للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّكْبِير عِنْد افْتِتَاح الصَّلَاة، يَعْنِي: لَا يقوم مقَامه التَّسْبِيح والتهليل، فَحِينَئِذٍ دلَالَته على التَّرْجَمَة مُشكل. انْتهى. قلت: قَوْله: وَالْغَرَض ... إِلَى آخِره، غير صَحِيح، لِأَن الْغَرَض لَيْسَ مَا قَالَه، بل الْغَرَض بَيَان وجوب نفس تَكْبِيرَة الْإِحْرَام للْوَجْه الَّذِي ذكرنَا، خلافًا لمن نفى وُجُوبهَا، ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي: وَقد يُقَال: عَادَة البُخَارِيّ أَنه إِذا كَانَ فِي الْبَاب حَدِيث دَال على التَّرْجَمَة يذكرهُ، وبتبعيته يذكر أَيْضا مَا يُنَاسِبه، وَإِن لم يتَعَلَّق بالترجمة. انْتهى. قلت: هَذَا جَوَاب عَاجز عَن تَوْجِيه الْكَلَام على مَا لَا يخفى.

ثمَّ إعلم أَنا قد تكلمنا على مَا يتَعَلَّق بِهَذَا الحَدِيث مستقصىً فِي: بَاب إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، وَشَيخ البُخَارِيّ أَبُو الْيَمَان: هُوَ الحكم بن نَافِع البهراني الْحِمصِي، وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب. .

وَمن لطائف أسناده: إِنَّه من رباعيات البُخَارِيّ. وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وبلفظ الْإِخْبَار فِي مَوضِع بِصِيغَة الْجمع، وَفِي مَوضِع بِصِيغَة الْإِفْرَاد. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: رِوَايَة حمصيين ومدنيين.

٧٣٣ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا لَيْثٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ أنَسِ بنِ مالَكٍ أنَّهُ قَالَ خَرَّ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ فَصَلَّى لَنَا قَاعِدا فَصَلَّيْنَا مَعَهُ قُعُودا ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ إنَّمَا الإمَامُ أوْ إنَّمَا جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإذَا كَبَّرَ فكَبِّرُوا وإذَا رَكَعَ فارْكَعُوا وَإِذا رفَعَ فارْفَعُوا وَإِذا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ وَإذَا سَجَدَ فاسْجُدُوا.

هَذَا طَرِيق عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن اللَّيْث بن سعيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أنس عَن مَالك. قَوْله: (خر) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء أَي: وَقع من الخرور، وَهُوَ السُّقُوط. قَوْله: (فجحش) بِتَقْدِيم الْجِيم على الْحَاء الْمُهْملَة أَي: خدش وَهُوَ أَن يتقشر جلد الْعُضْو. قَوْله: (فَلَمَّا انْصَرف) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني (ثمَّ انْصَرف) . قَوْله: (وَإِنَّمَا) شكّ من الرَّاوِي فِي زِيَادَة لفظ: (جعل) ومفعول: (فكبروا) ومفعول: (إرفعوا) محذوفان. قَوْله: (سمع الله لمن حَمده) قَالَ الْكرْمَانِي: فَلَا بُد أَن يسْتَعْمل بِمن لَا بِاللَّامِ. قلت: مَعْنَاهُ سمع الْحَمد لأجل الحامد مِنْهُ قلت: يُقَال: استمعت لَهُ وتسمعت إِلَيْهِ وَسمعت لَهُ وَسمعت عَنهُ، كُله بِمَعْنى أَي: أصيغت إِلَيْهِ. قَالَ الله تَعَالَى: {لَا تسمعوا لهَذَا الْقُرْآن} (فصلت: ٢٦) وَقَالَ تَعَالَى: {لَا يسَّمعون إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى} (الصافات: ٨) . وَالْمرَاد مِنْهُ فِي التسميع، مجَاز بطرِيق إِطْلَاق اسْم السَّبَب وَهُوَ الإصغاء على الْمُسَبّب وَهُوَ الْقبُول والإجابة، أَي: أجَاب لَهُ وَقَبله، بِمَعْنى: قبل الله حمد من حَمده. يُقَال: سمع الْأَمِير كَلَام فلَان، إِذا قبل، وَيُقَال: مَا سمع كَلَامه أَي: رده وَلم يقبله، وَإِن سمع حَقِيقَة. قَوْله: (وَلَك الْحَمد) قَالَ الْكرْمَانِي، بِدُونِ: الْوَاو، وَفِي الرِّوَايَة السَّابِقَة، بِالْوَاو، والأمران جائزان، وَلَا تَرْجِيح لأَحَدهمَا على الآخر فِي مُخْتَار أَصْحَابنَا قلت: رُوِيَ هُنَا أَيْضا: بِالْوَاو، فَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا التَّصَرُّف. وَقَوله: لَا تَرْجِيح لأَحَدهمَا على الآخر، غير مُسلم لِأَن بَعضهم رجح الَّذِي بِدُونِ: الْوَاو، لكَونهَا زَائِدَة. وَفِي (الْمُحِيط) : رَبنَا لَك الْحَمد أفضل لزِيَادَة: الْوَاو، وَبَعْضهمْ رجح الَّذِي بِالْوَاو لِأَن تَقْدِيره: رَبنَا حمدناك وَلَك الْحَمد، فَيكون الْحَمد مكررا، ثمَّ لفظ: رَبنَا، لَا يُمكن أَن يتَعَلَّق بِمَا قبله، لِأَنَّهُ كَلَام الْمَأْمُوم وَمَا قبله كَلَام الإِمَام، بِدَلِيل: فَقولُوا، بل هُوَ ابْتِدَاء كَلَام، وَلَك الْحَمد، حَال مِنْهُ أَي: أَدْعُوك وَالْحَال أَن الْحَمد لَك لَا لغيرك، وَلَا يجوز أَن يعْطف على: أَدْعُوك، لِأَنَّهَا إنشائية، وَتلك خبرية.

٧٣٤ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ قَالَ حدَّثنِي أبُو الزِّنادِ عنِ الأَعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ ليُؤْتَمَّ بهِ فإذَا كَبَّرَ فكبِّرُوا وَإِذا ركَعَ فارْكَعُوا وإذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا ولكَ الحَمْدُ وإذَا سَجَدَ فاسْجُدُوا وَإذَا صَلَّى جالِسا فصَلُّوا جُلُوسا أجْمَعُونَ. (أنظر الحَدِيث ٧٢٢) .

مطابقته للتَّرْجَمَة بيناها فِي حَدِيث أنس فِي أول الْبَاب: وَأخرجه عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع مثل مَا أخرج حَدِيث أنس عَن أبي الْيَمَان أَيْضا، غير أَن هُنَاكَ عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس، وَهنا عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن عبد الله بن ذكْوَان

<<  <  ج: ص:  >  >>