جريج: زعم أَقوام على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم يحبونَ الله، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد، إِنَّا نحب رَبنَا، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: {قل} يَا مُحَمَّد {إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني} فِيمَا آمُر وأنهى {يحبكم الله} عز وَجل. (آل عمرَان: ٣١) .
٦١٦٨ - حدَّثنا بِشْرُ بنُ خالِدٍ حَدثنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمانَ عَنْ أبي وائِلٍ عَنْ عَبْدِ الله عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنَّهُ قَالَ: المَرْءُ مَعَ مَنْ أحَبَّ. (انْظُر الحَدِيث ٦١٦٨ طرفه فِي: ٦١٦٩) .
نقل بَعضهم عَن الْكرْمَانِي بِأَنَّهُ قَالَ: يحْتَمل أَن يُرَاد بالترجمة محبَّة الله تَعَالَى للْعَبد، ومحبة العَبْد لله، أَو الْمحبَّة بَين الْعباد فِي ذَات الله عز وَجل، ثمَّ قَالَ: وَلم يتَعَرَّض لمطابقة الحَدِيث للتَّرْجَمَة، وَقد توقف فِيهِ غير وَاحِد، ثمَّ أَطَالَ الْكَلَام بِمَا لَا يجدي شَيْئا، وَلَو كَانَ توقف فِيهِ مثل غَيره لَكَانَ أولى، فَأَقُول، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق: إِن مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ معنى الحَدِيث لِأَن قَوْله: (مَعَ من أحب) أَعم من أَن يحب الله وَرَسُوله، وَأَن يحب عبدا فِي ذَات الله تَعَالَى بالإخلاص، فَكَمَا أَن التَّرْجَمَة تحْتَمل الْعُمُوم على مَا ذكرنَا من الْأَوْجه الثَّلَاثَة، فَكَذَلِك لفظ الحَدِيث يحْتَمل تِلْكَ الْأَوْجه الْمَذْكُورَة، فَتحصل الْمُطَابقَة بَينهمَا وَالدَّلِيل على عُمُومه كلمة: من، فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْعُمُوم، وَضمير الْمَفْعُول فِي: أحب، مَحْذُوف تَقْدِيره: من أحبه، وَهُوَ يرجع إِلَى كلمة: من، فيكتسب الْعُمُوم مِنْهَا. فَافْهَم، فَإِنَّهُ مَوضِع دَقِيق لَاحَ لي من الْأَنْوَار الربانية.
وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن خَالِد أَبُو مُحَمَّد العسكري الْفَرَائِضِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، وَمُحَمّد بن جَعْفَر هُوَ غنْدر، وَسليمَان هُوَ الْأَعْمَش، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن بشر بن خَالِد أَيْضا، وَعَن غَيره.
قَوْله: (مَعَ من أحب) أَي فِي الْجنَّة، يَعْنِي: هُوَ مُلْحق بهم دَاخل فِي زمرتهم ألحقهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحسن النِّيَّة من غير زِيَادَة عمل بأصحاب الْأَعْمَال الصَّالِحَة.
وَقَالَ ابْن بطال. فِيهِ: أَن من أحب عبدا فِي الله تَعَالَى فَإِن الله يجمع بَينهمَا فِي جنته وَإِن قصّر فِي عمله، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لما أحب الصَّالِحين لأجل طاعتهم أثابه الله تَعَالَى ثَوَاب تِلْكَ الطَّاعَة إِذْ النِّيَّة هِيَ الأَصْل وَالْعَمَل تَابع لَهَا، وَالله يُؤْتِي فَضله من يَشَاء، وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم.
٦١٦٩ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا جَرِيرٌ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ أبي وائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله ابنُ مَسْعُودٍ رَضِي الله عَنهُ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رسولَ الله! كَيْفَ تَقُولُ فِي رجُل أحَبَّ قَوْماً وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. (انْظُر الحَدِيث ٦١٦٨) .
مطابقته هَذَا ومطابقة الْحَدِيثين الَّذين بعده مثل مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق، وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد الرَّازِيّ. قَوْله: (وَلم يلْحق بهم) أَي: فِي الْعَمَل والفضيلة.
تابَعَهُ جَرِيرُ بنُ حازِمٍ وسُلَيْمَانُ بنُ قَرْمٍ وأبُو عَوَانَةَ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ أبي وائلٍ عَنْ عَبْدِ الله عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
أَي: تَابع جرير بن عبد الحميد جرير بن حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي الْبَصْرِيّ، وَسليمَان بن قرم بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الرَّاء الضَّبِّيّ، وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي: أما مُتَابعَة جرير بن حَازِم فوصلها أَبُو نعيم فِي كتاب المحبين من طَرِيق أبي الْأَزْهَر أَحْمد بن الْأَزْهَر عَن وهب بن جرير بن حَازِم: حَدثنَا أبي سَمِعت الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن عبد الله فَذكره، وَلم ينْسب عبد الله. وَأما مُتَابعَة سُلَيْمَان بن قرم فوصلها مُسلم من طَرِيق أبي الْجَواب عمار بن رُزَيْق بِتَقْدِيم الرَّاء عَنهُ عَن عبد الله، وعطفها على رِوَايَة شُعْبَة، فَقَالَ مثله. وَأما مُتَابعَة أبي عوَانَة فوصلها أَبُو عوَانَة يَعْقُوب والخطيب فِي كتاب (المكمل) من طَرِيق يحيى بن حَمَّاد عَنهُ، قَالَ فِيهِ أَيْضا: عَن عبد الله، وَلم ينْسبهُ.
٦١٧٠ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حَدثنَا سُفْيَانُ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ أبي وائِلٍ عَنْ أبي مُوسَى قَالَ: قِيلَ