أَي إِحْدَى المذكورتين وهما عَائِشَة وَحَفْصَة، وَلم يعلم أَيَّتهمَا كَانَت قبل، وبالظن أَنَّهَا حَفْصَة. قَوْله: (لَا بل شربت عسلاً) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن شُيُوخه: لَا شربت بل بل عسلاً، قَوْله: قَوْله: (وَلنْ أَعُود لَهُ) أَي للشُّرْب، وَزَاد فِي رِوَايَة هِشَام: وَقد حَلَفت لَا تُخْبِرِي بذلك أحدا، فَظهر بِهَذِهِ الزِّيَادَة أَن الْكَفَّارَة فِي قَوْله: {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} (التَّحْرِيم: ٢) لأجل يَمِينه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله، وَقد حَلَفت وَلم يكن لمُجَرّد التَّحْرِيم، وبهذه الزِّيَادَة أَيْضا مُنَاسبَة. قَوْله: (فِي رِوَايَة حجاج بن مُحَمَّد) فَنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي} (التَّحْرِيم: ٣) الْآيَة وَبِدُون هَذِه الزِّيَادَة لَا يظْهر لقَوْله: فَنزلت، معنى يُطَابق مَا قبله. قَوْله إِلَى {إِن تنويا} (التَّحْرِيم: ١) أَي قَرَأَ من أول السُّور إِلَى هَذَا الْموضع قَوْله: (لعَائِشَة وَحَفْصَة) أَي: الْخطاب لَهما فِي قَوْله: إِن تَتُوبَا قَوْله: {وَإِذا أسر النَّبِي} (التَّحْرِيم: ٣) إِلَى آخِره، من بَقِيَّة الحَدِيث، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم فِي آخر الحَدِيث، وَكَانَ الْمَعْنى: وَأما المُرَاد بقوله تَعَالَى: {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} (التَّحْرِيم: ٣) ففهو لأجل قَوْله: (بل شربت عسلاً) .
٨٦٢٥ - حدّثنا فَرْوَةُ بنُ أبي المَغرَاءِ حَدثنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُحبُّ العَسَلَ والحَلْوَاءَ، وكانَ إِذا انصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ علَى نِسائِهِ فَيَدْنُو مِنْ إحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ علَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فاحْتَبَسَ أكْثَرَ مَا كانَ يَحْتَبِسُ فَغِرْتُ فَسألْتُ عنْ ذالِكَ فَقِيلَ لِي: أهْدَتْ لَهَا امْرَأةٌ من قَوْمِها عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ فَسَقَتِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مِنْهُ شَرْبَةً فَقُلْتِ: أما وَالله لَنَحْتالَنَّ لهُ. فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: إنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فإذَا دَنا منْكِ فَقُولي: أكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فإنَّهُ سَيقُولُ لَكِ: لَا، فَقُولِي لهُ: مَا هاذِهِ الرِّيحُ الَّتي أجِدُ مِنْكَ؟ فإنَّهُ سَيَقُولَ لَكِ سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَل، فَقُولي لهُ: جَرَسَتْ نَحلُهُ العُرْفُطَ. وسأقُولُ ذَلِكِ، وقُولِي أنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ، قالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: فَوَالله مَا هُوَ إلاّ أنْ قامَ علَى البابِ، فأرَدْتُ أنْ أُبادِئَهُ بِما أمَرْتنِي بهِ فَرَقا منْكِ، فلَمَّا دَنا مِنْها قالَتْ لهُ سَوْدَةُ: يَا رسولَ الله أكَلْتَ مَغافِيرَ؟ قَالَ: لَا. قالَتْ: فَما هاذِهِ الرِّيحُ الّتي أجِدُ مِنْكَ؟ قَالَ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فقالَتْ: جَرِسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، فلَمّا دارَ إليَّ قُلْتُ لهُ نَحْوَ ذالِكَ، فَلمّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ قالَتْ لهُ مِثلَ، فلَمّا دارَ إِلَى حَفْصَةَ قالَتْ: يَا رسولَ الله أَلا أسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا حاجَة لي فِيهِ. قالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَالله لَقَدْ حرَمْناهُ. قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن فِيهِ منع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه عَن شرب الْعَسَل، يفهم ذَلِك من قَوْله: (لَا حَاجَة لي فِيهِ) وَيُؤَيّد هَذَا زِيَادَة هِشَام فِي رِوَايَته فِي الحَدِيث السَّابِق: وَقد حَلَفت لَا تُخْبِرِي بذلك أحدا، فَنزلت: {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم} الْآيَة. وَقَالَ القَاضِي: اخْتلف فِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، فَقَالَت عَائِشَة: فِي قصَّة الْعَسَل، وَعَن زيد بن أسلم: أَنَّهَا نزلت فِي تَحْرِيم مَارِيَة جَارِيَته وحلفه أَن لَا يَطَأهَا. وَالصَّحِيح فِي سَبَب نزُول الْآيَة أَنه فِي قصَّة الْعَسَل لَا فِي قصَّة مَارِيَة الْمَرْوِيّ فِي غير (الصَّحِيحَيْنِ) وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَلم تأت قصَّة مَارِيَة من طَرِيق صَحِيح قَالَ النَّسَائِيّ: حَدِيث عَائِشَة فِي الْعَسَل حَدِيث صَحِيح غَايَة.
ثمَّ إِن البُخَارِيّ أخرج طرفا من هَذَا الحَدِيث فِي كتاب النِّكَاح فِي: بَاب دُخُول الرجل على نِسَائِهِ فِي الْيَوْم، عَن فَرْوَة عَن عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، ثمَّ أخرجه هُنَا مطولا بِهَذَا الْإِسْنَاد ثمَّ صَدره بقول عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب الْعَسَل والحلواء، تمهيدا لما سَيذكرُهُ من قصَّة الْعَسَل مَعَ أَنه أفرد ذكر محبَّة الْعَسَل، والحلواء فِي كتاب الْأَطْعِمَة، وَكتاب الْأَشْرِبَة وَغَيرهمَا على مَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأخرجه مُسلم أَيْضا من طَرِيق أبي أُمَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مطولا نَحْو إِخْرَاج البُخَارِيّ، ثمَّ قَالَ: وحدثنيه سُوَيْد بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه، مطولا وَلَكِن وَقع فِي رِوَايَة مُسلم: (كَانَ يحب الْحَلْوَاء وَالْعَسَل) ، بِتَقْدِيم الْحَلْوَاء على الْعَسَل، وَهَهُنَا قدم الْعَسَل على الْحَلْوَاء. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute