الثَّانِي: أَرْبَعَة أَيَّام، يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة بعده، وَهُوَ قَول عَطاء وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر وروى ذَلِك عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس قَالَا: أَيَّام النَّحْر الْأَيَّام المعلومات يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة أَيَّام بعده.
الثَّالِث: يَوْم النَّحْر وَسِتَّة أَيَّام بعده وَهُوَ قَول قَتَادَة. الرَّابِع: عشرَة أَيَّام حَكَاهُ ابْن التِّين. الْخَامِس: إِلَى آخر يَوْم من ذِي الْحجَّة يرْوى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَقَالَ ابْن التِّين: ويروى عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا وَنَقله ابْن حزم عَن سُلَيْمَان بن يسَار وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَا: الْأَضْحَى إِلَى هِلَال الْمحرم. السَّادِس: يَوْم وَاحِد فِي الْأَمْصَار وَفِي منى ثَلَاثَة أَيَّام. وَهُوَ قَول سعيد بن جُبَير وَجَابِر بن زيد. السَّابِع: يَوْم وَاحِد فَقَط وَعَلِيهِ ترْجم البُخَارِيّ كَمَا ذكرنَا، وَأَخذه من إضافه الْيَوْم إِلَى النَّحْر فِي حَدِيث الْبَاب، وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (أَلَيْسَ يَوْم النَّحْر؟ قُلْنَا بلَى) وَاللَّام فِيهِ للْجِنْس فَلَا يبْقى نحر إلَاّ فِي ذَلِك الْيَوْم. وَأجِيب عَن هَذَا بِأَن المُرَاد النَّحْر الْكَامِل، وَاللَّام تسْتَعْمل كثيرا للكمال كَقَوْلِه: الشَّديد الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب، وَفِيه تَأمل.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: التَّمَسُّك بِإِضَافَة النَّحْر إِلَى الْيَوْم الأول ضَعِيف مَعَ قَوْله تَعَالَى: {لِيذكرُوا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} (الْحَج: ٢٨) وَقَالَ ابْن بطال: وَلَيْسَ اسْتِدْلَال من اسْتدلَّ من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَلَيْسَ يَوْم النَّحْر؟) أَنه لَا يكون نحر وَلَا ذبح فِي غَيره بِشَيْء لِأَن النَّحْر فِي أَيَّام منى قد فعله الْخلف وَالسَّلَف. وَجرى عَلَيْهِ الْعَمَل فِي جَمِيع الْأَمْصَار فَلَا حجَّة مَعَ من خَالفه وَاسْتدلَّ من قَالَ: الْأَضْحَى يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة أَيَّام بِمَا رُوِيَ فِي صَحِيح ابْن حبَان من حَدِيث جُبَير بن مطعم: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (كل فجاج منى منحر وَفِي كل أَيَّام التَّشْرِيق ذبح) . قلت: هَذَا رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن عَن جُبَير بن مطعم، وَقَالَ الْبَزَّار فِي مُسْنده لم يلق ابْن أبي حُسَيْن جُبَير بن مطعم فَيكون مُنْقَطِعًا. فَإِن قلت: أخرجه أَحْمد أَيْضا وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن جُبَير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ: سُلَيْمَان بن مُوسَى لم يدْرك جُبَير بن مطعم. فَيكون مُنْقَطِعًا. فَإِن قلت: أخرج ابْن عدي فِي (الْكَامِل) عَن مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَيَّام التَّشْرِيق كلهَا ذبح. قلت: مُعَاوِيَة بن يحيى ضعفه النَّسَائِيّ وَابْن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي (كتاب الْعِلَل) قَالَ أبي هَذَا حَدِيث مَوْضُوع بِهَذَا الْإِسْنَاد. فَإِن قلت: أخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث طَلْحَة بن عَمْرو عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس. قَالَ: الْأَضْحَى ثَلَاثَة أَيَّام بعد يَوْم النَّحْر. قلت: خرج الطَّحَاوِيّ بِسَنَد جيد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَالَ: الْأَضْحَى يَوْمَانِ بعد يَوْم النَّحْر، ولأصحابنا الْحَنَفِيَّة مَا رَوَاهُ الْكَرْخِي فِي (مُخْتَصره) حَدثنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْجُنَيْد قَالَ: حَدثنَا أَبُو خَيْثَمَة قَالَ: حَدثنَا هشيم قَالَ: أخبرنَا ابْن أبي ليلى عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن زر بن حُبَيْش وَعبادَة بن عبد الله الْأَسدي عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَقُول أَيَّام النَّحْر ثَلَاثَة أَيَّام أولهنَّ أفضلهن، وَعَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَالَا: النَّحْر ثَلَاثَة أَيَّام أَولهَا أفضلهَا.
٥٥٥٠ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سَلامٍ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَابِ حدَّثنا أيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابنِ أبِي بَكْرَةَ عَنْ أبِي بَكْرَةَ، رَضِيَ الله عَنْه عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ الله السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرا مِنْها أرْبَعَةَ حُرُمٌ: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ. ذُو القَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ. أيُّ شَهْرٍ هاذا؟ قُلْنا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: ألَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: أيُّ بَلَدٍ هاذا؟ قُلْنَا: الله وَرَسُولَهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: ألَيْسَ البَلْدَةَ؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: فَأيُّ يَوْمٍ هاذا؟ قُلْنا. الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ: ألَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا بَلَى قَالَ: فَإنَّ دِماءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأحْسِبُهُ قَالَ: وأعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَّامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمُكُمْ هاذا فِي بَلَدِكُمْ هاذا فِي شَهْرِكُمْ هاذا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْألُكُمْ عَنْ أعْمَالِكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute