بِالنّصب، وَهُوَ الْمَشْهُور يرْوى بِالْإِضَافَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{إِن ابالغ أمره}(الطَّلَاق: ٣) بالوحهين فِي الْقِرَاءَة وَقَالَ الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: قَالَ النُّحَاة: فَإِن إسم الْفَاعِل للماضي وَجَبت الْإِضَافَة، فَمَا وَجه عمله؟ قلت: إِذا أُرِيد بِهِ حِكَايَة الْحَال الْمَاضِيَة جَازَ إعماله كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ}(الْكَهْف: ٨١) و: أُمَامَة، بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الميمين: بنت زَيْنَب، رَضِي اتعالى عَنْهَا، كَانَت زَيْنَب أكبر بَنَات رَسُول ا، وَكَانَت فَاطِمَة أصغرهن وأحبهن إِلَى رَسُول ا، وَكَانَ أَوْلَاد رَسُول الله كلهَا من خَدِيجَة سوى إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ من مَارِيَة الْقبْطِيَّة، تزَوجهَا النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قبل الْبعْثَة. قَالَ الزُّهْرِيّ: وَكَانَ عمر يَوْمئِذٍ إِحْدَى وَعشْرين سنة، وَقيل: خمْسا وَعشْرين سنة زمَان بنيت الْكَعْبَة، قَالَه الْوَاقِدِيّ، وَزَاد: وَلها من الْعُمر خمس وَأَرْبَعُونَ سنة. وَقيل: كَانَ عمره،، ثَلَاثِينَ سنة وعمرها أَرْبَعِينَ سنة، فَولدت لَهُ: الْقَاسِم وَبِه كَانَ يكنى والطاهر وَزَيْنَب ورقية وَأم كُلْثُوم وَفَاطِمَة، وَتزَوج بِزَيْنَب: أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع فَولدت مِنْهُ عليا وأمامة هَذِه الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث، تزَوجهَا عَليّ بن أبي طَالب بعد موت فَاطِمَة، فَولدت مِنْهُ مُحَمَّدًا، وَكَانَت وَفَاة زَيْنَب فِي ثمانٍ. قَالَه الْوَاقِدِيّ. وَقَالَ قَتَادَة: فِي أول سنة ثَمَان.
قَوْله:(وَلأبي الْعَاصِ) بن الرّبيع بن عبد شمس، وَفِي أَحَادِيث (الْمُوَطَّأ) للدارقطني: قَالَ ابْن نَافِع وَعبد ابْن يُوسُف والقعنبي فِي رِوَايَة إِسْحَاق عَنهُ، وَابْن وهب وَابْن بكير وَابْن الْقَاسِم وَأَيوب بن صَالح عَن مَالك: وَلأبي الْعَاصِ بن ربيعَة عبد شمس. وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن: وَلأبي الْعَاصِ بن الرّبيع، مثل قَول معن، وَأبي مُصعب. وَفِي (التَّمْهِيد) رَوَاهُ يحيى: وَلأبي الْعَاصِ بن ربيعَة، بهاء التَّأْنِيث، وَتَابعه الشَّافِعِي ومطرف وَابْن نَافِع، وَالصَّوَاب: ابْن الرّبيع، وَكَذَا أصلحه ابْن وضاح فِي رِوَايَة يحيى. قَالَ عِيَاض: وَقَالَ الْأصيلِيّ: هُوَ ابْن ربيع ابْن ربيعَة، فنسبه مَالك إِلَى جده قَالَ عِيَاض: وَهَذَا غير مَعْرُوف، وَنسبه عِنْد أهل الْأَخْبَار باتفاقهم أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع بن عبد الْعُزَّى بن عبد شمس بن عبد منَاف. وَقَالَ الْكرْمَانِي: البُخَارِيّ نسبه مُخَالفا للْقَوْم من جِهَتَيْنِ، قَالَ: ربيعَة، بِحرف التَّأْنِيث، وَعِنْدهم: الرّبيع، بِدُونِهِ. وَقَالَ: ربيعَة بن عبد شمس، وهم قَالُوا: ربيع بن عبد الْعُزَّى بن عبد شمس. قلت: لَو اطلع الْكرْمَانِي على كَلَام الْقَوْم لما قَالَ: نِسْبَة البُخَارِيّ مُخَالفا للْقَوْم من جِهَتَيْنِ، على أَن الَّذِي عندنَا فِي نسختنا: الرّبيع عبد