الْآجَال فِي الْقَرْض. وَفِيه: فِي قَوْله: (أَخذهَا لأَهله حطبا) دَلِيل على أَن مَا يُوجد فِي الْبَحْر من مَتَاع الْبَحْر وَغَيره أَنه لَا شَيْء فِيهِ، وَهُوَ لمن وجده حَتَّى يسْتَحق مَا لَيْسَ من مَتَاع الْبَحْر من الْأَمْوَال كالدنانير وَالثيَاب وَشبه ذَلِك، فَإِذا اسْتحق رد إِلَى مُسْتَحقّه، وَمَا لَيْسَ لَهُ طَالب وَلم يكن لَهُ كثير قيمَة، وَحكم بِغَلَبَة الظَّن بانقطاعه كَانَ لمن وجده ينْتَفع بِهِ، وَلَا يلْزمه تَعْرِيفه إلَاّ أَن يُوجد فِيهِ دَلِيل يسْتَدلّ بِهِ على مَالِكه: كاسم رجل مَعْلُوم أَو عَلامَة، فيجتهد ملتقطها فِي أَمر التَّعْرِيف لَهُ، قَالَه الْمُهلب. وَفِيه: أَن من توكل على الله فَإِنَّهُ ينصره، فَالَّذِي نقر الْخَشَبَة وتوكل حفظ الله تَعَالَى مَاله، وَالَّذِي أسلفه وقنع بِاللَّه كَفِيلا أوصل الله تَعَالَى مَاله إِلَيْهِ. وَفِيه: جَوَاز ركُوب الْبَحْر بأموال النَّاس وَالتِّجَارَة. وَفِيه: أَن الله تَعَالَى متكفل بعون من أَرَادَ أَدَاء الْأَمَانَة، وَأَن الله يجازي أهل الإرفاق بِالْمَالِ بحفظه عَلَيْهِم مَعَ أجر الْآخِرَة، كَمَا حفظه على المسلف.

٦٦ - (بابٌ فِي الرِّكَازِ الخُمُسُ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ فِي الرِّكَاز الْخمس، وَالْخمس مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، وَفِي الرِّكَاز مقدما خَبره، وَقد مر تَفْسِير الرِّكَاز.

وَقَالَ مالِكٌ وَابنُ إدْرِيسَ الرِّكَازُ دِفْنُ الجَاهِلِيَّةِ فِي قَلِيلِهِ وكَثِيرِهِ الخُمُسُ ولَيْسَ المَعْدَنُ بِرِكَازٍ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمَالك هُوَ ابْن أنس صَاحب الْمَذْهَب الْمَشْهُور، وَابْن إِدْرِيس هُوَ مُحَمَّد بن إِدْرِيس، فَقَالَ ابْن التِّين: قَالَ أَبُو ذَر: يُقَال: هُوَ مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي، يَعْنِي صَاحب الْمَذْهَب، وَيُقَال: عبد الله بن إِدْرِيس الأودي الْكُوفِي، وَهُوَ الْأَشْبَه، وَقد جزم أَبُو زيد الْمروزِي أحد الروَاة عَن الْفربرِي بِأَنَّهُ الشَّافِعِي، يَعْنِي صَاحب الْمَذْهَب. وَتَابعه الْبَيْهَقِيّ وَجُمْهُور الْأَئِمَّة. قيل: يُؤَيّد ذَلِك أَنه وجد فِي عبارَة الشَّافِعِي دون الأودي، فروى الْبَيْهَقِيّ فِي (الْمعرفَة) من طَرِيق الرّبيع، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِي: والركاز الَّذِي فِيهِ الْخمس دفن الْجَاهِلِيَّة مَا وجد فِي غير ملك لأحد، وَأما فِي قَلِيله وكثيرة الْخمس فَهُوَ قَوْله فِي الْقَدِيم، كَمَا نَقله ابْن الْمُنْذر عَنهُ، وَاخْتَارَهُ. وَأما فِي الْجَدِيد فَقَالَ: لَا يجب فِيهِ الْخمس حَتَّى يبلغ نِصَاب الزَّكَاة، وَالتَّعْلِيق عَن مَالك رَوَاهُ أَبُو عبيد فِي (كتاب الْأَمْوَال) : حَدثنِي يحيى بن عبد الله بن بكير عَن مَالك، قَالَ: الْمَعْدن بِمَنْزِلَة الزَّرْع تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة كَمَا تُؤْخَذ من الزَّرْع تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة كَمَا تُؤْخَذ من الزَّرْع حِين يحصد. قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بركاز، وَإِنَّمَا الرِّكَاز دفن الْجَاهِلِيَّة الَّذِي يُوجد من غير أَن يطْلب بِمَال وَلَا يتَكَلَّف لَهُ كثير عمل. انْتهى. قَوْله: (دفن الْجَاهِلِيَّة) ، بِكَسْر الدَّال، بِمَعْنى: المدفون. قَوْله: (فِي قَلِيله) ، هُوَ الَّذِي لَا يبلغ نِصَابا، وَفِي كَثِيره مَا بلغ نِصَابا، قَوْله: (وَلَيْسَ الْمَعْدن بركاز) فَيجب فِيهِ ربع العُشر لَا الْخمس لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى عمل ومعالجة واستخراج، بِخِلَاف الرِّكَاز، وَقد جرت السّنة أَن مَا غلظت مُؤْنَته خفف عَنهُ فِي مِقْدَار الزَّكَاة، وَمَا خفف زيد فِيهِ، وَسمي الْمَعْدن لإِقَامَة التبر فِيهِ، لِأَنَّهُ من العدن وَهُوَ الْإِقَامَة.

وقَدْ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المَعْدِنِ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ

هَذَا من جملَة كَلَام مَالك وَابْن إِدْرِيس فِيمَا ذَهَبا إِلَيْهِ، أَرَادَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرق بَين الْمَعْدن والركاز، فَجعل الْمَعْدن جبارا وَأوجب فِي الرِّكَاز الْخمس، وَهَذَا التَّعْلِيق أسْندهُ فِي هَذَا الْبَاب، فَعَن قريب يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، والجبار، بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره رَاء: وَهُوَ الهدر لَيْسَ فِيهِ شَيْء.

وَأخَذَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ مِنَ المَعَادِنِ مِنْ كْلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً

أَي: خَمْسَة دَرَاهِم وَهُوَ ربع الْعشْر، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو عبيد فِي (كتاب الْأَمْوَال) من طَرِيق الثَّوْريّ عَن عبد الله بن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم نَحوه، وروى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة أَن عمر بن عبد الْعَزِيز جعل الْمَعْدن بِمَنْزِلَة الرِّكَاز يُؤْخَذ مِنْهُ الْخمس، ثمَّ عقب بِكِتَاب آخر فَجعل فِيهِ الزَّكَاة، قَالَ: وروينا عَن عبد الله بن أبي بكر أَن عمر بن عبد الْعَزِيز

<<  <  ج: ص:  >  >>