للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي الْمُنَابذَة أَيْضا ثَلَاثَة أوجه، أَن يَجْعَل نفس. النبذ بيعا، وَأَن يَقُول: إِذا نَبَذته إِلَيْك انْقَطع الْخِيَار. وَإِن يُرَاد بِهِ نبذ الْحَصَا، وَله أَيْضا تأويلات أَن يَقُول: بِعْتُك من هَذِه الأثواب مَا وَقعت عَلَيْهِ الْحَصَاة الَّتِي أرميها، وَأَن يَقُول: لَك الْخِيَار إِلَى أَن أرمي بِهَذِهِ الْحَصَاة، وَأَن يجعلا نفس الرَّمْي بالحصاة بيعا، فَيَقُول: إِذْ رميت هَذَا الثَّوْب بالحصاة فَهُوَ مَبِيع بِكَذَا. وَقَالَ أَصْحَابنَا: الْمُلَامسَة والمنابذة وإلقاء الْحجر كَانَت بيوعاً فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ الرّجلَانِ يتساومان الْمَبِيع، وَإِذا ألْقى المُشْتَرِي عَلَيْهِ حَصَاة، أَو نبذه البَائِع إِلَى المُشْتَرِي، أَو لمسه المُشْتَرِي: لزم البيع، وَقد نهى الشَّارِع عَن ذَلِك. قَوْله: (وَأَن يشْتَمل) عطف على قَوْله: (عَن بيعَتَيْنِ) أَي: وَنهى أَيْضا أَن يشْتَمل. و: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي؛ وَعَن اشْتِمَال الصماء، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي: (أَن يحتبي) وتفسيرهما قد مر، وَالْمُطلق فِي الاحتباء هُنَا مَحْمُول على الْمُقَيد فِي الحَدِيث الَّذِي قبله.

٩٦٣٥٣ - ح دّثنا إسْحَاقُ قالَ حدّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قالَ حدّثنا ابنُ أخِي ابنِ شِهابٍ عنْ عَمِّهِ قَالَ أخبرَني حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قالَ بَعَثَني أبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الحجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ نُؤَذِّنُ بِمنىً أَلَاّ يُحُجَّ بَعْدَ العامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بالْبَيْتِ عُرْيانٌ قالَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أرْدَفَ رسولُ اللَّهِ عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَن يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٌ. قالَ أبُو هُرَيْرَةَ فأذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أهْلِ مِنىً يَوْمَ النَّحْرِ لَا يَحُج بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالبَيْتِ عُرْيانٌ. (الحَدِيث ٩٦٣ أَطْرَافه فِي: ٢٢٦١، ٧٧١٣، ٣٦٣٤، ٥٥٦٤، ٦٥٦٤، ٧٥٦٤) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان) . فَإِن منع الطّواف عَارِيا يدل على وجوب ستر الْعَوْرَة، وَقد تقدم الْكَلَام فِي هَذَا الْجُزْء من هَذَا الحَدِيث فِي بَاب وجوب الصَّلَاة فِي الثِّيَاب.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة. الأول: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين إِسْحَاق مُجَردا غير مَنْسُوب، فَلذَلِك تردد فِيهِ الْحفاظ، فَمنهمْ من قَالَ: إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَمِنْهُم من قَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْمَشْهُور بِابْن رَاهَوَيْه، لِأَن كلَا مِنْهُمَا يروي عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، وَالنُّسْخَة الَّتِي فِيهَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هِيَ الْأَصَح. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: إِسْحَاق، أَي ابْن إِبْرَاهِيم الْمَشْهُور بِابْن رَاهَوَيْه فِي آخر بَاب فضل من علم. وَقَالَ بَعضهم: وَوَقع فِي نُسْخَتي من طَرِيق أبي ذَر: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، فَتعين أَنه ابْن رَاهَوَيْه، إِذْ لم يرو البُخَارِيّ عَن إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل واسْمه إِبْرَاهِيم شَيْئا قلت: وُقُوع إِسْحَاق مَنْسُوبا فِي نسخته إِنَّمَا علم أَنه ابْن رَاهَوَيْه من جِهَة أبي ذَر لَا من جِهَة نسخته، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: أَولا وردده الْحفاظ بَين ابْن مَنْصُور وَبَين ابْن رَاهَوَيْه، فَكيف يُعلل بعد هَذَا بقوله: إِذْ لم يرو البُخَارِيّ عَن إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل؟ الثَّانِي: يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، سبط عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. الثَّالِث: ابْن أخي بن شهَاب، هُوَ: مُحَمَّد بن عبد اابن أخي الزُّهْرِيّ، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب. الرَّابِع: عَمه، وَهُوَ الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: حميد، بِضَم الْحَاء؛ ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي اتعالى عَنهُ. السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد. وَفِيه: أَرْبَعَة زهريون، وهم: يَعْقُوب إِلَى أبي هُرَيْرَة. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِزْيَة عَن أبي الْيَمَان، وَفِي الْمَغَازِي عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي، وَفِي الْحَج عَن يحيى بن بكير، وَفِي التَّفْسِير عَن سعيد بن عفير وَعَن عبد ابْن يُوسُف، وَعَن إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن صَالح بن كيسَان. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن هَارُون بن سعيد، وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس. وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي.

ذكر مَعَانِيه قَوْله: (فِي تِلْكَ الْحجَّة) ، أَي الَّتِي أمَّر رَسُول الله الصّديق على الْحَاج، وَهِي قبل حجَّة الْوَدَاع بِسنة، وَهِي السّنة التَّاسِعَة كَمَا ذكر فِي (الْمَغَازِي) . قَوْله: (فِي مؤذنين) أَي: فِي رَهْط يُؤذنُونَ فِي النَّاس يَوْم النَّحْر، كَأَنَّهُ مقتبس مِمَّا قَالَ اتعالى: {وأذان من اورسوله إِلَى النَّاس يَوْم الْحَج الْأَكْبَر} (التَّوْبَة: ٣) وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد، يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر، وَالْحج الْأَكْبَر: قلت: الْحَج الْأَصْغَر الْعمرَة. قَوْله: (أَلَاّ يحجّ) ، أَصله: أَن لَا يحجّ، فادغمت النُّون فِي: لَا، فَصَارَ: ألَاّ، بِفَتْح الْهمزَة

<<  <  ج: ص:  >  >>