للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كالمشورة يُشِير بهَا: فَأَما لَا، فَلَا تتبايعوا الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه، لِكَثْرَة خصومتهم وَاخْتِلَافهمْ. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا فِي (سنَنه) مَوْصُولا. وَأخرجه الطَّحَاوِيّ فِي معرض الْجَواب عَن الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا النَّهْي عَن بيع الثِّمَار حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا، الَّتِي احتجت بهَا الشَّافِعِيَّة والمالكية والحنابلة، حَيْثُ قَالُوا: لَا يجوز بيع الثِّمَار فِي رُؤُوس النّخل حَتَّى تحمر أَو تصفر. فَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَقد قَالَ قوم: إِن النَّهْي الَّذِي كَانَ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الثِّمَار حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا لم يكن مِنْهُ تَحْرِيم ذَلِك، وَلكنه على المشورة مِنْهُ عَلَيْهِم، لِكَثْرَة مَا كَانُوا يختصمون إِلَيْهِ فِيهِ. وَرووا فِي ذَلِك عَن زيد بن ثَابت حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو زرْعَة وهب الله عَن يُونُس بن زيد، قَالَ: قَالَ أَبُو الزِّنَاد: كَانَ عُرْوَة بن الزبير يحدث عَن سهل بن أبي حثْمَة الْأنْصَارِيّ أَنه أخبرهُ أَن زيد بن ثَابت كَانَ يَقُول: كَانَ النَّاس فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتبايعون الثِّمَار، فَإِذا جذ النَّاس وَحضر تقاضيهم، قَالَ الْمُبْتَاع: إِنَّه أصَاب الثَّمر العفن والدمان، وأصابه مراق، قَالَ أَبُو جَعْفَر: الصَّوَاب هُوَ مراق، وأصابه قشام، عاهات يحتجون بهَا، والقشام: شَيْء يُصِيبهُ حَتَّى لَا يرطب. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما كثرت عِنْده الْخُصُومَة فِي ذَلِك: فَلَا تتبايعوا حَتَّى يَبْدُو صَلَاح الثَّمر، كالمشورة يُشِير بهَا لِكَثْرَة خصومتهم، فَدلَّ مَا ذكرنَا أَن أول مَا روينَا فِي أول هَذَا الْبَاب عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الثِّمَار حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا إِنَّمَا كَانَ على هَذَا الْمَعْنى لَا على مَا سواهُ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من بني حَارِثَة) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة والثاء الْمُثَلَّثَة، وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد رِوَايَة تَابِعِيّ عَن مثله عَن صَحَابِيّ عَن مثله، وَالْأَرْبَعَة مدنيون. قَوْله: (فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: فِي زَمَنه وأيامه. قَوْله: (فَإِذا جذ النَّاس) ، بِالْجِيم والذال الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة أَي: فَإِذا قطعُوا ثَمَر النّخل، وَمِنْه الْجذاذ، وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي الْأَمر، كَذَا فِي الرِّوَايَة: جذ، على صِيغَة الثلاثي وَفِي رِوَايَة ابْن ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: أجذ، بِزِيَادَة ألف على صِيغَة الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ. وَمثله، قَالَ النَّسَفِيّ: وَقَالَ ابْن التِّين أَكثر الرِّوَايَات: أجذ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ دخلُوا فِي زمن الْجذاذ، مثل أظلم دخل فِي الظلام، وَفِي (الْمُحكم) : جذ النّخل يجذه جذا وجذاذا وجذاذا: صرمه. قَوْله: (تقاضيهم) ، بالضاد الْمُعْجَمَة، يُقَال: تقاضيت ديني وبديني واستقضيته: طلبت قَضَاهُ. قَوْله: (قَالَ الْمُبْتَاع) ، أَي: المُشْتَرِي، وَهُوَ من الصِّيَغ الَّتِي يشْتَرك فِيهَا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، وَالْفرق بِالْقَرِينَةِ. قَوْله: (الدمَان) ، بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم ضَبطه أَبُو عبيد، وَضبط الْخطابِيّ بِضَم أَوله، وَقَالَ عِيَاض: هما صَحِيحَانِ، وَالضَّم رِوَايَة الْقَابِسِيّ وَالْفَتْح رِوَايَة السَّرخسِيّ، قَالَ: وَرَوَاهَا بَعضهم بِالْكَسْرِ، وَذكره أَبُو عبيد عَن ابْن أبي الزِّنَاد بِلَفْظ: الإدمان، زَاد فِي أَوله الْألف، وَفتحهَا وَفتح الدَّال، وَفَسرهُ أَبُو عبيد بِأَنَّهُ فَسَاد الطّلع وتعفنه وسواده، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدمال، بِاللَّامِ العفن. وَقَالَ الْقَزاز: الدمَان فَسَاد النّخل قبل إِدْرَاكه، وَإِنَّمَا يَقع ذَلِك فِي الطّلع يخرج قلب النَّخْلَة أسود معفونا، وَوَقع فِي رِوَايَة يُونُس: الدمار، بالراء بدل النُّون وَهُوَ تَصْحِيف، قَالَه عِيَاض، وَوَجهه غَيره بِأَنَّهُ أَرَادَ الْهَلَاك، كَأَنَّهُ قَرَأَهُ بِفَتْح أَوله. وَفِي (التَّلْوِيح) : وَعند أبي دَاوُد فِي رِوَايَة ابْن داسة: الدمار، بالراء كَأَنَّهُ ذهب إِلَى الْفساد المهلك لجميعه الْمَذْهَب لَهُ، وَقَالَ الْخطابِيّ: لَا معنى لَهُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدمال، بِاللَّامِ فِي آخِره: التَّمْر المتعفن، وَزعم بَعضهم أَنه فَسَاد التَّمْر وعفنه قبل إِدْرَاكه حَتَّى تسود من الدمن، وَهُوَ السرقين، وَالَّذِي فِي (غَرِيب) الْخطابِيّ، بِالضَّمِّ، وَكَأَنَّهُ الْأَشْبَه، لِأَن مَا كَانَ من الأدواء والعاهات فَهُوَ بِالضَّمِّ: كالسعال والزكام والصداع. قَوْله: (أَصَابَهُ مراض) ، كَذَا هُوَ بِضَم الْمِيم عِنْد الْأَكْثَر، قَالَه الْخطابِيّ، لِأَنَّهُ اسْم لجَمِيع الْأَمْرَاض، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني والنسفي: مراض بِكَسْر الْمِيم، ويروى: أَصَابَهُ مرض. قَوْله: (قشام) ، بِضَم الْقَاف وَتَخْفِيف الشين الْمُعْجَمَة، قَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ أَن ينتفض ثَمَر النّخل قبل أَن يصير بلحا. وَقيل: هُوَ أكال يَقع فِي الثَّمر، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ فِي رِوَايَته: والقشام شَيْء يُصِيبهُ حَتَّى لَا يرطب. قَوْله: (أَصَابَهُ ثَالِثا) ، بدل من أَصَابَهُ ثَانِيًا. وَهُوَ بدل من الأول. قَوْله: (عاهات) ، مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف: تَقْدِيره، هَذِه الْأُمُور الثَّلَاثَة عاهات، أَي: آفَات وأمراض، وَهُوَ جمع عاهة، وَأَصلهَا عوهة قلبت الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا، وَذكره الْجَوْهَرِي فِي الأجوف الواوي، وَقَالَ: العاهة الآفة، يُقَال: عيه الزَّرْع وإيف، وَأَرْض معيوهة، وأعاه الْقَوْم: أَصَابَت ماشيتهم العاهة. وَقَالَ الْأمَوِي: أَعوه الْقَوْم، مثله. قَوْله: (يحتجون بهَا) ، قَالَ الْكرْمَانِي: جمع لفظ: يحتجون، نظرا إِلَى أَن لفظ الْمُبْتَاع جنس

<<  <  ج: ص:  >  >>