٤٧٣٠٤ - ح دّثنا أبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَمْرٍ وقالَ حدّثنا عَبْدُ الوَارِثِ قالَ حدّثنا عَبْدُ العَزِيزِ ابنُ صُهَيْبٍ عنْ أنَسٍ كانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جانِبَ بَيْتِها فقالَ النَّبيُّ: (أمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي) .
وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ستر الَّذِي فِيهِ التصاوير إِذا نهى عَنهُ الشَّارِع، فَمنع لبسه بِالطَّرِيقِ الأولى. فَإِن قلت: التَّرْجَمَة شَيْئَانِ، والْحَدِيث لَا يدل إلَاّ على شَيْء وَاحِد، وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي فِيهِ الصُّورَة. قلت: يلْحق بِهِ الثَّوْب الَّذِي فِيهِ صور الصلبان لاشْتِرَاكهمَا فِي أَن كلاًّ مِنْهُمَا عبد من دونه اعز وَجل.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة، الْكل قد ذكرُوا: وَمعمر بِفَتْح الْمِيم، وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعيد.
وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، والعنعنة فِي مَوضِع وَاحِد وَرِجَاله كلهم بصريون.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره. أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس. وَأخرجه النَّسَائِيّ بِأَلْفَاظ، فَفِي لفظ: (يَا عَائِشَة أَخْرِجِي هَذَا فَإِنِّي إِذا رَأَيْته ذكرت الدُّنْيَا) . وَفِي لفظ: (فَإِن فِيهِ تِمْثَال طير مُسْتَقْبل الْبَيْت إِذا دخل الدَّاخِل) . وَفِي لفظ: (فِيهِ تصاوير، فَنَزَعَهُ رَسُول ا، فَقَطعه وسادتين، فَكَانَ يرتفق عَلَيْهِمَا) . وَفِي لفظ: (كَانَ فِي بَيْتِي ثوب فِيهِ تصاوير فَجَعَلته إِلَى سهوة فِي الْبَيْت، فَكَانَ رَسُول الله يُصَلِّي إِلَيْهِ ثمَّ قَالَ: يَا عَائِشَة أخرجيه عني، فنزعته فَجَعَلته وسائد) . وَفِي لفظ: (دخل عَليّ رَسُول الله وَقد اشْتريت بقرام فِيهِ تماثيل، فَلَمَّا رَآهُ تلون وَجهه ثمَّ هتكه بِيَدِهِ، وَقَالَ؛ إِن أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يشبهون بِخلق ا) . وَفِي لفظ: (قدم النَّبِي من سفر وَقد اشْتريت بقرام على سهوة لي فِيهِ تماثيل فَنَزَعَهُ) . وَفِي لفظ: (خرج رَسُول ا، خرجَة ثمَّ دخل وَقد علقت قراماً فِيهِ الْخَيل أولات الأجنحة، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: إنزعيه) .
ذكر مَعَانِيه قَوْله: (قرام) ، بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف الرَّاء: وَهُوَ ستر رَقِيق من صوف ذُو ألوان. وَقَالَ أَبُو سعد: القرام: صوف غليظ جدا. يفرش فِي الهودج. وَفِي (الْمُحكم) : هُوَ ثوب من صوف ملون، وَالْجمع: قرم. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي، جمعه: قروم، هُوَ ثوب من صوف فِيهِ ألوان من عهن، فَإِذا خيط صَار كَأَنَّهُ بَيت، فَهُوَ كلة. وَقَالَ الْقَزاز وَابْن دُرَيْد: هُوَ السّتْر الرَّقِيق وَرَاء السّتْر الغليظ على الهودج وَغَيره. وَقَالَ الْخَلِيل: يتَّخذ سترا أَو يغشى بِهِ هودج أَو كلة، وَزعم الْجَوْهَرِي أَنه: ستر فِيهِ رقم ونقوش. وَقَالَ: وَكَذَلِكَ المقرم والمقرمة. قَوْله: (أميطي) أَي: أزيلي، وَهُوَ أَمر من أماط يميط. قَالَ ابْن سَيّده: يُقَال: مَاطَ عني ميطاً ومياطاً وأماط: تنحى وَبعد، وماطه عني وأماطه: نحاه وَدفعه. قَالَ بَعضهم؛ مطت بِهِ وأمطته، على حكم مَا يتَعَدَّى إِلَيْهِ الْأَفْعَال غير المتعدية بِالنَّقْلِ فِي الْغَالِب، وماط الْأَذَى ميطاً وأماطه: نحاه وَدفعه. قَوْله: (لَا تزَال تصاوير) ، بِدُونِ الضَّمِير، وَفِي بعض الرِّوَايَة: تصاويره، بإضافته إِلَى الضَّمِير، وَالضَّمِير فِي: فَإِنَّهُ للشأن. وَفِي الرِّوَايَة الَّتِي بالضمير: يحْتَمل أَن يرجع إِلَى الثَّوْب. قَوْله: (تعرض) بِفَتْح التَّاء وَكسر الرَّاء أَي: تلوح، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ. (تعرض) . بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الرَّاء، وَأَصله: تتعرض، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ كَمَا فِي {نَارا تلظى} (اللَّيْل: ٤١) .
ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: قَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ: دَلِيل على أَن الصُّور كلهَا مَنْهِيّ عَنْهَا، سَوَاء كَانَت أشخاصاً ماثلة أَو غير ماثلة، كَانَت فِي ستر أَو بِسَاط أَو فِي وَجه جِدَار أَو غير ذَلِك. وَقَالَ ابْن بطال: علم من الحَدِيث النَّهْي عَن اللبَاس الَّذِي فِيهِ التصاوير بِالطَّرِيقِ الأولى، وَهَذَا كُله على الْكَرَاهَة، فَإِن من صلى فِيهِ فَصلَاته مجزئة، لِأَنَّهُ لم يعد الصَّلَاة، وَلِأَنَّهُ ذكر أَنَّهَا عرضت لَهُ، وَلم يقل: إِنَّهَا قطعتها. وَمن صلى بذلك أَو نظر إِلَيْهِ فَصلَاته مجزئة عِنْد الْعلمَاء. وَقَالَ الْمُهلب: وَإِنَّمَا أَمر باجتناب هَذَا لإحضار الْخُشُوع فِي الصَّلَاة وَقطع دواعي الشّغل. وَقيل: إِنَّه مَنْسُوخ بِحَدِيث سهل بن حنيف، رَوَاهُ مَالك بن أنس: (عَن أبي النَّضر عَن عبيد ابْن عبد اأنه دخل على طَلْحَة الْأنْصَارِيّ يعودهُ، فَوجدَ عِنْده سهل بن حنيف، فَأمر أَبُو طَلْحَة إنْسَانا ينْزع نمطاً تَحْتَهُ، فَقَالَ لَهُ سهل: لِمَ تنزعه؟ قَالَ: لِأَن فِيهِ تصاوير، وَقد قَالَ رَسُول ا: مَا قد علمت قَالَ: ألم يقل: إلَاّ مَا كَانَ رقماً فِي ثوب؟ قَالَ؛ بلَى، وَلكنه أطيب للنَّفس) . وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن عَليّ بن شُعَيْب عَن معن عَن مَالك بِهِ، وَاحْتج أَصْحَابنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute