وَلَيْسَ أحد من هَؤُلَاءِ أَخا للْآخر، وَالربيع بن نَافِع الْحلَبِي أَبُو ثوبة سكن طرسوس، وَمُعَاوِيَة هُوَ ابْن سَلام بتَشْديد اللَّام، وَيحيى ويعلى وَسَعِيد كلهم من التَّابِعين روى بَعضهم عَن بعض.
والْحَدِيث مر فِي أول سُورَة التَّحْرِيم عَن معَاذ بن فضَالة.
قَوْله: (وَإِذا حرم امْرَأَته) أَي: إِذا حرم رجل امْرَأَته بِأَن قَالَ: أَنْت عَليّ حرَام. قَوْله: (لَيْسَ بِشَيْء) يَعْنِي هَذَا القَوْل لَيْسَ بِشَيْء يَعْنِي: لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الحكم، وَهَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: لَيست بِشَيْء. أَي: هَذِه الْكَلِمَة والمقالة لَيست بِشَيْء قَوْله: (وَقَالَ: لكم فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسْوَة حَسَنَة) وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الأسوة الْقدْوَة، والمواساة الْمُشَاركَة. وَفِي (الْمغرب) الأسوة اسْم من ائتسى بِهِ إِذا اقْتدى بِهِ وَاتبعهُ، وَأَشَارَ بِهِ ابْن عَبَّاس مستدلاً على مَا ذهب إِلَيْهِ إِلَى قصَّة التَّحْرِيم، وبينّا ذَلِك فِي سُورَة التَّحْرِيم.
٧٦٢٥ - حدّثنا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ الصَّبَّاحِ حَدثنَا حَجَّاجٌ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ قَالَ: زَعَمَ عطاءٌ أنّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَمْكُثُ عِنْدِ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ ويَشْرَبُ عِنْدَها عَسَلاً، فَتَواصَيْتُ أَنا وحَفْصَةُ أنَّ أيَّتَنا دَخَلَ عَليْها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلْتَقُلْ: إنِّي أجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغافِيرَ، أكَلْتَ مَغافِير؟ فَدَخَلَ عَلى إحْدَاهُمَا فقالَتْ لهُ ذالِكَ، فَقَالَ: لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، ولَنْ أعُودَ لهُ. فَنَزَلَتْ: { (٦٦) يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} { (٦٦) إِن تَتُوبَا إِلَى الله} (التَّحْرِيم: ١ ٤) لِعائِشَةَ وحَفْصَةَ و { (٦٦) إِذْ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} (التَّحْرِيم: ٣) لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَالْحسن بن مُحَمَّد بن الصَّباح هُوَ الزَّعْفَرَانِي. وَقد مر ذكره عَن قريب، وحجاج هُوَ ابْن مُحَمَّد الْأَعْوَر، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح، وَأهل الْحجاز يطلقون الزَّعْم على مُطلق القَوْل، وَالْمعْنَى: قَالَ: قَالَ عَطاء، وَوَقع فِي رِوَايَة هِشَام بن يُوسُف عَن ابْن جريج عَن عَطاء، وَقد مضى فِي التَّفْسِير: وَعبيد بن عُمَيْر كِلَاهُمَا بِالتَّصْغِيرِ هُوَ أَبُو عَاصِم اللَّيْثِيّ الْمَكِّيّ.
وَهنا ثَلَاثَة مكيون مُتَوَالِيَة، وهم: ابْن جريج وَعَطَاء وَعبيد.
والْحَدِيث قد مر فِي سُورَة التَّحْرِيم. وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (فتواصيت) بالصَّاد الْمُهْملَة قَالَ بَعضهم من المواصاة. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل من التواصي، وَمن لم يفرق بَين بَاب التفاعل وَبَاب المفاعلة كَيفَ تقدم إِلَى ميدان الشَّرْح، وَفِي رِوَايَة هِشَام: فَتَوَاطَأت بِالطَّاءِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَائِل الْمَذْكُور إِنَّه من المواطأة، وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ من التواطؤ. وَفِيه: قَوْله: (أَن أَيَّتنَا) بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْمَفْتُوحَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَهِي كلمة: أَي، أضيفت إِلَى نون الْمُتَكَلّم، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى أَن أوتينا وَدخل علينا. قلت: وَلَا تحققت لي صِحَّتهَا، ويروى: مَا دخل وَكلمَة: مَا زَائِدَة. قَوْله: (مَغَافِير) بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف بعد الْفَاء فِي جَمِيع نسخ البُخَارِيّ، وَوَقع فِي بعض النسح عِنْد مُسلم فِي بعض الْمَوَاضِع: مغافر بِحَذْف الْيَاء، وَقَالَ عِيَاض: الصَّوَاب إِثْبَاتهَا لِأَنَّهَا عوض عَن الْوَاو الَّتِي للمفرد، لِأَنَّهُ جمع مغْفُور بِضَم الْمِيم وَإِسْكَان الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَضم الْفَاء وبالواو وَالرَّاء، وَلَيْسَ فِي كَلَامهم مفعول بِالضَّمِّ إلَاّ مغْفُور ومغرور بالغين الْمُعْجَمَة من أَسمَاء الكماة، ومنخور من أَسمَاء الْأنف ومغلوق بالغين الْمُعْجَمَة، وَاحِد المغاليق وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: المغفور صمغ حُلْو لَهُ رَائِحَة كريهة، وَذكر البُخَارِيّ: إِن المغفور شَبيه بالصمغ يكون فِي الرمث بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْمِيم وبالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ من الشّجر الَّتِي ترعاها الْإِبِل، وَهُوَ من الحمض، وَفِي الصمغ الْمَذْكُور حلاوة وَذكر أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ أَن المغفور يكون فِي الْعشْر بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وبالراء فِي الثمام بالثاء الْمُثَلَّثَة والسدر والطلح، وَيُقَال: المغافير جمع مغفار، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَهُوَ نوع من الصمغ يحلب عَن بعض الشّجر يحل بِالْمَاءِ وَيشْرب، وَله رَائِحَة كريهة: وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي (كتاب النَّبَات) : يُقَال: معثور، بالثاء الْمُثَلَّثَة مَوضِع الْفَاء، وَقيل: الْمِيم فِيهِ زَائِدَة، وَبِه قَالَ الْفراء وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا أَصْلِيَّة. قَوْله: (أكلت مَغَافِير؟) أَصله بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام فحذفت. قَوْله: (فَدخل) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على إِحْدَاهمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute