للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَسَاجِد ليتعبدوا فِيهَا بعبدتهم الْبَاطِلَة، أَلا ترى أَن الْعَبَّاس رَضِي اتعالى عَنهُ، لما أسر يَوْم بدر وعير بِكُفْرِهِ وَأَغْلظ لَهُ عَليّ رَضِي اتعالى عَنهُ، ادّعى أَنهم كَانُوا يعمرون الْمَسْجِد الْحَرَام، فَبين الْهم ذَلِك أَنه غير مَقْبُول مِنْهُم لكفرهم حَيْثُ أنزل على نبيه الْكَرِيم: {مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد ا} (التَّوْبَة: ٧١) كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن، ثمَّ أنزل فِي حق الْمُسلمين الَّذين يتعاونون فِي بِنَاء الْمَسَاجِد قَوْله: {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد امن آمن با ... } (التَّوْبَة: ٨١) الْآيَة، وَالْمعْنَى: إِنَّمَا الْعِمَارَة المعتد بهَا عمَارَة من آمن با، فَجعل عمَارَة غَيرهم كلا عمَارَة حَيْثُ ذكرهَا بِكَلِمَة الْحصْر، وروى عبد بن حميد فِي مُسْنده: حدّثنا يُونُس بن مُحَمَّد حدّثنا صَالح الْمزي عَن ثَابت الْبنانِيّ وَمَيْمُون بن سياه وجعفر بن زيد عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول ا: (إِن عمار الْمَسْجِد هم أهل ا) ، وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَزَّار أَيْضا، وَلَا شكّ أَن أهل اهم الْمُؤْمِنُونَ.

٧٤٤٧٠١ - ح دّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدّثنا عَبْدُ العَزيزِ بنُ مُخْتَارٍ قَالَ حدّثنا خالِدٌ الحَذَّاءُ عنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِيَ ابنُ عَبَّاس وَلاِبْنِهِ عَلِيّ إنْطَلِقَا إِلى أبي سَعِيدٍ فاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فاحْتَبَي ثُمَّ أنْشَأَ يُحَدِّثُنا حَتَّى أتَى ذِكْرُ بِنَاءِ المسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْملُ لَبنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتْينِ لَبِنَتَيْنِ فَرَآهُ النَّبِي فَنَفَضَ الترَابَ عَنْهُ وقالَ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ. (الحَدِيث ٧٤٤ طرفه فِي: ٢١٨٢) .

مطابقته للتَّرْجَمَة الأولى ظَاهِرَة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة. الأول: مُسَدّد بن مسرهد، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: عبد الْعَزِيز بن مُخْتَار أَبُو إِسْحَاق الدّباغ الْبَصْرِيّ الْأنْصَارِيّ. الثَّالِث: خَالِد بن مهْرَان الْحذاء، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الذَّال الْمُعْجَمَة، وَقد تقدم. الرَّابِع: عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس. الْخَامِس: عَليّ بن عبد ابْن عَبَّاس بن عبد الْمطلب الْقرشِي الْهَاشِمِي أَبُو الْحسن، وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّد، كَانَ مولده لَيْلَة قتل عَليّ بن أبي طَالب فَسمى باسمه وكنى بكنيته، وَكَانَ غَايَة فِي الْعِبَادَة والزهد وَالْعلم وَالْعَمَل وَحسن الشكل والفقهه، وَكَانَ يُصَلِّي كل يَوْم ألف رَكْعَة، هُوَ جد السفاح والمنصور الخليفتين، وَكَانَ يدعى: السَّجَّاد، لذَلِك. وَكَانَ لَهُ خَمْسمِائَة أصل زيتون يُصَلِّي كل يَوْم عِنْد أصل كل شَجَرَة رَكْعَتَيْنِ، مَاتَ بعد الْعشْرين وَمِائَة، إِمَّا سنة أَربع عشرَة أَو سبع عشرَة أَو عشر، عَن ثَمَان أَو تسع وَسبعين سنة. السَّادِس: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي اعنه.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل. وَفِيه: أَن إِسْنَاده كُله بَصرِي لِأَن ابْن عَبَّاس أَقَامَ أَمِيرا على الْبَصْرَة مُدَّة، وَعِكْرِمَة مَوْلَاهُ مَعَه.

ذكر تعدد مَوْضِعه: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى.

ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه قَوْله: (ولابنه) ، الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى ابْن عَبَّاس. قَوْله: (فَإِذا هُوَ) ، كلمة: إِذا، هَهُنَا للمفاجأة، أَي: فَإِذا أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ فِي حَائِط، أَي: بُسْتَان. وَسمي بِهِ لِأَنَّهُ لَا سقف لَهُ. قَوْله: (يصلحه) جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر لقَوْله: هُوَ، وَلَفظ البُخَارِيّ فِي بَاب الْجِهَاد: (فأتيناه وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِط لَهما يسقيانه) قيل: أَخُوهُ هَذَا لأمه، وَهُوَ قَتَادَة بن النُّعْمَان، ورد بِأَن هَذَا لَا يَصح، لِأَن عَليّ بن عبد ابْن عَبَّاس ولد فِي آخر خلَافَة عَليّ بن أبي طَالب، وَمَات قَتَادَة بن النُّعْمَان قبل ذَلِك فِي أَوَاخِر خلَافَة عمر بن الْخطاب رَضِي اتعالى عَنهُ، وَلَيْسَ لأبي سعيد أَخ شَقِيق وَلَا أَخ من أَبِيه وَلَا من أمه إلَاّ قَتَادَة، فَيحْتَمل أَن يكون الْمَذْكُور أَخَاهُ من الرضَاعَة، وَا تَعَالَى أعلم. قَوْله: (فاحتبى) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالباء الْمُوَحدَة بعد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، يُقَال؛ احتبى الرجل إِذا جمع ظَهره وساقيه بعمامته، وَقد يحتبي بيدَيْهِ. قَوْله: (أنشأ) بِمَعْنى: طفق، وهما من أَفعَال المقاربة وضعا للدلالة على الشُّرُوع فِي الْخَبَر، ويعملان عمل: كَانَ إلَاّ أَن خبرهما يجب أَن يكون جملَة، ويشاركهما فِي هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ: جعل وعلق وَأخذ.

قَوْله: (يحدّثنا) فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ خبر: أنشأ. قَوْله: (حَتَّى أَتَى) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: (حَتَّى إِذا أَتَى) . قَوْله: (بِنَاء الْمَسْجِد) ، أَي: الْمَسْجِد النَّبَوِيّ، فالألف وَاللَّام فِيهِ للْعهد. قَوْله: (قَالَ) : أَي أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ. قَوْله: (لبنة) ، بِفَتْح اللَّام وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا النُّون: وَهِي الطوب النيء، وانتصابها على أَنَّهَا مفعول: نحمل، وانتصاب

<<  <  ج: ص:  >  >>