على رَأْي الْبَصرِيين. قَوْله:(فَلَمَّا قضى الصَّلَاة) أَي: أَدَّاهَا، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ الْقَضَاء الاصطلاحي. قَوْله:(قد ذَكرنِي) ، بتَشْديد الْكَاف، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(لقد ذَكرنِي) . قَوْله:(هَذَا) ، أَي: عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يكبر فِي كل انتقالاته. قَوْله:(أَو قَالَ) ، شكّ من أحد رُوَاته، قيل: يحْتَمل أَن يكون الشَّك من حَمَّاد، لِأَن أَحْمد رَوَاهُ من رِوَايَة سعيد ابْن أبي عرُوبَة بِلَفْظ:(صلى بِنَا مثل صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَلم يشك، وَفِي رِوَايَة قَتَادَة:(عَن مطرف قَالَ عمرَان: مَا صليت مُنْذُ حِين أَو مُنْذُ كَذَا وَكَذَا أشبه بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الصَّلَاة) .
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: اسْتدلَّ الْبَعْض بقوله: (صليت خلف عَليّ بن أبي طَالب أَنا وَعمْرَان) على أَن موقف الِاثْنَيْنِ يكون خلف الإِمَام خلافًا لمن يَقُول يَجْعَل أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله. قلت: هَذَا اسْتِدْلَال غير تَامّ، لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهِ أَنه لم يكن مَعَهُمَا غَيرهمَا. وَفِيه: خص بِذكر السُّجُود وَالرَّفْع والنهوض من الرَّكْعَتَيْنِ فَقَط، وَقد عَم فِي رِوَايَة أبي الْعَلَاء إشعارا بِأَن هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة هِيَ الَّتِي كَانَ ترك التَّكْبِير فِيهَا حَتَّى تذكرها عمرَان بِصَلَاة عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَفِيه: قَالَ ابْن بطال: ترك التَّكْبِير فِيمَا ترك التَّكْبِير يدل على أَن السّلف لم يتلقوه على أَنه ركن من الصَّلَاة، وَقَالَ بَعضهم: وَنقل الطَّحَاوِيّ الْإِجْمَاع على: أَن من تَركه فَصلَاته تَامَّة، وَفِيه نظر، لما تقدم عَن أَحْمد، وَالْخلاف فِي بطلَان صلَاته ثَابت فِي مَذْهَب مَالك، إِلَّا أَن يُرِيد إِجْمَاعًا سَابِقًا. قلت: لم يقل الطَّحَاوِيّ هَكَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ: هَذِه الْآثَار المروية عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّكْبِير فِي كل رفع وخفض أولى من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، وَأكْثر تواترا، وَقد عمل بهَا من بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر وَعمر وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وتواتر بهَا الْعَمَل إِلَى يَوْمنَا هَذَا لَا يُنكر ذَلِك مُنكر، وَلَا يَدْفَعهُ دَافع. انْتهى. قلت: أَرَادَ بالآثار المروية الَّتِي أخرجهَا عَن عبد الله بن مَسْعُود وَأبي مَسْعُود البدري وَأبي هُرَيْرَة وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأنس بن مَالك، وَأَشَارَ بِهَذَا أَيْضا إِلَى أَن من جملَة أَسبَاب التَّرْجِيح كَثْرَة عدد الروَاة وشهرة الْمَرْوِيّ حَتَّى إِذا كَانَ أحد الْخَبَرَيْنِ يرويهِ وَاحِد، وَالْآخر يرويهِ إثنان، فَالَّذِي يرويهِ إثنان أولى بِالْعَمَلِ بِهِ. وَقَوله: وتواتر بهَا الْعَمَل. . إِلَى آخِره، إِشَارَة إِلَى أَنه يصير كالإجماع، وَفرق بَين: كالإجماع وَالْإِجْمَاع.