وَعَن مُؤَمل بن الْفضل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الِاعْتِكَاف عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَعَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين وَعَن مُحَمَّد بن بشار. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى عَن مُعْتَمر بِبَعْضِه وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِبَعْضِه.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سَأَلت أَبَا سعيد) : المسؤول عَنهُ مَحْذُوف بيَّنه فِي الِاعْتِكَاف وَهُوَ قَوْله: إِن أَبَا سَلمَة قَالَ: (سَأَلت أَبَا سعيد، قلت: هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكر لَيْلَة الْقدر؟ قَالَ: نعم) وسرد تَمام الحَدِيث. قَوْله: (حَتَّى سَالَ السّقف) ، هُوَ إِسْنَاد مجازي، لِأَن السّقف لَا يسيل، وَإِنَّمَا يسيل المَاء الَّذِي يُصِيبهُ، وَهَذَا من قبيل قَوْلهم: سَالَ الْوَادي، أَي: مَاء الْوَادي، وَهُوَ من قبيل ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال. قَوْله: (وَكَانَ من جريد النّخل) ، أَي: وَكَانَ سقف الْمَسْجِد من جريد النّخل، والجريد بِمَعْنى: المجرود، وَهُوَ الْقَضِيب الَّذِي يجرد عَنهُ الخوص، يَعْنِي: يقشر، وَسَيَأْتِي تَمام الْكَلَام فِي بَاب الِاعْتِكَاف.
٦٧٠ - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا أنَسُ بنُ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أنَسا يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ إنِّي لَا أسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ وَكَانَ رَجُلاً ضَخْما فَصَنَعَ للنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فَدَعَاهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرا ونَضَحَ طَرَفَ الحَصِيرِ فَصَلَّى علَيْهِ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الجَارُودِ لأِنَسٍ أكانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلّي الضُّحَى قَالَ مَا رَأيْتُهُ صَلَاّهَا إلاّ يَوْمَئِذٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي بِسَائِر الْحَاضِرين عِنْد غيبَة الرجل الضخم، فينطبق الحَدِيث على قَوْله: بَاب هَل يُصَلِّي الإِمَام بِمن حضر؟ فَإِن قلت: لَيْسَ فِي حَدِيث أنس ذكر الْخطْبَة. قلت: لَا يلْزم أَن يدل كل حَدِيث فِي الْبَاب على كل التَّرْجَمَة، بل لَو دلّ الْبَعْض على الْبَعْض لكفى.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: آدم بن أبي إِيَاس وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج كَذَلِك. الثَّالِث: أنس ابْن سِيرِين ابْن أخي مُحَمَّد بن سِيرِين، مولى أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ، مَاتَ بعد سنة عشر وَمِائَة. الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي خَمْسَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين عسقلاني وواسطي وبصري.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صَلَاة الضُّحَى عَن عَليّ بن الْجَعْد عَن شُعْبَة، وَفِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن سَلام. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قَالَ رجل من الْأَنْصَار) ، قَالَ بَعضهم: قيل: إِنَّه عتْبَان بن مَالك وَهُوَ مُحْتَمل لتقارب القضيتين. قلت: هُوَ مُبْهَم لَا يُفَسر بِهَذَا الِاحْتِمَال، وَأَيْضًا من هُوَ هَذَا الْقَائِل؟ ينظر فِيهِ. قَوْله: (مَعَك) أَي: فِي الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد قَوْله: (ضخما) أَي: سمينا، والضخم الغليظ من كل شَيْء. قَوْله: (حَصِيرا) قَالَ ابْن سَيّده: الْحَصِير سَقِيفَة تصنع من بردى واسل ثمَّ تفترش، سمي بذلك لِأَنَّهُ يَلِي وَجه الأَرْض، وَوجه الأَرْض سمي حَصِيرا. وَفِي (الجمهرة) : الْحَصِير عَرَبِيّ، سمي حَصِيرا لانضمام بعضه إِلَى بعض. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْحَصِير البارية. قَوْله: (ونضح طرف الْحَصِير) ، النَّضْح بِمَعْنى: الرش إِن كَانَت النَّجَاسَة متوهمة فِي طرف الْحَصِير، وَبِمَعْنى: الْغسْل، إِن كَانَت متحققة، أَو يكون النَّضْح لأجل تليينه لأجل الصَّلَاة عَلَيْهِ. قَوْله: (رجل من آل الْجَارُود) ، وَفِي أبي دَاوُد: قَالَ فلَان بن الْجَارُود لأنس، و: الْجَارُود، بِالْجِيم وبضم الرَّاء وَبعد الرَّاء دَال مُهْملَة. قَوْله: (أَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: فِيهِ جَوَاز اتِّخَاذ الطَّعَام لأولي الْفضل ليستفيد من علمهمْ. الثَّانِي: فِيهِ اسْتِحْبَاب إِجَابَة الدعْوَة، وَقيل بِالْوُجُوب. الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز الصَّلَاة على الْحَصِير من غير كَرَاهَة، وَفِي مَعْنَاهُ: كل شَيْء يعْمل من نَبَات الأَرْض، وَهَذَا إِجْمَاع إلَاّ مَا رُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يعْمل لأجل التَّوَاضُع كَمَا