للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُجَاهِد، وَوجه كَونه خطأ أَنه لَو كَانَ ابْن جبر لخلا الْكَلَام عَن ذكر القَوْل الْمَنْسُوب إِلَى مُجَاهِد فِي تَفْسِير الْقدَم، وَيرد بِهَذَا أَيْضا مَا ذكره ابْن التِّين أَنَّهَا وَقعت كَذَلِك فِي نُسْخَة أبي الْحسن الْقَابِسِيّ.

يُقالُ تِلْكَ آياتٌ يَعْني هاذِه أعْلَامُ القُرْآنِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {آلر تِلْكَ إيات الْكتاب الْحَكِيم} (يُونُس: ١) وَأَرَادَ أَن: تِلْكَ، هُنَا بِمَعْنى: هَذِه، على أَن معنى: تِلْكَ آيَات الْكتاب: هَذِه أَعْلَام الْقُرْآن وَعلم من هَذِه أَن إسم الْإِشَارَة للْغَائِب قد يسْتَعْمل للحاضر لنكتة يعرفهَا من لَهُ يَد فِي الْعَرَبيَّة، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: تِلْكَ إِشَارَة إِلَى مَا تضمنته السُّورَة من الْآيَات وَالْكتاب السُّورَة، والحكيم ذُو الْحِكْمَة لاشْتِمَاله عَلَيْهَا ونطقه بهَا.

ومِثْلُهُ: {حَتَّى إذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وجَرَيْنَ بِهِمْ} (يُونُس: ٢٢) المَعْنى بِكُمْ

أَي: مثل الْمَذْكُور وَهُوَ قَوْله: {تِلْكَ آيَات} يَعْنِي: هَذِه أَعْلَام الْقُرْآن. قَوْله: (حَتَّى إِذا كُنْتُم فِي الْفلك وجرين بهم) ، وَجه الْمُمَاثلَة بَينهمَا هُوَ أَن: تِلْكَ، بِمَعْنى: هَذِه، فَكَذَلِك قَوْله: بهم، بِمَعْنى: بكم، حَيْثُ صرف الْكَلَام عَن الْخطاب إِلَى الْغَيْبَة، كَمَا أَن فِي الأول صرف إسم الْإِشَارَة عَن الْغَائِب إِلَى الْحَاضِر، والنكتة فِي الثَّانِي للْمُبَالَغَة كَأَنَّهُ يذكر حَالهم لغَيرهم، وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح خرج من حق هَذَا الْموضع، بل مِنْهُم من لم يذكرهُ أصلا، كَمَا أَن أَبَا ذَر لم يذكرهُ فِي رِوَايَته.

دَعْوَاهُمْ دُعاؤُهُمْ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {دَعوَاهُم فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} (يُونُس: ١٠) وَفسّر الدَّعْوَى بِالدُّعَاءِ. قَوْله: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، تَفْسِير دَعوَاهُم، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة.

أُحِيطَ بِهِمْ دَنَوْا مِنَ الهَلَكَةِ أحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وظنوا أَنهم أحيط بهم} (الْبَقَرَة: ٨١) وَفَسرهُ بقوله: دنوا من الهلكة، أَي: قربوا من الْهَلَاك، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، يُقَال: فلَان قد أحيط بِهِ، أَي: أَنه لهالك. قَوْله: دنواً يجوز أَن يكون بِضَم الدَّال وَالنُّون على صِيغَة الْمَجْهُول، وَأَصله: دنيوا انقلت ضمة الْيَاء إِلَى النُّون فحذفت لالتقاء الساكنين فَصَارَ على وزن: فعوا. قَوْله: {أحاطت بِهِ خطيئته} أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {بلَى من كسب سَيِّئَة وأحاطت بِهِ خطيئته} (الْكَهْف: ٤٢) يَعْنِي: استولت عَلَيْهِ خطيئته كَمَا يُحِيط الْعَدو، وَقيل: مَعْنَاهُ سدت عَلَيْهِ خطيئته مسالك النجَاة، وَقيل: مَعْنَاهُ أهلكته كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وأحيط بثمره} (يُونُس: ٩٠) وَقَرَأَ أهل الْمَدِينَة: خطيئاته، بِالْجمعِ.

فاتَّبَعَهُمْ واتْبَعَهُمْ واحِدٌ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وجاوزنا ببني إِسْرَائِيل الْبَحْر فاتبعهم فِرْعَوْن وَجُنُوده} وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن: اتبعهم، بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد التَّاء من الِاتِّبَاع بتَشْديد التَّاء، وَأَن أتبعهم بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون التَّاء من الإتباع بِسُكُون التَّاء وَاحِد فِي الْمَعْنى والوصل وَالْقطع، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: مَعْنَاهُ لحقهم، وَقيل: بِالتَّشْدِيدِ فِي الْأَمر: اقْتدى بِهِ، وَأتبعهُ بِالْهَمْزَةِ: تلاه، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الأول: أدْركهُ ولحقه، وَالثَّانِي: اتبع أَثَره وأدركه، وَكَذَا قَالَه أَبُو زيد، وَبِالثَّانِي قَرَأَ الْحسن.

عَدْواً مِنَ العُدْوَانِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: {فاتبعهم فِرْعَوْن وَجُنُوده بغياً وعدواً} وَفَسرهُ بقوله: عُدْوانًا، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وبغياً وعدواً منصوبان على المصدرية أَو على الْحَال أَو على التَّعْلِيل أَي: لأجل الْبَغي والعدوان، وَقَرَأَ الْحسن: عدوا، بِضَم الْعين وَتَشْديد يَد الْوَاو.

وَقَالَ مُجاهدٌ يُعَجِّلُ الله لِلنّاس الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بالخَيْرِ قَوْلُ الإنْسانِ لِوَلَدِهِ ومالِهِ إذَا غَضِبَ {اللَّهُمَّ لَا تُباركْ فِيهِ والْعَنْهُ. لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ لَأُهْلِكَ مَنْ دُعِيَ عَلَيْهِ ولَأماتَهُ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>