ذكر مَعْنَاهُ قَوْله:(سعد) هُوَ سعد بن معَاذ أَبُو عَمْرو سيد الْأَوْس، بَدْرِي كَبِير. قَالَ أَبُو نعيم: مَاتَ فِي شَوَّال سنة خمس، وَكَذَا قَالَ ابْن إِسْحَاق، وَنزل فِي جنَازَته سَبْعُونَ ألف ملك مَا وطئوا الأَرْض قبل، واهتز لَهُ عرش الرَّحْمَن، وَفِي رِوَايَة: الْعَرْش فَإِن قلت: مَا وَجه اهتزاز الْعَرْش لَهُ؟ قلت: أُجِيب بأجوبه. الأول: أَنه اهتز استبشاراً بقدوم روحه. الثَّانِي: أَن المُرَاد اهتزاز حَملَة الْعَرْش، وَمن عِنْده من الْمَلَائِكَة. الثَّالِث: أَن المُرَاد بالعرش الَّذِي وضع عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي عِنْد البُخَارِيّ أَن رجلا قَالَ لجَابِر بن عبد ا: إِن الْبَراء بن عَازِب يَقُول: اهتز السرير، فَقَالَ: إِنَّه كَانَ بَين هذَيْن الْحَيَّيْنِ ضغائن. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَغَيره: يَعْنِي بالحيين: الْأَوْس والخزرج. وَكَانَ سعد من الْأَوْس، والبراء من الْخَزْرَج، وكل مِنْهُم لَا يقر بِفضل صَاحبه عَلَيْهِ. قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَفِيه نظر من حَيْثُ إِن سَعْدا والبراء كل مِنْهُمَا أوسي، وَإِنَّمَا أشكل عَلَيْهِم فِيمَا أرى أَنه رأى فِي نسب الْبَراء بن عَازِب بن الْحَارِث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حَارِثَة بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج، وَسعد بن معَاذ بن النُّعْمَان بن امريء الْقَيْس بن زيد بن عبد الْأَشْهَل بن جشم بن الْحَارِث الأوسي، فَظن أَن الْخَزْرَج الأول هُوَ أَبُو الخزرجيين، فَفرق بَينهمَا، وَإِنَّمَا هُوَ الْخَزْرَج أَبُو الحارثيين الْمَذْكُورين فِي نسبهما، وَهُوَ ابْن عَمْرو بن مَالك بن الْأَوْس بن حَارِثَة، كَذَا ذكر نسبهما بن سعد وَابْن إِسْحَاق وَخَلِيفَة فِي الآخرين.
قَوْله:(يَوْم الخَنْدَق) ، وَيُسمى: الْأَحْزَاب، ذكرهَا ابْن سعد فِي ذِي الْقعدَة، ومُوسَى بن عقبَة: فِي شَوَّال سنة أَربع. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: فِي شَوَّال سنة خمس، وَزعم أَبُو عمر وَغَيره: أَن سَعْدا مَاتَ بعد الخَنْدَق بِشَهْر، وَبعد قُرَيْظَة بِليَال. قَوْله:(فِي الأكحل) على وزن: الأفعل، عرق فِي الْيَد، وَيُقَال لَهُ: النِّسَاء فِي الْفَخْذ، وَفِي الظّهْر الْأَبْهَر. قَالَه فِي (الْمُخَصّص) و (الْمُجْمل) وقِي: الأكحل هُوَ عرق الْحَيَاة، ويدعى: نهر الْبدن، وَفِي كل عُضْو مِنْهُ شُعْبَة لَهَا اسْم على حِدة، فَذا قطع فِي الْيَد لم يرق الدَّم. وَفِي (الصِّحَاح) : هُوَ عرق فِي الْيَد يفصد، وَلَا يُقَال عرق الأكحل. قَوْله:(فَضرب النَّبِي خيمة) ، ضرب يسْتَعْمل لمعان كَثِيرَة، وأصل التَّرْكِيب يدل على الْإِيقَاع، وَالْبَاقِي يسْتَعْمل وَيحمل عَلَيْهِ، وَهَهُنَا الْمَعْنى: نصب خيمة وأقامها على أوتاد مَضْرُوبَة فِي الأَرْض، والخيمة؛ بَيت تبنيه الْعَرَب من عيدَان الشّجر، وَالْجمع: خيمات وخيم، مثل: بدرة وَبدر، والخيم: مثل الْخَيْمَة، وَالْجمع: خيام مثل؛ فرخ وفراخ، وَعند أبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ: ضرب لَهُ النَّبِي خباء فِي الْمَسْجِد، والخباء وَاحِد الأخبية من وبر أَو صوف، وَلَا يكون من شعر، وَهُوَ على عمودين أَو ثَلَاثَة وَمَا فَوق ذَلِك، فَهُوَ بَيت.
