للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَاقض هَذَا الْقَائِل قَوْله، وَجه هَذِه المناقضة على زَعمه أَنه قَالَ، أَولا: الْمَعْدن يجب فِيهِ الْخمس، لِأَنَّهُ ركاز، وَقَالَ ثَانِيًا: إِنَّه لَا يُؤدى الْخمس فِي الرِّكَاز، وَهُوَ متناول للمعدن. قَوْله: (أَن يَكْتُمهُ) أَي: عَن السَّاعِي حَتَّى لَا يُطَالب بِهِ. قلت: هَذَا لَيْسَ بمناقضة لِأَنَّهُ فهم من كَلَام هَذَا الْقَائِل غير مَا أَرَادَهُ فصدر هَذَا عَنهُ بِلَا تَأمل وَلَا ترو.

بَيَان ذَلِك أَن الطَّحَاوِيّ حكى عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ: من وجد ركازا فَلَا بَأْس أَن يُعْطي الْخمس للْمَسَاكِين وَإِن كَانَ مُحْتَاجا جَازَ لَهُ أَن يَأْخُذهُ لنَفسِهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو حنيفَة أَنه تَأَول أَن لَهُ حَقًا فِي بَيت المَال، ونصيبا فِي الْفَيْء، فَلذَلِك لَهُ أَن يَأْخُذ الْخمس لنَفسِهِ عوضا من ذَلِك، وَلَقَد صدق الشَّاعِر:

(وَكم من عائب قولا صَحِيحا ... وآفته من الْفَهم السقيم)

والكرماني أَيْضا مَشى فِي مشيهم، وَلكنه اعْترف أَن النَّقْض تعسف، حَكَاهُ عَن ابْن بطال، وَرَضي بِهِ. وَقَالَ بَعضهم: نقل الطَّحَاوِيّ عَن أبي حنيفَة أَيْضا أَنه: لَو وجد فِي دَاره معدنا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء، ثمَّ قَالَ: وَبِهَذَا يتَّجه اعْتِرَاض الطَّحَاوِيّ. قلت: مَعْنَاهُ: لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء فِي الْحَال إلَاّ إِذا حَال الْحول وَكَانَ نِصَابا يجب فِيهِ الزَّكَاة، وَبِه قَالَ أَحْمد، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يجب الْخمس فِي الْحَال، وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ: الزَّكَاة فِي الْحَال، وَهَذَا مُخَالف لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول) ، وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَالْفرق بَين الْمَعْدن والركاز أَن الْمَعْدن يحْتَاج إِلَى عمل ومؤونة ومعالجة، بِخِلَاف الرِّكَاز. قلت: هَذَا شَيْء عَجِيب لِأَنَّهُ لَيْسَ بِهَذَا يعرف حَقِيقَة كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا هِيَ، وَالْفرق بَين الْأَشْيَاء بِبَيَان ماهياتها وحقائقها، وَالَّذِي ذكره هَذَا من اللوازم الخارجية عَن الْمَاهِيّة.

٩٩٤١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ وعَنْ أبي سلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ العَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالبِئْرُ جُبَارٌ والمَعْدَنُ جُبارٌ وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ..

التَّرْجَمَة هِيَ عين متن الْجُزْء الْأَخير من الحَدِيث، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.

ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن مُحَمَّد بن رَافع عَن إِسْحَاق بن عِيسَى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزَّكَاة وَفِي الرِّكَاز عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه مُسلم أَيْضا وَأَصْحَاب السّنَن من رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ، وَأوردهُ البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام وَلَيْسَ فِي رِوَايَته، وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة ذكر لأبي سَلمَة، وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن الْمسيب فَقَط، وَرَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة الْأسود بن الْعَلَاء عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ؛ (الْبِئْر جرحها جَبَّار والمعدن جرحه جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس) . وَاتفقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ من رِوَايَة مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: (العجماء عقلهَا جَبَّار) الحَدِيث، وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي (الْعِلَل) وَقد سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث: إِنَّه اخْتلف فِيهِ على الزُّهْرِيّ فِي كَونه عَن ابْن الْمسيب وَأبي سَلمَة، أَو عَن سعيد فَقَط، أَو عَن أبي سَلمَة فَقَط، أَو عَن سعيد بن الْمسيب وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، أَو عَن عبيد الله وَحده، وَأَنه اخْتلف فِيهِ على اللَّيْث وعَلى مَالك وعَلى ابْن عُيَيْنَة وعَلى يُونُس ابْن يزِيد، فَقيل: عَن اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَحده، وَرَوَاهُ القعْنبِي وَمصْعَب عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد فَقَط، وَقَالَ ابْن وهب: عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَحده، وَرَوَاهُ شبيب بن سعيد عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة وَرَوَاهُ ابْن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله وَحده. قَالَ: وَالصَّحِيح عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة. قَالَ: وَحَدِيثه عَن عبيد الله غير مَدْفُوع لِأَنَّهُ قد اجْتمع عَلَيْهِ إثنان، وَلما رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا اللَّيْث بن سعد عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (العجماء جَبَّار) الحَدِيث.

قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن أنس بن مَالك وَعبد الله بن عَمْرو وَعبادَة بن الصَّامِت وَعَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ وَجَابِر. قلت: وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن عبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَبَّاس وَزيد بن أَرقم وَأبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وسراء بنت نَبهَان الغنوية. فَحَدِيث أنس عِنْد أَحْمد وَالْبَزَّار مطولا، وَفِيه: (هَذَا ركاز وَفِيه الْخمس) . وَحَدِيث عبد الله بن عمر وَعند

<<  <  ج: ص:  >  >>