شمس، بِالنِّسْبَةِ إِلَى جده، وَاخْتلف فِي اسْم أبي الْعَاصِ، قيل: يَاسر، وَقيل: لَقِيط، وَقيل: مهشم، وَقَالَ الزبير: عَن مُحَمَّد بن الضَّحَّاك عَن أَبِيه اسْمه الْقَاسِم، وَهُوَ أَكثر فِي اسْمه. وَقَالَ أَبُو عمر: وَالْأَكْثَر لَقِيط، وَيعرف بجر الْبَطْحَاء، وَرَبِيعَة عَمه، وَأم أبي الْعَاصِ: هدلة، وَقيل: هِنْد بنت خويلد أُخْت خَدِيجَة، رَضِي اتعالى عَنْهَا، لأَبِيهَا وَأمّهَا، وَأَبُو الْعَاصِ أسلم قبل الْفَتْح وَهَاجَر ورد عَلَيْهِ السَّلَام، عَلَيْهِ إبنته زَيْنَب وَمَاتَتْ مَعَه. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ من رجال مَكَّة المعدومين مَالا وَأَمَانَة وتجارةً، وَكَانَت خَدِيجَة هِيَ الَّتِي سَأَلت رَسُول الله أَن يُزَوجهُ بابنتها زَيْنَب، وَكَانَ لَا يُخَالِفهَا، وَكَانَ ذَلِك قبل الْوَحْي، وَالْإِسْلَام فرق بَينهمَا. وَقَالَ ابْن كثير: إِنَّمَا حرم االمسلمات على الْمُشْركين عَام الْحُدَيْبِيَة سنة سِتّ من الْهِجْرَة، وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ فِي غَزْوَة بدر مَعَ الْمُشْركين، وَوَقع فِي الْأسر. وَقَالَ ابْن هِشَام: كَانَ أسره خرَاش بن الصمَّة، أحد بني حرَام، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق، عَن عَائِشَة: لما بعث أهل مَكَّة فِي فدَاء أسرتهم بعثت زَيْنَب بنت رَسُول الله فِي فدَاء أبي الْعَاصِ بِمَال، وَبعثت فِيهِ بقلادة لَهَا، وَكَانَت خَدِيجَة رَضِي اتعالى عَنْهَا، أدخلتها بهَا على أبي الْعَاصِ حِين بنى عَلَيْهَا. قَالَت: فَلَمَّا رَآهَا رَسُول الله رق لَهَا رقة شَدِيدَة، وَقَالَ: إِن رَأَيْتُمْ أَن تطلقوا لَهَا أَسِيرهَا وتردوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا فافعلوا. قَالُوا: نعم يَا رَسُول ا، فأطلقوه وردوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: وَقد كَانَ رَسُول الله قد أَخذ عَلَيْهِ أَن يخلي سَبِيل زَيْنَب، يَعْنِي أَن تهَاجر إِلَى الْمَدِينَة فوفى أَبُو الْعَاصِ بذلك وَلَحِقت بأبيها، وَأقَام أَبُو الْعَاصِ بِمَكَّة على كفره، واستمرت زَيْنَب عِنْد أَبِيهَا بِالْمَدِينَةِ، ثمَّ آخر الْأَمر أسلم وَخرج حَتَّى قدم على رَسُول الله وَعَن ابْن عَبَّاس، رَضِي اتعالى عَنْهُمَا: رد عَلَيْهِ رَسُول الله ابْنَته زَيْنَب على النِّكَاح الأول لم يحدث شَيْئا، وَسَنذكر حَقِيقَة هَذَا الْكَلَام فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ اتعالى. فَإِن قيل: مَا اللَّام فِي: لأبي الْعَاصِ؟ أُجِيب بِأَن الْإِضَافَة فِي بنت بِمَعْنى: اللَّام، وَالتَّقْدِير فِي بنت لِزَيْنَب، فأظهر هُنَا مَا هُوَ مُقَدّر فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ.
قَوْله:(فَإِذا سجد وَضعهَا) ، وَفِي مُسلم من طَرِيق عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان وَمُحَمّد بن عجلَان وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق الزبيدِيّ، وَأحمد من طَرِيق ابْن جريج، وَابْن حبَان من طَرِيق أبي العميس، كلهم عَن عَامر بن عبد اشيخ مَالك فَقَالُوا:(إِذا ركع وَضعهَا) . وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد، من طَرِيق المَقْبُري عَن عَمْرو