بِالنَّاسِ) ، إِذْ كَانَ فيهم من هُوَ أَقرَأ مِنْهُ لِلْقُرْآنِ مثل: أبي، وَغَيره وَهُوَ أولى قلت: حَدِيث أبي مَسْعُود كَانَ فِي أول الْهِجْرَة وَحَدِيث أبي بكر فِي آخر الْأَمر، وَقد تفقهوا فِي الْقُرْآن، وَكَانَ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أعلمهم وأفقههم فِي كل أمره، وَقَالَ أَصْحَابنَا: فَإِن تساووا فِي الْعلم وَالْقِرَاءَة فأولاهم أورعهم. وَفِي (البدرية) : الْوَرع الاجتناب عَن الشُّبُهَات، وَالتَّقوى الاجتناب عَن الْمُحرمَات، فَإِن تساووا فِي الْقِرَاءَة وَالْعلم والورع فأسنهم أولى بِالْإِمَامَةِ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وليؤمكما أكبركما) ، وَفِي (الْمُحِيط) : الأسن أولى من الأورع إِذا لم يكن فِيهِ فسق ظَاهر. وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بِالسِّنِّ سنّ مضى فِي الْإِسْلَام، فَلَا يقدم شيخ أسلم قَرِيبا على شَاب نَشأ فِي الْإِسْلَام، أَو أسلم قبله. قَالَ أَصْحَابنَا: فَإِن تساووا فِي السن فأحسنهم خلقا، وَزَاد بَعضهم: فَإِن تساووا فأحسنهم وَجها. وَفِي (مُخْتَصر الْجَوَاهِر) : يرجح بالفضائل الشَّرْعِيَّة والخلقية والمكانية وَكَمَال الصُّورَة، كالشرف فِي النّسَب وَالسّن، ويلتحق بذلك حسن اللبَاس. وَقيل: وبصباحة الْوَجْه وَحسن الْخلق وبملك رَقَبَة الْمَكَان أَو منفعَته. قَالَ المرغيناني: الْمُسْتَأْجر أولى من الْمَالِك، وَفِي (الْخُلَاصَة) : فَإِن تساووا فِي هَذِه الْخِصَال يقرع، أَو الْخِيَار إِلَى الْقَوْم. وَقيل: إِمَامَة الْمُقِيم أولى من الْعَكْس، وَقَالَ أَبُو الْفضل الْكرْمَانِي: هما سَوَاء، وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ فِي الْقَدِيم: تَقْدِيم الْأَشْرَف ثمَّ الأقدم هِجْرَة ثمَّ الأسن، وَهُوَ الْأَصَح. وَالْقَوْل الثَّانِي: يقدم الأسن ثمَّ الْأَشْرَف ثمَّ الأقدم هِجْرَة، وَفِي تتمتهم: ثمَّ بعد الْكبر والشرف تقدم نظافة الثَّوْب، وَالْمرَاد بِهِ النَّظَافَة عَن الْوَسخ لَا عَن النَّجَاسَات، لِأَن الصَّلَاة مَعَ النَّجَاسَات لَا تصح، ثمَّ بعد ذَلِك حسن الصَّوْت، لِأَنَّهُ بِهِ تميل النَّاس إِلَى الصَّلَاة خَلفه فتكثر الْجَمَاعَة، ثمَّ حسن الصُّورَة.
٦٧٩ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عَائِشَةَ أُمّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ الله تَعَالى عَنْهَا أنَّهَا قَالَتْ إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي مَرَضِهِ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّي بِالنَّاسِ قالَتْ عائِشَةُ قُلْتُ إنَّ أبَا بَكْرٍ إذَا قامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ فقالَتْ عائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إنَّ أبَا بَكْرٍ إذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ فَفَعلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَهْ إنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ للنَّاسِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ لَعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لأصِيبَ مِنْكِ خَيْرا.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد مروا غير مرّة.
قَوْله: (عَن عَائِشَة) ، رَوَاهُ حَمَّاد عَن مَالك مَوْصُولا، وَهُوَ فِي أَكثر نسخ (الْمُوَطَّأ) مُرْسلا لَيْسَ فِيهِ عَائِشَة. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِصَام. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن إِسْحَاق ابْن مُوسَى عَن معن. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن الْقَاسِم.
قَوْله: (فَليصل بِالنَّاسِ) ، ويروى: (للنَّاس) ، وَهِي رِوَايَة الْكشميهني، ويروى: (فليصلي) ، بِالْيَاءِ. قَوْله: (إنكن) ويروى: (فَإِنَّكُنَّ) ، أَي: إِن هَذَا الْجِنْس هن اللَّاتِي شوشن على يُوسُف، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وكدرنه وأوقعنه فِي الْمَلَامَة: فَجمع بِاعْتِبَار الْجِنْس، أَو لِأَن أقل الْجمع عِنْد طَائِفَة اثْنَان.
٧١ - (حَدثنَا أَبُو الْيَمَان قَالَ أخبرنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ أَخْبرنِي أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ وَكَانَ تبع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وخدمه وَصَحبه أَن أَبَا بكر كَانَ يُصَلِّي بهم فِي وجع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي توفّي فِيهِ حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ وهم صُفُوف فِي الصَّلَاة فكشف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ستر الْحُجْرَة ينظر إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِم كَأَن وَجهه ورقة مصحف ثمَّ تَبَسم يضْحك فهممنا أَن نفتتن من الْفَرح بِرُؤْيَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فنكص أَبُو بكر على عَقِبَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute