كَانَت امْرَأَة كَبِيرَة سَوْدَاء وَلم يذكر أحد اسْمهَا وَلَا اسْم الْحَيّ الَّتِي كَانَت لَهُم وَلَا اسْم الصبية قَوْله " لحي من الْعَرَب " أَي لقبيلة مِنْهُم ومتعلق اللَّام مَحْذُوف تَقْدِيره كائنة لحي من الْعَرَب وَهِي فِي مَحل النصب على الوصفية قَوْله " فَخرجت صبية لَهُم " أَي لهَؤُلَاء الْحَيّ وروى ثَابت فِي الدَّلَائِل من طَرِيق أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام فَزَاد فِيهِ " أَن الصبية كَانَت عروسا فَدخلت فِي مغتسلها فَوضعت الوشاح " وَهُوَ بِكَسْر الْوَاو وَبِضَمِّهَا وَيُقَال الإشاح أَيْضا بِكَسْر الْهمزَة على الْبَدَل من الْوَاو وَهُوَ خيطان من لُؤْلُؤ وجوهر منظومان يُخَالف بَينهمَا مَعْطُوف أَحدهمَا على الآخر وَالْجمع أوشحة ووشح ووشائح قَالَ كثير
(كَأَن قِنَا المران تَحت خدودها ... ظباء الفلا نيطت عَلَيْهَا الوشائح)
ذكره فِي الْمُحكم وَقَالَ فِي الْمُخَصّص عَن الْفَارِسِي الوشاح من وسط إِلَى أَسْفَل قَالَ وَلَا يكون الوشاح وشاحا حَتَّى يكون منظوما بلؤلؤ أَو ودع وَفِي الْجَامِع للقزاز الوشاح خرز تتوشح بِهِ الْمَرْأَة وَمِنْه قَول امريء الْقَيْس
(إِذا مَا الثريا فِي السَّمَاء تعرضت ... تعرض أثْنَاء الوشاح الْمفصل)
وَيُقَال أَيْضا الوشحن قَالَ الراجز
(أحب مِنْك مَوضِع الوشحن ... ومعقد الْإِزَار والقفن)
وَفِي الْمُنْتَهى أشاح وَهُوَ ينسج من أَدِيم عرضا وينظم عَلَيْهِ الْجَوَاهِر فَيكون نظمان أَحدهمَا مَعْطُوف على الآخر وَالْجمع وشح وَفِي الصِّحَاح الوشاح ينسج من أَدِيم عرضا ويرصع بالجواهر وتشده الْمَرْأَة بَين عاتقها وكشحها وَفِي المغيث الوشاح قلادة من سيور ذكره عِنْد ذكر هَذَا الحَدِيث وَذكر فِيهِ أَيْضا من سيور وَهُوَ جمع سير بِفَتْح السِّين وَهُوَ مَا يقدمن الْجلد (فَإِن قلت) قَوْله من سيور يدل على أَن الوشاح الْمَذْكُور كَانَ من جلد وَكَانَ عَلَيْهِ لُؤْلُؤ فَكيف حسبته الحدياة لَحْمًا حَتَّى خطفته (قلت) لما رَأَتْ بَيَاض اللُّؤْلُؤ على حمرَة الْجلد حسبته أَنه لحم سمين فخطفته قَوْله " أَو وَقع " شكّ من الرَّاوِي قَوْله " حدياة " بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا ألف وَفِي آخرهَا تَاء وَالْأَصْل أَن يُقَال حديأة بِهَمْزَة بمفتوحة بعد الْيَاء لِأَنَّهَا مصغر حدأة على وزن عنبة وَلَكِن أبدلت الْهمزَة بَاء وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء وَجمع حدأة حدء مَقْصُور مَهْمُوز نَص عَلَيْهِ ثَعْلَب وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة جمعه حدان وَقَالَ ابْن سَيّده والحداء أَيْضا بِالْمدِّ وَالْكَسْر جمع الحدأة وَهُوَ نَادِر وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه فِيمَا حَكَاهُ ابْن عديس من الْعَرَب من يسميها أَيْضا الحدو بِكَسْر الْحَاء وَفتح الدَّال وَاو بعْدهَا سَاكِنة وَقَالَ ابْن مَنْصُور فِي التَّهْذِيب لَا بَأْس بقتل الحدو وَقَالَ ابْن عديس وَفِي الحدى مثل الْعُزَّى وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ لَهَا حدية يشددون الْيَاء وَلَا يهمزون وَالْجمع حداوى وَعَن أبي حَاتِم أَنه خطأهم فِي هَذَا وَحكى ابْن الْأَنْبَارِي فِي مقصوره الحدا جمع حدأة وَرُبمَا فتحُوا الْحَاء فَقَالُوا حداة وحداة وَالْكَسْر أَجود وَفِي الموعب هِيَ طَائِر يَأْكُل الجرذان (قلت) هُوَ الطَّائِر الْمَعْرُوف الَّذِي هُوَ من الفواسق الْخمس الْمَأْذُون بقتلهن فِي الْحل وَالْحرم قَوْله " وَهُوَ ملقى " أَي الوشاح ملقى أَي مرمي وَالْجُمْلَة حَالية قَوْله " فخطفته " بِكَسْر الطَّاء وَقيل بِفَتْحِهَا قَوْله " فالتمسوه " أَي طلبوه وسألوا عَنهُ قَوْله " فطفقوا " أَي فَجعلُوا يفتشوني وَالْأَصْل أَن يُقَال يفتشونني ويروى يفتشون قَوْله " قبلهَا " بِضَم الْقَاف وَالْبَاء أَي فرجهَا (فَإِن قلت) كَانَ الْقيَاس أَن يُقَال قبلي بياء الْمُتَكَلّم (قلت) إِن كَانَ هَذَا من كَلَام عَائِشَة فَهُوَ على الأَصْل وَإِن كَانَ من كَلَام الوليدة فَهُوَ من بَاب الِالْتِفَات أَو من بَاب التَّجْرِيد فَكَأَنَّهَا جردت من نَفسهَا شخصا وأخبرت عَنهُ وَالظَّاهِر أَنه من كَلَام الوليدة وَزَاد فِيهِ ثَابت فِي الدَّلَائِل قَالَت " فدعوت الله أَن يبرئني فَجَاءَت الحديأة وهم ينظرُونَ " قَوْله " لقائمة " اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد قَوْله " إِذْ مرت الحديأة " كلمة إِذْ على أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا أَن تكون اسْما للزمن الْمَاضِي وَالْغَالِب فِي اسْتِعْمَالهَا أَن تكون ظرفا وَإِذ هَهُنَا من هَذَا الْقَبِيل وَبَقِيَّة الْأَقْسَام تعرف فِي موضعهَا قَوْله " زعمتم " مَفْعُوله مَحْذُوف تَقْدِيره زعمتم أَنِّي أَخَذته قَوْله " وَأَنا مِنْهُ بريئة " جملَة حَالية وَالضَّمِير فِي مِنْهُ يرجع إِلَى الزَّعْم الَّذِي يدل عَلَيْهِ زعمتم وَيجوز أَن يرجع إِلَى الوشاح أَي من أَخذه قَوْله " وَهُوَ ذَا هُوَ " فِيهِ أوجه من الْإِعْرَاب الأول أَن يكون هُوَ مُبْتَدأ وَذَا خَبره وَهُوَ الثَّانِي خبر بعد خبر وَالثَّانِي أَن يكون هُوَ الثَّانِي تَأْكِيدًا للْأولِ وَالثَّالِث أَن يكون تَأْكِيدًا لذا وَالرَّابِع أَن يكون بَيَانا لَهُ وَالْخَامِس أَن يكون ذَا مُبْتَدأ ثَانِيًا وَخَبره هُوَ الثَّانِي وَالْجُمْلَة خبر الْمُبْتَدَأ وَالسَّادِس أَن يكون هُوَ ضمير الشَّأْن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute