وَهُوَ الظَّاهِر وَوَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم وَهُوَ غير ظَاهر لِأَن البُخَارِيّ لم يحْتَج بِيَحْيَى بن أَيُّوب وَإِنَّمَا ذكره فِي الاستشهاد والمتابعة (فَإِن قلت) قَالَ ابْن بطال خرج لَهُ الشَّيْخَانِ (قلت) فِيهِ نظر لِأَنَّهُ نقض كَلَام نَفسه بِنَفسِهِ بِذكرِهِ لَهُ تَرْجَمَة فِي إِفْرَاد مُسلم (فَإِن قلت) مَا فَائِدَة ذكر البُخَارِيّ لَهُ إِذا كَانَ الْأَمر كَمَا ذكرت (قلت) ليُفِيد تَصْرِيح حميد فِيهِ بِسَمَاعِهِ إِيَّاه من أنس فَحصل الْأَمْن من تدليسه وَقَالَ الْكرْمَانِي إِنَّمَا اسْتشْهد بِهَذَا الطَّرِيق للتقوية دفعا لما فِي الْإِسْنَاد السَّابِق من ضعف عنعنة هشيم إِذْ قيل أَنه مُدَلّس (قلت) فِيهِ نظر لِأَن معنعنات الصَّحِيحَيْنِ كلهَا مَقْبُولَة مَحْمُولَة على السماع وَكَلَامه يدل على هَذَا فَحِينَئِذٍ ذكره كَمَا ذكرنَا هُوَ الْوَاقِع فِي مَحَله ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) لم مَا عكس بِأَن يَجْعَل هَذَا الْإِسْنَاد أصلا (قلت) لما فِي يحيى من سوء الْحِفْظ وَلِأَن ابْن أبي مَرْيَم مَا نَقله بِلَفْظ النَّقْل والتحديث بل ذكره على سَبِيل المذاكرة وَلِهَذَا قَالَ البُخَارِيّ قَالَ ابْن أبي مَرْيَم (قلت) يُعَكر على مَا قَالَه رِوَايَة كَرِيمَة حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم كَمَا ذَكرْنَاهُ وَالظَّاهِر أَن الْكرْمَانِي لَو اطلع على هَذِه الرِّوَايَة لما قَالَ مَا ذكره قَوْله " بِهَذَا " أَي بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور سندا ومتنا فَهُوَ من رِوَايَة أنس عَن عمر لَا من رِوَايَة أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَافْهَم
٦٧ - (حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك بن أنس عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر قَالَ بَينا النَّاس بقباء فِي صَلَاة الصُّبْح إِذْ جَاءَهُم آتٍ فَقَالَ إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أنزل عَلَيْهِ اللَّيْلَة قُرْآن وَقد أَمر أَن يسْتَقْبل الْكَعْبَة فاستقبلوها وَكَانَت وُجُوههم إِلَى الشَّام فاستداروا إِلَى الْكَعْبَة) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من حَيْثُ الدّلَالَة عَلَيْهَا من الْجُزْء الأول وَهُوَ قَوْله " وَقد أَمر أَن يسْتَقْبل الْكَعْبَة " وَمن الْجُزْء الثَّانِي أَيْضا وَذَلِكَ لأَنهم صلوا فِي أول تِلْكَ الصَّلَاة إِلَى الْقبْلَة المنسوخة الَّتِي هِيَ غير الْقبْلَة الْوَاجِب استقبالها جاهلين بِوُجُوبِهِ وَالْجَاهِل كالناسي حَيْثُ لم يؤمروا بِإِعَادَة صلَاتهم. وَرِجَاله أَئِمَّة مَشْهُورُونَ. وَفِيه التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد والإخبار كَذَلِك والعنعنة فِي موضِعين وَفِيه القَوْل (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن يحيى بن قزعة وقتيبة فرقهما وَفِي خبر الْوَاحِد عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة وَالنَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي التَّفْسِير جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة أربعتهم عَنهُ بِهِ (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " بَينا " أَصله بَين فأشبعت الفتحة فَصَارَت ألفا يُقَال بَينا وبينما وهما ظرفا زمَان بِمَعْنى المفاجأة ويضافان إِلَى جملَة من فعل وفاعل مُبْتَدأ وَخبر ويحتاجان إِلَى جَوَاب يتم بِهِ الْمَعْنى والأفصح فِي جوابهما أَن لَا يكون فِيهِ إِذْ وَإِذا وَقد جاآ كثيرا تَقول بَينا زيد جَالس دخل عَلَيْهِ عَمْرو وَإِذ دخل عَلَيْهِ عَمْرو وَإِذا دخل عَلَيْهِ وَبينا هَهُنَا أضيف إِلَى الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَجَوَابه قَوْله إِذْ جَاءَهُم آتٍ وَفِي قبَاء سِتّ لُغَات الْمَدّ وَالْقصر والتذكير والتأنيث وَالصرْف وَالْمَنْع وأفصحها الْمَدّ وَهُوَ مَوضِع مَعْرُوف ظَاهر الْمَدِينَة وَالْمعْنَى هُنَا بَينا النَّاس فِي مَسْجِد قبَاء وهم فِي صَلَاة الصُّبْح وَاللَّام فِي النَّاس للْعهد الذهْنِي لِأَن المُرَاد أهل قبَاء وَمن حضر مَعَهم فِي الصَّلَاة قَوْله " آتٍ " فَاعل من أَتَى يَأْتِي فأعل إعلال قَاض وَهَذَا الْآتِي هُوَ عباد بِالتَّشْدِيدِ ابْن بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفِي حَدِيث الْبَراء الْمُتَقَدّم فِي صَلَاة الْعَصْر وَلَا مُنَافَاة بَين الْخَبَرَيْنِ وَقد ذكرنَا وَجهه فِي حَدِيث الْبَراء وَهُوَ أَن الْخَبَر وصل وَقت الْعَصْر إِلَى من هُوَ دَاخل الْمَدِينَة وَوقت الصُّبْح فِي الْيَوْم الثَّانِي إِلَى من هُوَ خَارِجهَا قَوْله " وَقد أنزل عَلَيْهِ اللَّيْلَة قُرْآن " أطلق اللَّيْلَة على بعض الْيَوْم الْمَاضِي وَمَا يَلِيهِ مجَازًا وَأَرَادَ بِالْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} الْآيَات وَفِيه أَيْضا مجَاز حَيْثُ ذكر الْكل وَأَرَادَ الْجُزْء وَفِي بعض النّسخ الْقُرْآن بِالْألف وَاللَّام الَّتِي هِيَ للْعهد قَوْله " وَقد أَمر " على صِيغَة الْمَجْهُول أَي أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " أَن يسْتَقْبل الْكَعْبَة " أَي بِأَن يسْتَقْبل وَأَن مَصْدَرِيَّة وَالْمعْنَى باستقبال الْكَعْبَة قَوْله " فاستقبلوها " على صِيغَة الْجمع من الْمَاضِي وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه وَيحْتَمل أَن يكون الضَّمِير لأهل قبَاء يَعْنِي حِين سمعُوا من الْآتِي مَا بَلغهُمْ استقبلوا الْكَعْبَة وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ " فاستقبلوها " بِكَسْر الْبَاء على صِيغَة الْأَمر للْجمع وَالْأَمر لأهل قبَاء من الْآتِي قَوْله " وَكَانَت وُجُوههم "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute