للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ قَرَأَ: {فَإِن لم تَفعلُوا فأْذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . وَقَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: {فَإِن لم تَفعلُوا فاْذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . فَمن كَانَ مُقيما على الرِّبَا لَا ينْزع مِنْهُ، فَحق على إِمَام الْمُسلمين أَن يستتيبه، فَإِن نزع وإلَاّ ضرب عُنُقه. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا عَليّ بن الْحُسَيْن حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا عبد الْأَعْلَى حَدثنَا هِشَام بن حسان عَن الْحسن وَابْن سِيرِين أَنَّهُمَا قَالَا: وَالله إِن هَؤُلَاءِ الصيارفة لآكلة الرِّبَا، وَأَنَّهُمْ قد أذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله، وَلَو كَانَ على النَّاس إِمَام عَادل لاستتابهم، فَإِن تَابُوا وإلَاّ وضع فيهم السِّلَاح. قَوْله: {وَإِن تبتم} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . أَي: عَن الرِّبَا: {فلكم رُؤُوس أَمْوَالكُم} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . من غير زِيَادَة، {وَلَا تظْلمُونَ} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . بِأخذ زِيَادَة {لَا تظْلمُونَ} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . بِوَضْع رُؤُوس الْأَمْوَال، بل لكم مَا بذلتم من غير زِيَادَة عَلَيْهِ وَلَا نُقْصَان مِنْهُ. قَوْله: {وَإِن كَانَ ذُو عسرة} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . أَي: وَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدّين إِمَّا أَن تقضي وَإِمَّا أَن تربي، ثمَّ ندب الله تَعَالَى إِلَى الْوَضع عَنهُ وحرضه على ذَلِك الْخَيْر وَالثَّوَاب الجزيل. بقوله: {وَإِن تصدَّقوا خير لكم} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي أُمَامَة أَن أسعد بن زُرَارَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من سره أَن يظله الله فِي ظله، يَوْم لَا ظلّ إلَاّ ظله فلييسر على كل مُعسر أَو ليضع عَنهُ) . وروى أَحْمد من حَدِيث سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه، قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (من أنظر مُعسرا فَلهُ بِكُل يَوْم مثله صَدَقَة، ثمَّ سمعته يَقُول: من أنظر مُعسرا فَلهُ بِكُل يَوْم مثلاه صَدَقَة، قلت: سَمِعتك يَا رَسُول الله تَقول: من أنظر مُعسرا فَلهُ بِكُل يَوْم مثله صَدَقَة، ثمَّ سَمِعتك تَقول: من أنظر مُعسر فَلهُ بِكُل يَوْم مثلاه صَدَقَة، قَالَ: لَهُ بِكُل يَوْم مثله صَدَقَة، قبل أَن يحل الدّين، فَإِذا حل الدّين فأنظره فَلهُ بِكُل يَوْم مثلاه صَدَقَة) ، وروى الْحَاكِم من حَدِيث سهل بن حنيف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من أعَان مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله أَو غازيا أَو غارما فِي عسرته أَو مكَاتبا فِي رقبته أظلهُ الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إلَاّ ظله) . وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة. قَوْله: {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . أَي: اتَّقوا عَذَاب يَوْم، وَيجوز أَن يكون على ظَاهره، لِأَن يَوْم الْقِيَامَة يَوْم مخوف. قَوْله: {ترجعون فِيهِ} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . أَي: تردون فِيهِ {إِلَى الله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . أَي: إِلَى حسابه وجزائه. قَوْله: {ثمَّ توفَّى كل نفس} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . أَي: تُجازى كل نفس بِمَا كسبت من الْخَيْر وَالشَّر. {وهم لَا يظْلمُونَ} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . لِأَن الله عَادل لَا ظلم عِنْده، لايظلم عِنْده.

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

هَذِه إِشَارَة إِلَى آيَة الرِّبَا، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ البُخَارِيّ مُسْندًا فِي التَّفْسِير، فَقَالَ: حَدثنَا قبيصَة حَدثنَا سُفْيَان عَن عَاصِم عَن الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس: آخر آيَة نزلت آيَة الرِّبَا) . وَقَالَ ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ (عَن ابْن عَبَّاس: آخر آيَة نزلت {اتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . قَالَ: فإمَّا أَن يكون وهم من الروَاة لقربها مِنْهَا، أَو غير ذَلِك. انْتهى. وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَيْسَ بوهم، بل هَاتَانِ الْآيَتَانِ نزلتا جملَة وَاحِدَة، فصح أَن يُقَال لكل مِنْهُمَا آخر آيَة. وروى عَن الْبَراء أَن آخر آيَة نزلت: {يستفتونك! قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} (النِّسَاء: ٦٧٢) . وَقَالَ أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: آخر آيَة نزلت: {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} (التَّوْبَة: ٨٢١) . وَقيل: إِن قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . إِنَّهَا نزلت يَوْم النَّحْر بمنى فِي حجَّة الْوَدَاع، وروى الثَّوْريّ عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: آخر آيَة نزلت: {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} (الْبَقَرَة: ٨٧٢) . فَكَانَ بَين نُزُولهَا وَبَين موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد وَثَلَاثُونَ يَوْمًا. وَقَالَ ابْن جريج: يَقُولُونَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاشَ بعْدهَا تسع لَيَال، وبدىء يَوْم السبت وَمَات يَوْم الْإِثْنَيْنِ، رَوَاهُ ابْن جرير، وَقَالَ مقَاتل: توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نُزُولهَا بِسبع ليالٍ.

٦٨٠٢ - حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَوْنِ بنِ أبِي جُحَيْفَةَ قَالَ رأيْتُ أبِي اشْتَرَى عَبْدا حَجَّاما فأمَرَ بِمَحَاجِمِهِ فَكُسِرَتْ فَسَألْتُهُ فَقَالَ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ثَمَنِ الْكَلْبِ وثَمَنِ الدَّمِ ونَهَى عنِ الوَاشِمَةِ والمَوْشُومَةِ وآكِل الرِّبَا ومُوكِلِهِ ولَعَنَ المُصَوِّرَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وآكل الرِّبَا وموكله) ، وَأَبُو الْوَلِيد اسْمه هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ الْبَصْرِيّ، وَعون، بِفَتْح

<<  <  ج: ص:  >  >>