أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا للْكَافِرِينَ سلاسلا وإغلالاً وسعيرا} عندنَا هيأنا. والسلاسل جمع سلسلة كل سلسلة سَبْعُونَ ذِرَاعا والأغلال جمع غل بِالضَّمِّ، فالسلاسل فِي أَعْنَاقهم والأغلال فِي أَيْديهم والسعير يوقدون فِيهِ لَا يطفى، وَقيل: السلَاسِل الْقُيُود، وَقَرَأَ نَافِع وَالْكسَائِيّ وَأَبُو بكر عَن عَاصِم: سلاسلاً، بِالتَّنْوِينِ وَهِي رِوَايَة هِشَام عَن أهل الشَّام، وَقَرَأَ حَمْزَة وَخلف وَحَفْص وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو بالفتحة بِلَا تَنْوِين.
وَلَمْ يُجْرِ بَعْضُهُمْ
بِضَم الْيَاء وَسُكُون الْجِيم وبالراء من الإجراء أَرَادَ بِهِ لم يصرف بَعضهم سلاسل، يَعْنِي: لَا يدْخلُونَ فِيهِ التَّنْوِين، وَهَذَا على الِاصْطِلَاح الْقَدِيم، يَقُولُونَ: اسْم مجْرى وَاسم غير مجْرى، يَعْنِي: اسْم مَصْرُوف وَاسم لَا ينْصَرف، وَذكر عِيَاض أَنه فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: لم يجز، بالزاي أَي بدل الرَّاء، وَقَالَ بَعضهم: وَهُوَ إلَاّ الأجه وَلم يبين وَجه إلَاّ الأوجهية بل بالراء أوجه على مَا لَا يخفى.
مُسْتَطِيرا مِمْتَدا البَلا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَره مُسْتَطِيرا} (الْإِنْسَان: ٧) وَفَسرهُ بقوله: (ممتدا الْبلَاء) وَكَذَا فسره الْفراء، وَيُقَال: ممتدا فاشيا، يُقَال: استطار الصدع فِي الزجاجة واستطال إِذا اشْتَدَّ.
والقَمْطَرِيرُ الشَّدِيدُ يُقالُ يَوْمٌ قَمْطَرِيرُ وَيَوْمٌ قُماطِرٌ وَالعَبُوسُ وَالقَمْطَرِيرُ وَالقُماطِرُ وَالعَصِيبُ أشَدَّ مَا يَكُونُ مِنَ الأيَّامِ فِي البَلاءِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {إِنَّا نَخَاف من رَبنَا يَوْمًا عبوسا قمطيريرا} (الْإِنْسَان: ٠١) وَالْبَاقِي ظَاهر، وقماطر، بِضَم الْقَاف، وَعَن ابْن عَبَّاس: العبوس: الضّيق، والقمطرير: الطَّوِيل، وَعَن مُجَاهِد القمطرير الَّذِي يقلص الْوُجُوه ويقنص الْحَيَاة وَمَا بَين الْأَعْين من شدته. وَعَن الْكسَائي، يُقَال: أقمطر الْيَوْم وأزمهر قمطرارا وازمهرارا وَهُوَ الزَّمْهَرِير.
وَقَالَ الحَسَنُ: النَّضْرَةُ فِي الوَجْهِ وَالسُّرْورُ فِي القَلْبِ
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى وتعظم: {ولقاهم نَضرة وسرورا} (الْإِنْسَان: ١١) أَن النضرة فِي الْوَجْه وَالسُّرُور فِي الْقلب، وَلم يثبت هَذَا إِلَّا للنسفي والجرجاني.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ الأرَائِكُ السُّرُرُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {متكئين فِيهَا على الأرائك} (الْإِنْسَان: ٣١) وفسرها بالسرر جمع سَرِير، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: الأرائك السرر فِي الحجال لَا يكون أريكة إِلَّا إِذا اجْتمعَا، وَهِي لُغَة أهل الْيمن، وَقَالَ مقَاتل: الأرائك السرر فِي الحجال من الدّرّ والياقوت موضونة بقضبان الدّرّ وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وألوان الْجَوَاهِر، وَلم يثبت هَذَا أَيْضا، إِلَّا للنسفي والجرجاني.
وَقَالَ البَرَاءُ: وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها يَقْطُعُونَ كَيْفَ شَاؤُوا
أَي: قَالَ الْبَراء فِي قَوْله تَعَالَى: {وذللت قطوفها تذليلاً} (الْإِنْسَان: ٤١) يقطفون كَيفَ شاؤوا. قَوْله: (قطوفها) أَي: ممارها، يقطفون، أَي: يقطعون مِنْهَا قيَاما وقعودا ومضطجعين يتناولونها كَيفَ شاؤوا وعَلى أَي حَال كَانُوا وَلم يثبت هَذَا إِلَّا للنسفي وَحده.
وَقَالَ مَعْمَرٌ: أسْرَهُمْ شِدَّةُ الخَلْقِ وَكلُّ شَيْءٍ شَدَدْتَهُ مِنْ قَتبٍ أوْ غَبِيطٍ فَهُوَ مأسورٌ
أَي: قَالَ معمر بن الْمثنى أَبُو عُبَيْدَة أَو معمر بن رَاشد فِي قَوْله تَعَالَى: {وَنحن خلقناهم وشددنا أسرهم} (الْإِنْسَان: ٨٢) الْآيَة. وَسقط هَذَا لأبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي وَحده، وَفسّر الْأسر شدَّة الْخلق، وَيُقَال للْفرس: شَدِيد الْأسر، أَي: شَدِيد الْخلق. قَوْله: (أَو غبيط) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره طاء مُهْملَة وَهُوَ رَحل النِّسَاء يشد عَلَيْهِ الهودج، وَالْجمع غبط بِضَمَّتَيْنِ، وَظن بَعضهم بنه معمر بن رَاشد، وَزعم أَن عبد الرَّزَّاق أخرجه فِي تَفْسِيره عَنهُ. قلت يُرِيد بِهِ شَيْخه صَاحب التَّوْضِيح فَإِنَّهُ قَالَ بعد قَوْله. وَقَالَ معمر آلى آخِره. وَأخرجه عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة وَذكره عَن مُجَاهِد وَغَيره، وَالظَّاهِر أَنه معمر بن رشاد لِأَنَّهُ روى عَن قَتَادَة نَحوه، وَأَيْضًا فَالْبُخَارِي أخرج فِي التَّفْسِير عَن أبي عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى فِي مَوَاضِع كَثِيرَة، وَلم يُصَرح باسمه فَمَا باله هُنَا صرح بِهِ؟ وَأَرَادَ بِهِ ابْن الْمثنى وَلَيْسَ إلَاّ معمرا بن رَاشد.