الْبَاب فِيهِ خلاف. وَقيل: هَذَا تَعْرِيف بِحَسب اللُّغَة لَا بِحَسب الْعرف فَإِنَّهُ بِحَسبِهِ مَا يخَامر الْعقل من عصير الْعِنَب خَاصَّة. قلت: لَا نسلم أَن هَذَا التَّعْرِيف بِحَسب اللُّغَة، بل هُوَ تَعْرِيف بِحَسب الْعرف، وَهَذَا الْقَائِل عكس الْأَمر فِيهِ لِأَن الأَصْل فِي خمر الْعِنَب رِعَايَة الْمَعْنى اللّغَوِيّ، وَفِي الْعرف لَا يسْتَعْمل فِي غَيره إلَاّ بطرِيق الْمجَاز. قَوْله: (وَثَلَاث) قَالَ بَعضهم: هِيَ صفة مَوْصُوف أَي: أُمُور أَو أَحْكَام. قلت: الموجه أَن يُقَال: أَي ثَلَاث قضايا أَو ثَلَاث مسَائِل. قَوْله: (وددت) أَي: تمنيت، وَإِنَّمَا تمنى ذَلِك لِأَنَّهُ أبعد من مَحْذُور الِاجْتِهَاد فِيهِ وَهُوَ الْخَطَأ فِيهِ على تَقْدِير وُقُوعه، وَلَو كَانَ مأجوراً عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يفوتهُ بذلك الْأجر الثَّانِي، وَالْعَمَل بِالنَّصِّ إِصَابَة مَحْضَة. قَوْله: (لم يفارقنا حَتَّى يعْهَد إِلَيْنَا عهدا) أَي: حَتَّى يبين لنا، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عهدا ننتهي إِلَيْهِ قَوْله: (الْجد) أَي: الأول من الثَّلَاث الْجد أَي: مَسْأَلَة الْجد فِي أَنه يحجب الْأَخ أَو ينحجب بِهِ أَو يقاسمه وَفِي قدر مَا يَرِثهُ لِأَن الصَّحَابَة اخْتلفُوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا فَروِيَ عَن عُبَيْدَة أَنه قَالَ: حفظت عَن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي الْجد سبعين قَضِيَّة كلهَا يُخَالف بَعْضهَا بَعْضًا، وَعَن عمر أَنه جمع الصَّحَابَة ليجتمعوا فِي الْجد على قَول، فَسَقَطت حَيَّة من السّقف فَتَفَرَّقُوا، فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ أَبى الله إلَاّ أَن يَخْتَلِفُوا فِي الْجد، وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: من أَرَادَ أَن يفتح جراثيم جَهَنَّم فليقض فِي الْجد، يُرِيد أُصُولهَا، والجراثيم جمع جرثومة وَهِي الأَصْل. وَقَالَ أَبُو بكر وَابْن الزبير وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَأَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنْهُم: هُوَ يحجب الْأُخوة. وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة، وَقَالَ زيد: هُوَ كَأحد الْأُخوة مَا لم تنقصه الْمُقَاسَمَة، فَإِذا أنقصته أعطي الثُّلُث وقسموا للأخوة مَا بَقِي، وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ، وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: هُوَ أَخ مَعَهم مَا لم تنقصه الْمُقَاسَمَة من الثُّلُث. قَوْله: (والكلالة) أَي: وَالثَّانِي من الثَّلَاث مَسْأَلَة الْكَلَالَة، بِفَتْح الْكَاف وَتَخْفِيف اللَّام: وَهُوَ من لَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد قَالَه أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَزيد وَابْن مَسْعُود والمدنيون والبصريون والكوفيون، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: هُوَ من لَا ولد لَهُ وَإِن كَانَ لَهُ وَالِد، وَقَالَ شَيخنَا أَمِين الدّين فِي (شَرحه للسراجية) : الْكَلَالَة تطلق على ثَلَاثَة: على من لم يخلف ولدا وَلَا والداً، وعَلى من لَيْسَ يُولد وَلَا وَالِد من الْمُخلفين، وعَلى الْقَرَابَة من جِهَة الْوَلَد وَالْوَالِد، قَالَ: وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر بِمَعْنى الكلال وَهُوَ ذهَاب الْقُوَّة من الإعياء فاستعيرت لِلْقَرَابَةِ من غير جِهَة الْوَلَد وَالْوَالِد لِأَنَّهَا بِالْإِضَافَة إِلَى قرابتهما ضَعِيفَة، وَإِذا جعل صفة للموروث أَو الْوَارِث فبمعنى ذِي كَلَالَة، كَمَا يُقَال: فلَان من قَرَابَتي أَي: من ذِي قَرَابَتي. قَوْله: (وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا) الثَّالِث من الثَّلَاث، وأبواب الرِّبَا كَثِيرَة غير محصورة حَتَّى قَالَ بَعضهم: لَا رَبًّا إلَاّ فِي النَّسِيئَة، وَقَول عمر رَضِي الله عَنهُ: وأبواب، يدل على أَنه كَانَ عِنْده نَص فِي بعض أبوابه دون بعض وَلِهَذَا تمنى معرفَة الْبَعْض. قَوْله: (يَا أَبَا عمر) وَأَصله يَا أَبَا عمر وحذفت الْألف للتَّخْفِيف وَهُوَ كنية الشّعبِيّ، وَالْقَائِل بِهَذَا أَبُو حَيَّان التَّيْمِيّ. قَوْله: (وَشَيْء) مُبْتَدأ تخصص بِالصّفةِ وَهُوَ قَوْله: (يصنع) وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره: وَشَيْء يصنع بالسند من الْأرز مَا حكمه؟ والسند بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون، وبالدال الْمُهْملَة وَهِي بِلَاد بِالْقربِ من الْهِنْد. قَوْله: (من الرز) ويروى: من الْأرز. قَالَ الْجَوْهَرِي: الْأرز حب وَفِيه سِتّ لُغَات: أرز وأرز تتبع الضمة الضمة، وأرز وأرز مثل رسل ورسل، ورز ورنز، وَهِي لعبد الْقَيْس. قلت: وَفِيه لُغَة سابعة: أرز بِفَتْح الْهمزَة مَعَ تَخْفيف الزَّاي، كعضد. قَوْله: (ذَاك) أَي: الَّذِي يصنع من الرز لم يكن مَوْجُودا فِي الْمَدِينَة أَو مَعْرُوفا على زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (أَو قَالَ) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: (وَقَالَ حجاج عَن حَمَّاد) أَي: حجاج بن منهال، وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن أبي حَيَّان الْمَذْكُور فِي الحَدِيث مَكَان الْعِنَب الزَّبِيب، يَعْنِي: روى هَذَا الحَدِيث عَن أبي حَيَّان بِهَذَا السَّنَد والمتن فَذكر الزَّبِيب عوض الْعِنَب وَذكر البُخَارِيّ هَذَا عَن الْحجَّاج مذاكرة، وَوَصله عَليّ بن عبد الْعَزِيز فِي (مُسْنده) عَن حجاج بن منهال كَذَلِك.
٥٥٨٩ - حدّثناحَفْصُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ عبْدِ الله بنِ أبي السَّفَرِ عنِ الشَّعْبِيِّ عنِ ابنِ عُمَرَ عنْ عُمَر. قَالَ: الخَمْرُ تُصْنَعُ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ الزبِيبِ والتمْرِ والحِنْطَةِ والشَّعِيرِ والعَسَلِ.
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن حَفْص بن عمر بن الْحَارِث أَبُو عمر الحوضي النمري الْأَزْدِيّ عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute