للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْبيُوع عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَفِيه: وَفِي الْعتْق عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى. وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا عَن عمْرَة عَن عَائِشَة فِي الْفَرَائِض عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان ومُوسَى بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ ابْن علية، ثَلَاثَتهمْ عَن جَعْفَر بن عون بِهِ، وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين عَن ابْن أبي الْقَاسِم عَن مَالك بِهِ، وَفِي الْعتْق وَفِي الشُّرُوط عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بِهِ، وَفِي الشُّرُوط أَيْضا عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن سُفْيَان بِبَعْضِه. وَأخرجه ابْن ماجة أَيْضا فِي الْعتْق عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد، قَالَا: حدّثنا وَكِيع عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة زوج النَّبِي أَن بَرِيرَة أتتها وَهِي مُكَاتبَة قد كاتبها أَهلهَا على تسع أَوَاقٍ، فَقَالَت لَهَا: إِن شَاءَ أهلك عددت لَهُم عدَّة وَاحِدَة وَكَانَ الْوَلَاء لي. قَالَ: فَأَتَت أَهلهَا فَذكرت ذَلِك لَهُم فَأَبَوا إلَاّ أَن يشْتَرط الْوَلَاء لَهُم، فَذكرت عَائِشَة ذَلِك للنَّبِي فَقَالَ: إفعلي. قَالَ: فَقَامَ النَّبِي فَخَطب النَّاس فَحَمدَ اوأثنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: (مَا بَال رجال يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب ا، كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب افهو بَاطِل وَإِن كَانَ مائَة شَرط، كتاب اأحق، وَشرط اأوثق، وَالْوَلَاء لمن أعتق) .

ذكر اعراب وَمَعْنَاهُ قَوْله: (قَالَ: اتتها بَرِيرَة) ، فَاعل: قَالَت، يحْتَمل أَن يكون: عمْرَة، وَيحْتَمل أَن يكون: عَائِشَة، فَإِذا كَانَت: عَائِشَة، فَفِيهِ الْتِفَات من الْحَاضِر إِلَى الْغَائِب، وبريرة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء الأولى وَفتح الثَّانِيَة بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة، وَزعم الْقُرْطُبِيّ أَن وَزنهَا. فعيلة، من الْبر، وَيحْتَمل أَن تكون بِمَعْنى مفعولة أَي: مبرورة، كأكيلة السَّبع أَي مأكولته وَيحْتَمل أَن تكون بِمَعْنى: فاعلة، كرحيمة بِمَعْنى: راحمة، وَهِي بنت صَفْوَان، كَانَت لقوم من الْأَنْصَار، أَو مولاة لأبي أَحْمد ابْن جحش، وَقيل: مولاة لبَعض بني هِلَال، وَكَانَت قبطية.

وَقَالَ الْكرْمَانِي: بَرِيرَة مولاة لعَائِشَة كَانَت لعتبة بن أبي لَهب، قلت: ذكرهَا الذَّهَبِيّ فِي الصحابيات، وَقَالَ: يُقَال: إِن عبد الْملك بن مَرْوَان سمع مِنْهَا، وَفِي (مُعْجم الطَّبَرَانِيّ) : من حَدِيث عبد الْملك بن مَرْوَان، قَالَ: (كنت أجالس بَرِيرَة بِالْمَدِينَةِ فَكَانَت تَقول لي: يَا عبد الْملك إِنِّي أرى فِيك خِصَالًا وَإنَّك لخليق أَن تلِي هَذَا الْأَمر، فَإِن وليته فاحذر الدُّنْيَا، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله يَقُول: إِن الرجل ليدفع عَن بَاب الْجنَّة بعد أَن ينظر إِلَيْهَا بملىء محجمة من دم يريقه من مُسلم بِغَيْر حق) . انْتهى.

