النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: وَفِي بَيَان مد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (وبركته) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي بركَة الْمَدّ أَو بركَة كل مِنْهُمَا.
قلت: الْأَحْسَن أَن يُقَال: وبركة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ دَعَا حَيْثُ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي مكيالهم، وصاعهم ومدهم، وَيَجِيء عَن قريب فِي حَدِيث أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (وَمَا توارث أهل الْمَدِينَة) أَي: وَفِي بَيَان مَا توارث أهل الْمَدِينَة قرنا أَي: جيلاً بعد جيل على ذَلِك، وَلم يتَغَيَّر إِلَى زَمَنه، أَلا ترى أَن أَبَا يُوسُف لما اجْتمع مَعَ مَالك فِي الْمَدِينَة فَوَقَعت بَينهمَا المناظرة فِي قدر الصَّاع فَزعم أَبُو يُوسُف أَنه ثَمَانِيَة أَرْطَال، وَقَامَ مَالك وَدخل بَيته وَأخرج صَاعا وَقَالَ: هَذَا صَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ أَبُو يُوسُف: فَوَجَدته خَمْسَة أَرْطَال وَثلثا، فَرجع أَبُو يُوسُف إِلَى قَول مَالك وَخَالف صَاحِبيهِ فِي هَذَا. وَجَهل مُنَاسبَة ذكر هَذَا الْبَاب بِكِتَاب الْكَفَّارَات هُوَ أَن فِي كَفَّارَة الْيَمين إطْعَام عشرَة أَمْدَاد لعشرة مَسَاكِين، وَكَفَّارَة الوقاع إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا سِتِّينَ مدا بِهِ، وَفِي كَفَّارَة الْحلف إطْعَام ثَلَاثَة آصَع لسِتَّة مَسَاكِين.
٢١٧٦ - حدّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ حدّثنا القاسِمُ بنُ مالِكٍ المُزَنِيُّ حَدثنَا الجُعَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ الصَّاعُ عَلى عَهْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدًّا وثُلُثاً بِمُدِّكُمُ اليَوْمَ، فَزِيدَ فِيهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ. (انْظُر الحَدِيث ٩٥٨١ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَالقَاسِم بن مَالك الْمُزنِيّ بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي وبالنون، والجعيد بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة، وَيُقَال بِالتَّكْبِيرِ ابْن أَوْس الْكِنْدِيّ الْمدنِي، والسائب بِالسِّين الْمُهْملَة والهمزة بعد الْألف وبالباء الْمُوَحدَة ابْن يزِيد من الزِّيَادَة الْكِنْدِيّ، وَيُقَال: اللَّيْثِيّ، وَيُقَال: الْأَزْدِيّ الْمدنِي، سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ ابْن سبع سِنِين، وَيُقَال: ابْن عشر سِنِين، مَاتَ سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
والْحَدِيث مضى فِي الْحَج وَيَأْتِي فِي الِاعْتِصَام. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزَّكَاة عَن عَمْرو بن زُرَارَة.
قَوْله: (بمدكم الْيَوْم) يَعْنِي: حِين حَدثهمْ السَّائِب كَانَ مدهم أَرْبَعَة أَرْطَال فَإِذا زيد عَلَيْهِ ثلثه وَهُوَ رَطْل وَثلث يكون خَمْسَة أَرْطَال وَثلثا، وَهُوَ الصَّاع الْبَغْدَادِيّ، بِدَلِيل أَن مده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رَطْل وَثلث وصاعه أَرْبَعَة أَمْدَاد، وَقَالَ ابْن بطال: أما مَا زيد فِيهِ فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَلَا نعلمهُ، وَإِنَّمَا الحَدِيث يدل على أَن مدهم ثَلَاثَة أَمْدَاد بمده، وَمضى الْكَلَام فِي الطَّهَارَة فِي: بَاب الْوضُوء بِالْمدِّ وَالِاخْتِلَاف فِي الْمَدّ والصاع.
٣١٧٦ - حدّثنا مُنْذِرُ بنُ الوَلِيدِ الجارُودِيُّ حدّثنا أبُو قُتَيْبَةَ وهْوَ سَلْمٌ حدّثنا مالِك عنْ نافِعٍ قَالَ: كانَ ابنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكاةَ رَمَضانَ بِمُدِّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المدِّ الأوَّلِ، وَفِي كَفَّارَةٍ اليَمِين بِمُدِّ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ أبُو قُتَيْبَةَ: قَالَ لَنا مالِكٌ: مُدُّنا أعْظَمُ مِنْ مُدِّكُمْ وَلَا نَرَى الفَضْلَ إلاّ فِي مُدِّ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ لِي مالِكٌ: لَوْ جاءَكمْ أمِيرٌ فَضَرَبَ مُدًّا أصْغَرَ مِنْ مُدِّ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ؟ .
قُلْتُ: كُنَّا نُعْطِي بمُدِّ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: أفَلا تَرى أنَّ الأمْرَ إنّما يَعُودُ إِلَى مُدِّ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُنْذِر بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل من الْإِنْذَار ابْن الْوَلِيد الجارودي بِالْجِيم، قَالَ الرشاطي: الجارودي فِي عبد الْقَيْس نسب إِلَى الْجَارُود وَهُوَ بشر بن عَمْرو من الجرد، وَأَبُو قُتَيْبَة بِضَم الْقَاف مصغر قُتَيْبَة الرحل واسْمه سلم بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام ابْن قُتَيْبَة الشعيري بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة الْخُرَاسَانِي، سكن الْبَصْرَة مَاتَ بعد الْمِائَتَيْنِ أدْركهُ البُخَارِيّ بِالسِّنِّ وَمَات قبل أَن يلقاه، وَهُوَ غير سلم بن قُتَيْبَة الْبَاهِلِيّ ولد أَمِير خُرَاسَان قُتَيْبَة بن مُسلم وَقد ولي هُوَ إمرة الْبَصْرَة وَهُوَ أكبر من الشعيري وَمَات قبله بِأَكْثَرَ من خمسين سنة.
والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَهُوَ حَدِيث غَرِيب