الثَّالِث: مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، بِوَزْن اسْم الْفَاعِل من الانكدار، وَقد تقدم. الرَّابِع: جَابر بن عبد الله.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَلم يرو عَنهُ أحد من السِّتَّة غَيره، وَقد حدث عَنهُ القدماء بِهَذَا الحَدِيث، أخرجه أَحْمد فِي (مُسْنده) عَنهُ، وَرَوَاهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ شيخ البُخَارِيّ مَعَ تقدمه عَن أَحْمد عَنهُ، أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيقه، وَذكر التِّرْمِذِيّ أَن شعيبا تفرد بِهِ عَن ابْن الْمُنْكَدر، فَهُوَ غَرِيب مَعَ صِحَّته، وَقد توبع ابْن الْمُنْكَدر عَلَيْهِ عَن جَابر. أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر نَحوه، وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَخْبرنِي ابْن الْمُنْكَدر. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين حمصيين ومدنيين.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن عَيَّاش، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سهل بن عَسْكَر، وَإِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن عَمْرو بن مَنْصُور. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن يحيى وَالْعَبَّاس بن الْوَلِيد وَمُحَمّد ابْن أبي الْحُسَيْن، سبعتهم عَن عَليّ بن عَيَّاش،.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من قَالَ حِين يسمع النداء) ، أَي: الْأَذَان، وَظَاهر الْكَلَام كَانَ يَقْتَضِي أَن يُقَال: حِين سمع، بِلَفْظ الْمَاضِي، لِأَن الدُّعَاء مسنون بعد الْفَرَاغ من الْأَذَان، لَكِن مَعْنَاهُ: حِين يفرغ من السماع أَو المُرَاد من النداء تَمَامه، إِذْ الْمُطلق مَحْمُول على الْكَامِل، وَيسمع، حَال لَا إستقبال، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، أخرجه مُسلم بِلَفْظ: (قُولُوا مثل مَا يَقُول، ثمَّ صلوا عَليّ ثمَّ سلوا الله لي الْوَسِيلَة) . فَفِي هَذَا: إِن ذَلِك إِنَّمَا يُقَال عِنْد فرَاغ الْأَذَان. قَوْله: (اللَّهُمَّ) ، يَعْنِي: يَا ألله، وَالْمِيم عوض عَن الْيَاء، فَلذَلِك لَا يَجْتَمِعَانِ. قَوْله: (رب) ، مَنْصُوب على النداء، وَيجوز رَفعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: أَنْت رب هَذِه الدعْوَة، والرب: المربي المصلح للشأن. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: ربه يربه فَهُوَ رب، وَيجوز أَن يكون وَصفا بِالْمَصْدَرِ للْمُبَالَغَة، كَمَا فِي الْوَصْف بِالْعَدْلِ، وَلم يطلقوا الرب إلَاّ فِي: الله، وَحده وَفِي غَيره على التَّقْيِيد بِالْإِضَافَة، كَقَوْلِهِم: رب الدَّار، وَنَحْوه. قَوْله: (االدعوة) ، بِفَتْح الدَّال وَفِي (الْمُحكم) : الدعْوَة والدعوة بِالْفَتْح وَالْكَسْر، والمدعاة: مَا دَعَوْت إِلَيْهِ، وَخص اللحياني بالمفتوحة: الدُّعَاء إِلَى الْوَلِيمَة. قلت: قَالُوا: الدعْوَة، بِالْفَتْح فِي الطَّعَام، والدعوة بِالْكَسْرِ فِي النّسَب، والدعوة بِالضَّمِّ فِي الْحَرْب، وَالْمرَاد: بالدعوة، هَهُنَا أَلْفَاظ الْأَذَان الَّتِي يدعى بهَا الشَّخْص إِلَى عبَادَة الله تَعَالَى. وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: من طَرِيق مُحَمَّد بن عَوْف عَن عَليّ ابْن عَيَّاش: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِحَق هَذِه الدعْوَة، وَالْمرَاد بهَا: دَعْوَة التَّوْحِيد، كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَهُ دَعْوَة الْحق} (الرَّعْد: ١٤) . قَوْله: (التَّامَّة) صفة للدعوة، وصفت بالتمام لِأَن الشّركَة نقص، وَقيل: مَعْنَاهَا الَّتِي لَا يدخلهَا تَغْيِير وَلَا تَبْدِيل، بل هِيَ بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَقيل: وصفت بالتمام لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تسْتَحقّ صفة التَّمام، وَمَا سواهَا معرض الْفساد. وَقَالَ ابْن التِّين: وصفت بالتامة لِأَن فِيهَا أتم القَوْل، وَهُوَ: لَا إِلَه إِلَّا الله. وَقيل: التَّامَّة الْكَامِلَة، وكمالها أَن لَا يدخلهَا نقص وَلَا عيب كَمَا يدْخل فِي كَلَام النَّاس. وَقيل: معنى التَّمام كَونهَا محمية عَن النّسخ بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: من أَوله إِلَى قَوْله: مُحَمَّد رَسُول الله، هِيَ الدعْوَة التَّامَّة. قَوْله: (وَالصَّلَاة الْقَائِمَة) أَي: الدائمة الَّتِي لَا يغيرها مِلَّة وَلَا ينسخها شَرِيعَة، وَأَنَّهَا قَائِمَة مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض. قَوْله: (آتٍ) أَي: أعْط وَهُوَ أَمر من الإيتاء، وَهُوَ الْإِعْطَاء. قَوْله: (الْوَسِيلَة) وَهِي فِي اللُّغَة: مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الْغَيْر والمنزلة عِنْد الْملك، يُقَال: وسل فلَان إِلَى ربه وَسِيلَة، وتوسل إِلَيْهِ بوسيلة: إِذا تقرب بِعَمَل، وَهِي على وزن فعيلة، وَتجمع على: وَسَائِل ووسل، وفسرها فِي حَدِيث مُسلم بِأَنَّهَا: منزلَة فِي الْجنَّة، حَدثنَا مُحَمَّد بن مسلمة الْمرَادِي حَدثنَا عبد الله بن وهب عَن حَيْوَة وَسَعِيد بن أبي أَيُّوب وَغَيرهمَا عَن كَعْب بن عَلْقَمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير: (عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول، ثمَّ صلوا عَليّ فَإِنَّهُ من صلى عَليّ صَلَاة صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ بهَا عشرا. ثمَّ سلوا الله لي الْوَسِيلَة، فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة لَا تنبغي لأحد إلَاّ لعبد من عباد الله، وَأَرْجُو أَن أكون أَنا هُوَ، فَمن سَأَلَ الله لي الْوَسِيلَة حلت لَهُ الشَّفَاعَة) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ إيضا وَأخرجه الطَّحَاوِيّ وَلَفظه: (فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة) ، فالمنزل والمنزلة وَاحِد، وَهِي المنهل وَالدَّار. قَوْله: (والفضيلة) أَي: الْمرتبَة الزَّائِدَة على سَائِر الْخَلَائق، وَيحْتَمل أَن تكون الْفَضِيلَة منزلَة أُخْرَى. وَقَالَ بَعضهم: أَو تكون تَفْسِيرا للوسيلة. قلت: لَا إِبْهَام فِي الْوَسِيلَة مَعَ أَنَّهَا بيّنت فِي الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو. قَوْله: (مقَاما مَحْمُودًا) انتصاب مقَاما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute