ٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ رَآنِي فِي المَنامِ فَقَدْ رَآنِي، فإنَّ الشَّيْطان لَا يَتَمَثَّلُ بِي ورُؤْيا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وأرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ
انْظُر الحَدِيث ٦٩٨٣
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله كلهم بصريون. والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن عبد الله بن عبد الرحمان عَن مُعلى بن أَسد بِهِ.
قَوْله: فقد رَآنِي قيل: مَعْنَاهُ أَن رُؤْيَاهُ صَحِيحَة لَا تكون أضغاثاً وَلَا من تشبيهات الشَّيْطَان، ويعضده فِي بعض طرقه: فقد رأى الْحق، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: هُنَا اتَّحد الشَّرْط وَالْجَزَاء فَدلَّ على أَن الْغَايَة فِي الْكَمَال أَي: فقد رَآنِي رُؤْيا لَيْسَ بعْدهَا شَيْء، وَقيل: هُوَ فِي معنى الْإِخْبَار أَي: من رَآنِي فَأخْبرهُ بِأَنَّهَا رُؤْيَة حق لَيست أضغاث أَحْلَام وَلَا تخيلات الشَّيْطَان ورؤيته سَبَب الْإِخْبَار. قيل: كَيفَ يكون ذَلِك وَهُوَ فِي الْمَدِينَة، والرائي فِي الشرق والغرب. وَأجِيب: بِأَن الرُّؤْيَة أَمر يخلقه الله تَعَالَى وَلَا يشْتَرط فِيهَا عقلا مُوَاجهَة وَلَا مُقَابلَة وَلَا مُقَارنَة وَلَا خُرُوج شُعَاع وَلَا غَيره وَلِهَذَا جَازَ أَن يرى أعمى الصين بقة أندلس، وَقيل كثيرا يرى على خلاف صفته الْمَعْرُوفَة وَيَرَاهُ شخصان فِي حَالَة وَاحِدَة فِي مكانين والجسم الْوَاحِد لَا يكون إلَاّ فِي مَكَان وَاحِد، وَأجَاب النَّوَوِيّ حاكياً عَن بَعضهم: ذَلِك ظن الرَّائِي أَنه رَآهُ كَذَلِك، وَقد يظنّ الظَّان بعض الخيالات مرئياً لكَونه مرتبطاً بِمَا يرَاهُ عَادَة فذاته الشَّرِيفَة هِيَ مرئية قطعا لَا خيال وَلَا ظن فِيهِ، لَكِن هَذِه الْأُمُور الْعَارِضَة قد تكون متخيلة للرآئي. قَوْله: فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي وَمضى فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي كتاب الْعلم: فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل فِي صُورَتي، وَفِي حَدِيث جَابر عِنْد ابْن مَاجَه: لَا يَنْبَغِي للشَّيْطَان أَن يتَمَثَّل فِي صُورَتي، وَفِي لفظ مُسلم: أَن يتشبه، بدل أَن يتَمَثَّل، وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود عِنْد التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه: إِن الشَّيْطَان لَا يَسْتَطِيع أَن يتَمَثَّل بِي، وَفِي حَدِيث أبي قَتَادَة، على مَا يَجِيء: وَأَن الشَّيْطَان لَا يتراءاى بِي، بالراء وَمَعْنَاهُ: لَا يَسْتَطِيع أَن يصير مرئياً بِصُورَتي، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: لَا يتزايا، بالزاي وَبعد الْألف يَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي حَدِيث أبي سعيد فِي آخر الْبَاب: فَإِن الشَّيْطَان لَا يتكونني.
٦٩٩٥ - حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حدّثنا بُكَيْرٍ، حدّثنا اللَّيْثُ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ أبي جَعْفَرِ قَالَ: أَخْبرنِي أبُو سلمةَ عنْ أبي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ مِنَ الله، والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطانِ، فَمَنْ رأى شَيْئا يَكْرَهُه فَلْيَنْفِثْ عنْ شِمالِهِ ثَلاثاً وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطانِ فإنَّها لَا تَضُرُّهُ، وإنَّ الشَّيْطانَ لَا يَتَزَايا بِي
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وَإِن الشَّيْطَان لَا يتزايا بِي
وَالثَّلَاثَة الأول من السَّنَد مصريون، وَعبد الله بن أبي جَعْفَر الْأمَوِي الْقرشِي وَاسم أبي جَعْفَر يسَار وَكَانَ عبيد الله بَقِيَّة فِي زَمَانه، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرحمان بن عَوْف، وَأَبُو قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي الْأنْصَارِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الطِّبّ عَن خَالِد بن مخلد وَفِي التَّعْبِير عَن أَحْمد بن يُونُس وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: لَا يتزايا بالزاي أَي: لَا يقصدني لِأَن يصير مرئياً بِصُورَتي.
٦٩٩٦ - حدّثنا خالِدُ بنُ خَلِيَ، حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ حَرْب، حدّثني الزُّبَيْدِيُّ عَن الزُّهْرِيِّ قَالَ أبُو سَلَمَةَ: قَالَ أبُو قَتادَةَ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ النبيُّ مَنْ رَآنِي فَقَدْ رأى الحَقَّ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهر. وخَالِد بن خلي بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء أَبُو الْقَاسِم الْحِمصِي قاضيها وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَمُحَمّد بن حَرْب أَبُو عبد الله النَّسَائِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي آخر الِاعْتِصَام، والزبيدي نِسْبَة إِلَى زبيد بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء وَالدَّال الْمُهْملَة واسْمه مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن عَامر الشَّامي الْحِمصِي. وَحَدِيث أبي قَتَادَة قد مر عَن قريب غير مرّة.
قَوْله: فقد رأى الْحق أَي: الرُّؤْيَة الصَّحِيحَة الثَّابِتَة لَا أضغاث أَحْلَام وَلَا خيالات بَاطِلَة، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الْحق هُنَا مصدره مُؤَكد أَي: فقد رأى رُؤْيَة الْحق.