للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣٥ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا غُنْدَرٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنِ المُهَاجِرِ أبي الحَسَنِ سَمِعَ زَيْدَ بنَ وَهَبٍ عنْ أبي ذَرٍّ قَالَ أذَّنَ مُؤَذِّنُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظُّهْرَ فَقَالَ أبْرِدْ أَبْرِدْ أوْ قَالَ انْتَظِرْ انْتَظِرْ وَقَالَ شِدَّة الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فإذَ اشْتَدَّ الحَرُّ فأَبْرِدُوا عنِ الصَّلَاةِ حَتى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن بشار الملقب ببندار، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: غنْدر، وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر، ابْن امْرَأَة شُعْبَة، وَقد تقدم. الثَّالِث: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الرَّابِع: المُهَاجر، بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل من بَاب المفاعلة، ويكنى بِأبي الْحسن. الْخَامِس: زيد بن وهب أَبُو سُلَيْمَان الْهَمدَانِي الْجُهَنِيّ. قَالَ: رحلت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبض وَأَنا فِي الطَّرِيق، مَاتَ زمن الْحجَّاج. السَّادِس: أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور، واسْمه: جُنْدُب بن جُنَادَة على الْمَشْهُور.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: السماع. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي. وَفِيه: ذكر أحد الروَاة بلقبه وَالْآخر بكنيته وَهُوَ المُهَاجر. فَإِن كنيته أَبُو الْحسن ذكرت للتمييز، فَإِن فِي الروَاة الْمُهَاجِرين مِسْمَار الْمدنِي من أَفْرَاد مُسلم، وَالْألف وَاللَّام فِيهِ للمح الصّفة، كَمَا فِي: الْعَبَّاس، فَإِنَّهُ فِي الأَصْل صفة وَلكنه صَار علما.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن آدم وَعَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَفِي صفة النَّار عَن أبي الْوَلِيد، كلهم عَن شُعْبَة عَن مهَاجر أبي الْحسن وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي مُوسَى عَن غنْدر بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أبي الْوَلِيد بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن أبي دَاوُد عَن شُعْبَة بِمَعْنَاهُ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أذن مُؤذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هُوَ: بِلَال، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَنَّهُ جَاءَ فِي بعض طرفَة: أذن بِلَال، أخرجه أَبُو عوَانَة. وَفِي أُخْرَى لَهُ: (فَأَرَادَ أَن يُؤذن فَقَالَ: مَه يَا بِلَال) . قَوْله: (الظّهْر) بِالنّصب، أَي: وَقت الظّهْر، وَلما حذف الْمُضَاف الْمَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة اقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه. قَوْله: (فَقَالَ: أبرد أبرد) يَعْنِي مرَّتَيْنِ، وَفِي لفظ أبي دَاوُد: (فَأَرَادَ الْمُؤَذّن أَن يُؤذن الظّهْر، فَقَالَ: أبرد ثمَّ أبرد، ثمَّ أَرَادَ أَن يُؤذن فَقَالَ: أبرد، مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا) . قَوْله: (عَن الصَّلَاة) ، قد ذكرنَا وَجه: عَن، هُنَا فِي الحَدِيث السَّابِق، قَوْله: (حَتَّى رَأينَا فَيْء التلول) ، التلول جمع: تل. قَالَ ابْن سَيّده: من التُّرَاب مَعْرُوف، والتل من الرمل: كومة مِنْهُ، وَكِلَاهُمَا من التل الَّذِي هُوَ القاذي جثة، والتل الرابية. وَفِي (الْجَامِع) للقزاز: التل من التُّرَاب وَهِي الرابية مِنْهُ تكون مكدوسا وَلَيْسَ بِحَلقَة، والفيء فِيمَا ذكره ثَعْلَب فِي (الفصيح) يكون بالْعَشي، كَمَا أَن الظل يكون بِالْغَدَاةِ، وَأنْشد:

(فَلَا الظل من برد الضُّحَى تستطيعه ... وَلَا الْفَيْء من برد الْعشي تذوق)

قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ رؤبة بن العجاج: كل مَا كَانَت عَلَيْهِ الشَّمْس فَزَالَتْ فَهُوَ فَيْء وظل، وَمَا لم يكن عَلَيْهِ شمس فَهُوَ ظلّ. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: الظل مَا نسخته الشَّمْس، والفيء مَا نسخ الشَّمْس. وَقَالَ الْقَزاز: الْفَيْء رُجُوع الظل من جَانب الْمشرق إِلَى جَانب الْمغرب. وَفِي (الْمُخَصّص) و: الْجمع أفياء وفيوء، وَقد فَاء الْفَيْء فيأَ: تحول، وَهُوَ مَا كَانَ شمسا، فنسخه الظل. وَقيل: الْفَيْء لَا يكون إلَاّ بعد الزَّوَال، وَأما الظل فيطلق على مَا قبل الزَّوَال، وَأما بعده، وروى فِيهِ: فِي، بتَشْديد الْيَاء. وَاعْلَم أَن كلمة: حَتَّى، للغاية، وَلَا بُد لَهَا من المغيا وَهُوَ مُتَعَلق: بقال، أَي: كَانَ يَقُول إِلَى زمَان الرُّؤْيَة أبرد مرّة بعد أُخْرَى، أَو هُوَ مُتَعَلق بالإبراد، أَي: أبرد إِلَى أَن ترى الْفَيْء وانتظر إِلَيْهِ، وَيجوز أَن يكون مُتَعَلقا بمقدر مَحْذُوف تَقْدِيره: أخرنا حَتَّى رَأينَا فَيْء التلول.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: دلَالَة على أَن الْأَمر بالإبراد كَانَ بعد التأذين، وَلَكِن فِي لفظ آخر للْبُخَارِيّ: (فَأَرَادَ أَن يُؤذن لِلظهْرِ) . وَظَاهر هَذَا الْأَمر بالإبراد وَقع قبل الْأَذَان. وَقَالَ بَعضهم: يجمع بَينهمَا على أَنه شرع فِي الآذان، فَقيل لَهُ: أبرد، فَترك. فَمَعْنَى: أذن، شرع فِي الْأَذَان، وَمعنى: أَرَادَ أَن يُؤذن، أَي: يتم بِهِ الْأَذَان. قلت: هَذَا غير سديد لِأَنَّهُ لَا يُؤمر بِتَرْكِهِ بعد الشُّرُوع، وَلَكِن مَعْنَاهُ: أَرَادَ أَن يشرع فِي الْأَذَان، فَقيل لَهُ: أبرد، فَترك الشُّرُوع. وَالدَّلِيل عَلَيْهِ لفظ أَبُو عوَانَة: فَأَرَادَ أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>