وَعبد الْملك اخْتلف فِي مولده، فَقَالَ حنيفَة بن خياط: سنة ثَلَاث، وَقَالَ أَبُو حسان الزيَادي: سنة خمس، وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد سنة خمس، وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد. سنة سِتّ وَعشْرين، وولاه مُعَاوِيَة ديوَان الْخراج وعمره سِتَّة عشر سنة، فعلى هَذَا تكون بَرِيرَة مَوْجُودَة بعد سنة أَرْبَعِينَ. وَقد اخْتلف فِي اسْم زوج بَرِيرَة فَفِي (الصَّحِيح) : مغيث، بِضَم الْمِيم وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره ثاء، مُثَلّثَة، وَعَن الصريفيني عَن العسكري: معتب، بِعَين مُهْملَة وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، وَعند أبي، مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ اسْمه: مقسم، وَا تَعَالَى أعلم.

قَوْله: (تسألها فِي كتَابَتهَا) ، جملَة حَالية وَقعت حَالا عَن بَرِيرَة، وَالْأَصْل فِي السُّؤَال أَن يعدى: بعن، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} (الْأَنْفَال: ١) وَلَكِن لما كَانَ سؤالها بِمَعْنى الاستعطاء، بِمَعْنى: تستعطيها فِي أَمر كتَابَتهَا، عدي بِكَلِمَة الظّرْف، وَيجوز أَن يكون معنى: تسْأَل، تستعين بالتضمين، على أَن فِي رِوَايَة جَاءَت هَكَذَا، وَالْكِتَابَة فِي اللُّغَة مصدر: كتب من الْكتب، وَهُوَ الْجمع، وَمِنْه كتبت الْقرْبَة إِذا خرزتها، وَسمي هَذَا العقد؛ كِتَابَة ومكاتبة، لِأَن فِيهِ ضم حريَّة الْيَد إِلَى حريَّة الرَّقَبَة، أَو لِأَن فِيهِ جمعا بَين نجمين فَصَاعِدا، أَو لِأَن كلاًّ مِنْهُمَا يكْتب الْوَثِيقَة، وَفِي الشَّرْع: تَحْرِير الْمَمْلُوك يدا فِي الْحَال، ورقبة فِي الْمَآل، لِأَن الْمكَاتب لَا يتحرر رَقَبَة إلَاّ إِذا أدّى المَال، وَهُوَ بدل الْكِتَابَة، وَأما فِي الْحَال فَهُوَ حر من جِهَة الْيَد فَقَط حَتَّى يكون أَحَق بِكَسْبِهِ، وَيجب على الْمولى الضَّمَان بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ أَو على مَاله، وَلِهَذَا قيل: الْمكَاتب طَار عَن ذل الْعُبُودِيَّة وَلم ينزل فِي ساحة الْحُرِّيَّة، فَصَارَ كالنعامة أَن استطير تباعر، وان استحمل تطاير. قَوْله: (فَقَالَت: إِن شِئْت) أَي: قَالَت عَائِشَة مُخَاطبَة لبريرة: إِن شِئْت، وَهُوَ بِكَسْر التَّاء. قَوْله: (أَعْطَيْت) ، بِلَفْظ الْمُتَكَلّم. قَوْله: (أهلك) المُرَاد بِهِ: مواليها، وَهُوَ مَنْصُوب على أَنه مفعول أول لأعطيت، ومفعوله الثَّانِي مَحْذُوف وَهُوَ: ثمنك، لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ. قَوْله: (وَيكون الْوَلَاء لي) بِفَتْح الْوَاو، وَهُوَ فِي عرف الْفُقَهَاء عبارَة عَن تناصر يُوجب الْإِرْث، وَالْعقد وَالْوَلَاء فِي اللُّغَة. النُّصْرَة والمحبة، إلَاّ أَن اخْتصَّ فِي الشَّرْع: بولاء الْعتْق، والموالاة واشتقاقه من الْوَلِيّ وَهُوَ: الْقرب، وَحُصُول الثَّانِي بعد الأول من غير فصل. قَوْله: (وَقَالَ أَهلهَا) أَي: أهل بَرِيرَة. قَوْله: (إِن شِئْت

<<  <  ج: ص:  >  >>