ريح الْمسك، وَإِن جهل على أحدكُم جَاهِل وَهُوَ صَائِم فَلْيقل: إِنِّي صَائِم) . وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَقد انْفَرد التِّرْمِذِيّ بِإِخْرَاجِهِ من هَذَا الْوَجْه، وَقَالَ: وَفِي الْبَاب عَن معَاذ بن جبل وَسَهل بن سعد وَكَعب بن عجْرَة وسلامة بن قَيْصر وَبشير بن الخصاصية. قَالَ: وَاسم بشير زحم، والخصاصية هِيَ أمه. أما حَدِيث معَاذ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَنهُ. قَالَ: (كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَأَصْبَحت يَوْمًا قَرِيبا مِنْهُ وَنحن نسير، فَقلت: أَخْبرنِي بِعَمَل يدخلني الْجنَّة) . الحَدِيث، وَفِيه: (ثمَّ قَالَ: أَلا أدلك على أَبْوَاب الْخَيْر: الصَّوْم جنَّة) الحَدِيث. وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ فِي (سنَنه الْكُبْرَى) . وَأما حَدِيث سهل بن سعد فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (فِي الْجنَّة بَاب يُدعى الريَّان يُدعى لَهُ الصائمون فَمن كَانَ من الصائمين دخله وَمن دخله لم يظمأ أبدا) . وَكَذَلِكَ أخرجه ابْن مَاجَه وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ من رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال عَن أبي حَازِم على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأما حَدِيث كَعْب بن عجْرَة فَأخْرجهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَنهُ فِي حَدِيث فِيهِ: (وَالصَّوْم جنَّة حَصِينَة) ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. وَأما حَدِيث سَلامَة بن قَيْصر فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من حَدِيث عمر بن ربيعَة الْحَضْرَمِيّ، قَالَ: سَمِعت سَلامَة بن قَيْصر يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: (من صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله تَعَالَى بعَّده الله، عز وَجل، من جَهَنَّم بعد غراب طَار وَهُوَ فرخ حَتَّى مَاتَ هرما) . وَأما حَدِيث بشير بن الخصاصية فَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي (معجميهما) من رِوَايَة قَتَادَة عَن جرير بن كُلَيْب عَن بشير ابْن الخصاصية قَالَ يَعْنِي قَتَادَة: وَحدثنَا أَصْحَابنَا عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ، يروي عَن ربه تَعَالَى: (الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ) الحَدِيث.
قلت: وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن أبي سعيد وَعلي وَعَائِشَة وَابْن مَسْعُود وَعُثْمَان ابْن أبي الْعَاصِ وَأنس وَجَابِر وَأبي عُبَيْدَة وَحُذَيْفَة وَأبي أُمَامَة وَعقبَة بن عَامر. وَأما حَدِيث أبي سعيد فَأخْرجهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد، قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن الله يَقُول: إِن الصّيام لي وَأَنا أجزي بِهِ) الحَدِيث. وَأما حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي إِسْحَاق عَن عبد الله بن الْحَارِث عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن الله يَقُول: الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ) الحَدِيث، وَقَالَ: إِنَّه خطأ، وَالصَّوَاب: عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله بن مَسْعُود مَوْقُوفا عَلَيْهِ. وَأما حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ أَيْضا عَن عُرْوَة عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الصّيام جنَّة من النَّار) ، الحَدِيث. وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان فِي كتاب (طَبَقَات الْمُحدثين بأصبهان) وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مَوْقُوفا عَلَيْهِ: (الصَّوْم جنَّة) ، من رِوَايَة أبي الْأَحْوَص عَنهُ. وَأما حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَنهُ، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (الصّيام جنَّة كجنة أحدكُم من الْقِتَال) ، وَزَاد النَّسَائِيّ فِي رِوَايَة: (جنَّة من النَّار) ، وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه. وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَنهُ، قَالَ فِيهِ: (وَالصِّيَام جنَّة من النَّار) . وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) وَالْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) عَنهُ فِي حَدِيث قَالَ فِيهِ: (وَالصَّوْم جنَّة) . وَأما حَدِيث أبي عُبَيْدَة فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنهُ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (الصَّوْم جنَّة مَا لم يخرقها) ، وَزَاد الدَّارمِيّ: (بالغيبة) ، وَرَوَاهُ أَيْضا مَوْقُوفا عَلَيْهِ. وَأما حَدِيث حُذَيْفَة فَرَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) عَنهُ قَالَ: (اسندت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى صَدْرِي، فَقَالَ: لَا إلاهَ إلَاّ الله، من ختم لَهُ بهَا دخل الْجنَّة، وَمن صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله ختم لَهُ بهَا دخل الْجنَّة، وَمن تصدق بِصَدقَة ابْتِغَاء وَجه الله ختم لَهُ بهَا، دخل الْجنَّة) . وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) من رِوَايَة الْوَلِيد بن جميل عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار خَنْدَقًا بعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض) . وَأما حَدِيث عقبَة بن عَامر فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله تبَارك وَتَعَالَى، باعد الله مِنْهُ جَهَنَّم مسيرَة مائَة عَام) .
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (جنَّة) ، بِضَم الْجِيم: كل مَا ستر، وَمِنْه: الْمِجَن، وَهُوَ الترس، وَمِنْه سمي الْجِنّ لاستتارهم عَن الْعُيُون، والجنان لاستتارها بورق الْأَشْجَار، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّوْم جنَّة من النَّار لِأَنَّهُ إمْسَاك عَن الشَّهَوَات، وَالنَّار محفوفة بالشهوات كَمَا فِي الحَدِيث الصَّحِيح: (حفت الْجنَّة بالمكاره، وحفت النَّار بالشهوات) . وَقَالَ ابْن الْأَثِير: معنى كَونه جنَّة أَي يقي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute