٠٥٣١ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌ وسَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَالَ أَتَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَبْدَ الله بنَ أُبَيٍّ بَعْدَمَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فأمَرَ بِهِ فأُخْرِجَ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَألْبَسَهُ قَمِيصَهُ فَالله أعْلَمُ وكانَ كَسَا عَبَّاسا قَمِيصا. قَالَ سُفْيانُ وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ وكانَ عَلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَمِيصَانِ فَقَالَ لَهُ ابنُ عَبْدِ الله يَا رسولَ الله ألْبِسْ أبِي قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ. قَالَ سُفْيانُ فَيُرَوْنَ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألْبَسَ عَبْدَ الله قَمِيصَهُ مُكَافَأةً لِمَا صَنَعَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(فَأمر بِهِ فَأخْرج) أَي: من قَبره بعد أَن دفن.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ. الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، كَذَا نَص عَلَيْهِ الْحَافِظ. الْمزي فِي (الْأَطْرَاف) . الثَّالِث: عَمْرو بن دِينَار. الرَّابِع: جَابر بن عبد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجَنَائِز عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل وَفِي اللبَاس عَن عبد الله. ابْن عُثْمَان وَفِي الْجِهَاد عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ. وَأخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن زُهَيْر بن حَرْب وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَأحمد ابْن عَبدة، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن الْحَارِث بن مِسْكين وَعبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء وَعبد الله بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، فرقهم.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (عبد الله بن أبي) ، بِضَم الْهمزَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن سلول، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة، وَأبي: هُوَ أَبُو مَالك بن الْحَارِث بن عبيد، وسلول امْرَأَة من خُزَاعَة، وَهِي أم أبي مَالك بن الْحَارِث وَأم عبد الله ابْن أبي خَوْلَة بنت الْمُنْذر بن حرَام من بني النجار، وَعبد الله سيد الْخَزْرَج فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ رَأس الْمُنَافِقين. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: مرض عبد الله بن أبي فِي لَيَال بَقينَ من شَوَّال، وَمَات فِي ذِي الْقعدَة من سنة تسع من الْهِجْرَة، وَكَانَ مَرضه عشْرين لَيْلَة، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودهُ فِيهَا، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الَّذِي توفّي دخل عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ، فَقَالَ: قد نهيتك عَن حب يهود، فَقَالَ: قد أبْغضهُم أسعد بن زُرَارَة فَمَا نَفعه؟ ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله لَيْسَ هَذَا بِحِين عتاب، هُوَ الْمَوْت، فَإِن مت فَاحْضُرْ غسْلي واعطني قَمِيصك الَّذِي يَلِي جِلْدك فَكَفِّنِّي فِيهِ، وصلِّ عَليّ واستغفر لي، فَفعل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَوْله: (حفرته) أَي: قَبره، قَوْله:(فَأمر بِهِ) أَي: فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَبْد الله بن أبي فَأخْرج من قَبره. قَوْله:(فَالله أعلم) ، جملَة مُعْتَرضَة أَي: فَالله أعلم بِسَبَب إلباس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه قَمِيصه. قَوْله:(وَكَانَ) ، أَي: عبد الله كسا عباسا قَمِيصًا، وعباس هُوَ ابْن عبد الْمطلب عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا كَسَاه مُكَافَأَة لما كَانَ كسا الْعَبَّاس قَمِيصه حِين قدم الْمَدِينَة، وَذَلِكَ أَنهم لم يَجدوا قَمِيصًا يصلح للْعَبَّاس إلَاّ قَمِيص عبد الله بن أبي، لِأَن الْعَبَّاس كَانَ طَويلا جدا، وَكَذَلِكَ عبد الله بن أبي. قَالَ أنس: شهِدت رجلَيْهِ وَقد فضلتا السرير من طوله. قَوْله:(قَالَ سُفْيَان) ، هُوَ: ابْن عُيَيْنَة. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة، هَكَذَا هُوَ فِي كثير من الرِّوَايَات، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: قَالَ سُفْيَان: وَقَالَ أَبُو هَارُون: قيل: هُوَ الصَّوَاب، وَأَبُو هُرَيْرَة تَصْحِيف، وَأَبُو هَارُون هَذَا هُوَ مُوسَى بن أبي عِيسَى ميسرَة الحناط، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالنون: الْمدنِي، كَذَا نَص عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، وَقيل: هُوَ إِبْرَاهِيم بن الْعَلَاء الغنوي من شُيُوخ الْبَصْرَة، وَكِلَاهُمَا من أَتبَاع التَّابِعين.