للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخذ من الْمَعَادِن من كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم، وَعَن أبي الزِّنَاد قَالَ: جعل عمر بن عبد الْعَزِيز فِي الْمَعَادِن أَربَاع الْعشْر إلَاّ أَن يكون ركزه، فَإِذا كَانَ ركزه فَفِيهَا الْخمس.

وَقَالَ الحَسَنُ مَا كانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أرْضِ الحَرْبِ فَفِيهِ الخُمُسُ ومَا كانَ منْ أرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ

الْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، قَوْله: (السّلم) بِكَسْر السِّين وَسُكُون اللَّام، وَهُوَ: الصُّلْح، وَهَذِه التَّفْرِقَة لم تعرف عَن غَيره، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عَاصِم الْأَحول عَنهُ بِلَفْظ: (إِذا وجد الْكَنْز فِي أَرض الْعَدو فَفِيهِ الْخمس، وَإِذا وجد فِي أَرض الْعَرَب فَفِيهِ الزَّكَاة) .

وإنْ وَجَدْتَ اللقَطَةَ فِي أرْضِ العَدُوِّ فَعَرِّفْهَا وَإنْ كَانَتْ مِنَ العَدُوِّ فَفِيهَا الخُمُسُ

هَذَا من تَتِمَّة كَلَام الْحسن، وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا عباد بن الْعَوام عَن هِشَام عَن الْحسن: الرِّكَاز الْكَنْز العادي وَفِيه الْخمس، واللقطة، بِفَتْح الْقَاف وسكونها، لَكِن الْقيَاس أَن يُقَال بِالْفَتْح للاّقط، وبسكون الْقَاف للملقوط، وَإِن كَانَت اللّقطَة مَال الْعَدو فَلَا حَاجَة إِلَى التَّعْرِيف، بل يملكهَا وَيجب فِيهَا الْخمس، وَلَا يكون لَهَا حكم اللّقطَة بِخِلَاف مَا لَو كَانَت فِي أَرض الْعَدو والمحتملة لكَونهَا للْمُسلمين.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ المَعْدَنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الجِاهِلِيَّةِ لأنَّهُ يُقَالُ أرْكَزَ المَعْدِنُ إذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيءٌ قِيلَ لَهُ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيءٌ أوْ رَبِحَ رِبْحا كَثِيرا أوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أرْكَزْتَ ثُمَّ نَاقَضَ وَقَالَ لَا بَأسَ أنْ يَكْتُمَهُ فَلَا يُؤَدِّيَ الخُمُسَ

قَالَ ابْن التِّين: المُرَاد بِبَعْض النَّاس هُوَ أَبُو حنيفَة. قلت: جزم ابْن التِّين بِأَن المُرَاد بِهِ هُوَ أَبُو حنيفَة من أَيْن أَخذه فَلم لَا يجوز أَن يكون مُرَاده هُوَ سُفْيَان الثَّوْريّ من أهل الْكُوفَة، وَالْأَوْزَاعِيّ من أهل الشَّام، فَإِنَّهُمَا قَالَا مثل مَا قَالَ أَبُو حنيفَة: أَن الْمَعْدن كالركاز وَفِيه الْخمس فِي قَلِيله وَكَثِيره، على ظَاهر قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وَفِي الرِّكَاز الْخمس) ، وَلَكِن الظَّاهِر أَن ابْن التِّين لما وقف على مَا قَالَه البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) فِي حق أبي حنيفَة مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يذكر فِي حق أحد من أَطْرَاف النَّاس، فضلا أَن يُقَال فِي حق إِمَام هُوَ أحد أَرْكَان الدّين، صرح بِأَن المُرَاد بِبَعْض النَّاس أَبُو حنيفَة، وَلَكِن لَا يرْمى إلَاّ شجر فِيهِ ثَمَر، وَهَذَا ابْن بطال قَالَ: ذهب أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَغَيرهمَا إِلَى أَن الْمَعْدن كالركاز، وَاحْتج لَهُم بقول الْعَرَب: أركز الرجل إِذا أصَاب ركازا، وَهِي قطع من الذَّهَب تخرج من الْمَعَادِن، وَهَذَا قَول صَاحب الْعين، وَأبي عبيد. وَفِي (مجمع الغرائب) : الرِّكَاز الْمَعَادِن. وَفِي (النِّهَايَة) : لِابْنِ الْأَثِير: الْمَعْدن والركاز وَاحِد، فَإِذا علم ذَلِك بَطل التشنيع على أبي حنيفَة.

قَوْله: (مثل دفن الْجَاهِلِيَّة) بِكَسْر الدَّال كَمَا ذكرنَا عَن قريب بِمَعْنى: المدفون. قَوْله: (لِأَنَّهُ يُقَال، أركز الْمَعْدن إِذا خرج مِنْهُ شَيْء) ، وَالضَّمِير فِي: لِأَنَّهُ، ضمير الشَّأْن، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى تَعْلِيل من يَقُول: إِن الْمَعْدن هُوَ الرِّكَاز، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ لم ينْقل عَنْهُم وَلَا عَن الْعَرَب أَنهم قَالُوا: أركز الْمَعْدن، وَإِنَّمَا قَالُوا: أركز الرجل، فَإِذا لم يكن هَذَا صَحِيحا فَكيف يتَوَجَّه الْإِلْزَام بقول الْقَائِل: قد يُقَال لمن وهب لَهُ ... إِلَى آخِره؟ أَرَادَ أَنه يلْزم أَن يُقَال: كل وَاحِد من الْمَوْهُوب وَالرِّبْح وَالثَّمَر ركاز، فَيجب فِيهِ الْخمس، وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْوَاجِب فِيهِ العُشر، وَمعنى: أركز الرجل صَار لَهُ ركاز من قطع الذَّهَب، كَمَا ذكرنَا، وَلَا يلْزم مِنْهُ أَنه أذا إِذا وهب لَهُ شَيْء أَن يُقَال لَهُ: أركزتَ، بِالْخِطَابِ، وَكَذَلِكَ إِذا ربح ربحا كثيرا أَو كثر ثمره، وَلَو علم الْمُعْتَرض أَن معنى: أفعل، هَهُنَا مَا هُوَ، وَلما اعْترض وَلَا أفحش فِيهِ، وَمعنى: أفعل، هُنَا للصيرورة يَعْنِي: لصيرورة الشَّيْء مَنْسُوبا إِلَى مَا اشتق مِنْهُ الْفِعْل، كأغدَّ الْبَعِير. أَي: صَار ذَا غُدَّة. وَمعنى: أركز الرجل، صَار لَهُ ركاز من قطع الذَّهَب، كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَلَا يُقَال إلَاّ بِهَذَا الْقَيْد، أَعنِي من قطع الذَّهَب، وَلَا يُقَال: أركز الرجل مُطلقًا. قَوْله: (ثمَّ نَاقض) أَي:

<<  <  ج: ص:  >  >>