قَوْله:(فَلم يرعهم) ، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة: من الروع، وَهُوَ الْفَزع. يُقَال: رعت فلَانا وروعته فارتاع، أَي: أفزعته، فَفَزعَ. وَقَالَ الْخطابِيّ: الروع إعظامك الشَّيْء وإكباره فترتاع. قَالَ: وَقد يكون من خوف، وَفِي (الْمُحكم) : الروع، والرواع واليروع: الْفَزع، راعني الْأَمر روعا ورووعاً، عَن ابْن الْأَعرَابِي، كَذَلِك حَكَاهُ بِغَيْر همز، وَإِن شِئْت همزَة، وارتاع مِنْهُ وَله وروعته فتروع، وَرجل روع ورائع متروع كِلَاهُمَا على النّسَب، وَالْمعْنَى هَهُنَا؛ فَلم يرعهم أَي: لم يفزعهم إِلَّا الدَّم، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَالْمعْنَى أَنهم بَينا هم فِي حَال طمأنينة وَسُكُون حَتَّى أفزعهم رُؤْيَة الدَّم فارتاعوا لَهُ. قَوْله:(وَفِي الْمَسْجِد خيمة من بني غفار) جملَة مُعْتَرضَة بَين الْفِعْل، أَعنِي: لم يرعهم، وَالْفَاعِل أَعنِي: إِلَّا الدَّم. و: بني غفار بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء وَفِي آخِره رَاء، وَبَنُو غفار: من كنَانَة رَهْط أبي ذَر الْغِفَارِيّ، رَضِي اتعالى عَنهُ، وَهَذِه الْخَيْمَة كَانَت لرقية الْأَنْصَارِيَّة. وَقيل: الأسْلَمِيَّة، وَكَانَت تداوي الْجَرْحى وَتحْتَسب بخدمتها من كَانَت بِهِ ضَيْعَة من الْمُسلمين. قَوْله:(من قبلكُمْ) بِكَسْر الْقَاف، أَي: من جهتكم قَوْله: (يغذو) ، بالغين والذال المعجمتين أَي: يسيل، وَهُوَ فعل مضارع من غذا الْعرق نَفسه يغذو غدواً وغذواناً، إِذا سَالَ، وكل مَا سَالَ فقد غذا، والغذوان المسرع. وَقَوله:(جرحه) ، مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل: يغذو. وَقَوله:(دَمًا) ، نصب على التَّمْيِيز. قَوْله:(مِنْهَا) أَي: من الْجراحَة، وَهَذِه رِوَايَة الْكشميهني وَالْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا:(فَمَاتَ فِيهَا) ، أَي: فِي الْخَيْمَة أَو فِي الْجراحَة الَّتِي الْجرْح بمعناها، وَكَانَت جراحته فِي الأكحل، رَمَاه رجل من قُرَيْش يُقَال لَهُ: حبَان بن العرفة، وَهُوَ حبَان ابْن أبي قبيس من بني مغيص بن عَامر بن لؤَي، والعرفة هِيَ أم عبد منَاف، وَاسْمهَا: قربَة بنت سعيد بن سعد بن سهم بن عَمْرو بن هصيص، سميت العرفة لطيب رِيحهَا، فِيمَا ذكره الْكَلْبِيّ. وَقَالَ أَبُو عبيد بن سَلام: العرفة هِيَ أم حبَان، وتكنى: أم فَاطِمَة، قَالَ السُّهيْلي: وَهِي جدة خَدِيجَة أم أمهَا هَالة.
ذكر مَا يستنبط من الْأَحْكَام الأول: اسْتدلَّ بِهِ مَالك وَأحمد على أَن النَّجَاسَات لَيست إِزَالَتهَا بِفَرْض، وَلَو كَانَت