عَن سعيد بن أبي عرُوبَة حَدثنَا قَتَادَة أَن أنس بن مَالك أنبأهم: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رخص لعبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف وَالزُّبَيْر بن الْعَوام فِي قمص الْحَرِير فِي السّفر من حكة كَانَت بهما، أَو وجع كَانَ بهما، وَفِي رِوَايَة لَهُ: فَرخص لَهما فِي قمص الْحَرِير فِي غزَاة لَهما. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس أَيْضا عَن النُّفَيْلِي وَلَفظه: رخص رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر بن الْعَوام فِي قمص الْحَرِير من حكة كَانَت بهما. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي اللبَاس عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا الحَدِيث صَرِيح الدّلَالَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وموافقيه أَنه يجوز لبس الْحَرِير للرجل إِذا كَانَت بِهِ حكة لما فِيهِ من الْبُرُودَة، وَكَذَلِكَ الْقمل، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا. وَقَالَ مَالك: لَا يجوز، وَكَذَا يجوز لبسه عِنْد الضَّرُورَة كمن فاجأته الْحَرْب، وَلم يجد غَيره وَكَمن خَافَ من حر أَو برد، وَقَالَ الصَّحِيح: عِنْد أَصْحَابنَا أَنه يجوز لبسه للحكة وَنَحْوهَا فِي السّفر والحضر جَمِيعًا، وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا، يخْتَص بِالسَّفرِ، وَهُوَ ضَعِيف حَكَاهُ الرَّافِعِيّ واستنكره، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يدل الحَدِيث على جَوَاز لبسه للضَّرُورَة، وَبِه قَالَ بعض أَصْحَاب مَالك، وَأما مَالك فَمَنعه من الْوَجْهَيْنِ. والْحَدِيث وَاضح الْحجَّة عَلَيْهِ إلَاّ أَن يَدعِي الخصوصية لَهما وَلَا يَصح، وَلَعَلَّ الحَدِيث لم يبلغهُ.