للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقَوْلِهِ تَعَالَى: { (٤) حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم. . وأخواتكم وعماتكم وخلاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت} (النِّسَاء: ٣٢) الْآيَة إِلَى قوْلِهِ { (٤) إِن الله كَانَ عليما حكميا} (النِّسَاء: ٤٢)

وَقَوله، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: مَا يحل، وَهَكَذَا فِي رِوَايَة كريمه، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم} (النِّسَاء: ٣٢) الْآيَة إِلَى {عليما حكيما} (النِّسَاء: ٤٢) قَوْله: الْآيَة، وَفِي بعض النّسخ: الْآيَتَيْنِ، لِأَن من قَوْله {حرمت} (النِّسَاء: ٣٢) إِلَى قَوْله: {عليما حكيما} (النِّسَاء: ٤٢) آيَتَيْنِ الأولى من {حرمت عَلَيْكُم} (النِّسَاء: ٣٢) إِلَى قَوْله {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} (النِّسَاء: ٣٢) وَالثَّانيَِة من قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} إِلَى قَوْله {إِن الله كَانَ عليما حكيما} (النِّسَاء: ٤٢) وَقد بَين الله تَعَالَى هُنَا الْمُحرمَات من النِّسَاء وَهن أَربع عشرَة امْرَأَة: سبع من نسب وَسبع بِسَبَب، فالسبع الَّتِي من نسب هِيَ قَوْله: {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} إِلَى قَوْله {وَبَنَات الْأُخْت} (النِّسَاء: ٣٢) الأولى: الْأُمَّهَات وَالْمرَاد بهَا الوالدات وَمن فوقهن من الْجدَّات من قبل الْأُمَّهَات والآباء، الثَّانِيَة: الْبَنَات وَالْمرَاد بهَا بَنَات الأصلاب وَمن أَسْفَل مِنْهُنَّ من بَنَات الْأَبْنَاء وَالْبَنَات، وَإِن سفلن الثَّالِثَة: الْأَخَوَات وَالْمرَاد الشقيقات وغيرهن من الْآبَاء والأمهات. الرَّابِعَة: العمان وَالْمرَاد أَخَوَات الْآبَاء وأخوات الأجداد وَإِن علون. الْخَامِسَة: الخالات وَهِي أَخَوَات الْأُمَّهَات الوالدات لآبائهن وأمهاتهن. السَّادِسَة: بَنَات الْأَخ من الْأَب وَالأُم أَو من الْأَب أَو من الْأُم. وَبَنَات بناتهن وَإِن سفلن. السَّابِعَة: بَنَات الْأُخْت، كَذَلِك من أَي جِهَة كن، وَأَوْلَاد أَوْلَادهنَّ وَإِن سفلن. وَإِمَّا السَّبع الَّتِي من جِهَة السَّبَب فَهِيَ من قَوْله تَعَالَى: {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم} (النِّسَاء: ٤٢) إِلَى آخر الْآيَة، وَالْمرَاد الْأُم الْمُرضعَة وَمن فَوْقهَا من أمهاتهاوإن بعدن وَقَامَ ذَلِك مقَام الوالدة ومقام أمهاتها وَالْأُخْت من الرَّضَاع الَّتِي أرضعتها أمك بلبان أَبِيك سَوَاء أرضعتها مَعَك أَو مَعَ ولد قبلك، أَو بعْدك. وَالْأُخْت من الْأَب دون الْأُم وَهِي الَّتِي أرضعتها زَوْجَة أَبِيك بلبان أَبِيك، وَالْأُخْت من الْأُم دون الْأَب وَهِي الَّتِي أرضعتها أمك بلبان رجل آخر، وَأم الْمَرْأَة حرَام عَلَيْهِ دخل بهَا أَو لم يدْخل بهَا، وَهُوَ قَول أَكثر الْفُقَهَاء، وَقَالَ عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَمُجاهد وَعِكْرِمَة: لَهُ أَن يتَزَوَّج قبل الدُّخُول بهَا، والربيبة وَهِي بنت امْرَأَة الرجل من غَيره، وَإِنَّمَا تحرم بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ، وَلَا تحرم بِمُجَرَّد العقد، وَذكر الْحجر بطرِيق الْأَغْلَب لَا على الشَّرْط، وحليلة الابْن أَي: زَوجته، وَإِنَّمَا قَالَ من أصلابكم تَحَرُّزًا عَن زَوْجَات المتبني، وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ حرتين كَانَت أَو أمتين وطئتا فِي عقد وَاحِد فِي حَال الْحَيَاة، وَحكي عَن دَاوُد أَنه جوز ذَلِك بِملك الْيَمين، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.

وَقَالَ أنَسٌ { (٤) وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} ذَوَات الْأزْوَاج الْحَرَائِر حرَام { (٤) إلَاّ مَا ملَكَتْ أيْمانُكُمْ} (النِّسَاء: ٤٢) لَا يَرَى بَأْسا أنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جارِيتَهُ منْ عَبْدِهِ

أَي: قَالَ أنس بن مَالك فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحصنَات} أَي: النِّسَاء الْمُحْصنَات اللَّاتِي لَهُنَّ أَزوَاج حرَام إلَاّ بعد طَلَاق أَزوَاجهنَّ وانقضاء الْعدة مِنْهُنَّ، وَقيل: الْمُحْصنَات أَي العفائف حرَام إلَاّ بعد النِّكَاح، وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة مَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: أصبْنَا سَبَايَا يَوْم أَوْطَاس لَهُنَّ أَزوَاج، فكرهنا أَن نقع عَلَيْهِنَّ، فسألنا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة. قَوْله: (إِلَّا مَا ملكت) يعي إلَاّ الْأمة الْمُزَوجَة بِعَبْد، فَإِن لسَيِّده أَن يَنْزِعهَا من تَحت نِكَاح زَوجهَا. قَوْله: (وَلَا يرى بهَا) أَي: فِيهَا (بَأْسا) أَي: حرجا (أَن ينْزع الرجل جَارِيَته من عِنْده) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: جَارِيَة من عَبده.

وَقَالَ { (٢) وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} (الْبَقَرَة: ١٢٢)

أَي: قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} (الْبَقَرَة: ١٢٢) أَي: لَا تتزوجوهن حَتَّى يُؤمن بِاللَّه، وقرىء بِضَم التَّاء أَي: وَلَا تزوجوهن، وَالْمرَاد بالمشركات الحربيات، وَالْآيَة ثَابِتَة، وَقيل: المشركات الكتابيات والحربيات أهل الْكتاب من أهل الشّرك لقَوْله تَعَالَى: {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله} (التَّوْبَة: ٠٣) وَهِي مَنْسُوخَة بقوله: {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} (الْمَائِدَة: ٥) .

وَقَالَ ابنُ عبَّاسٍ، مَا زَادَ علَى أرْبَعٍ فهْوَ حرامٌ كأُمِّهِ وابْنَتِه وأُخْتِه

<<  <  ج: ص:  >  >>