وَجه تَخْصِيص الذّكر بِهَذَا الحَدِيث هُنَا، أَن الانصار هم المبتدئون بالبيعة على إعلاء تَوْحِيد الله وشريعته حَتَّى يموتوا على ذَلِك، فحبهم عَلامَة الْإِيمَان مجازاة لَهُم على حبهم من هَاجر إِلَيْهِم ومواساتهم لَهُم فِي أَمْوَالهم، كَمَا وَصفهم الله تَعَالَى، واتباعاً لحب الله لَهُم قَالَ الله تَعَالَى:{قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله}(آل عمرَان: ٣١) وَكَانَ الْأَنْصَار مِمَّن تبعه أَولا، فَوَجَبَ لَهُم محبَّة الله، وَمن أحب الله وَجب على الْعباد حبه.
(بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة. الأول: أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع الْحِمصِي. الثَّانِي: شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْقرشِي. الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. الرَّابِع: أَبُو إِدْرِيس، عَائِذ الله بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة بن عبد الله بن عمر الْخَولَانِيّ الدِّمَشْقِي، روى عَن: عبد الله بن مَسْعُود وَعَن معَاذ على الْأَصَح، وَسمع: عبَادَة بن الصَّامِت وَأَبا الدَّرْدَاء وخلقاً كثيرا، ولد يَوْم حنين، وَقَالَ ابْن مَيْمُونَة ولاه عبد الْملك الْقَضَاء بِدِمَشْق، وَكَانَ من عباد الشَّام وقرائهم، مَاتَ سنة ثَمَانِينَ، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الْخَامِس: عبَادَة، بِضَم الْعين، ابْن الصَّامِت بن قيس بن أحرم بن فهر بن ثَعْلَبَة بن غنم وَهُوَ قوقل بن عَوْف بن عَمْرو بن عَوْف بن الْخَزْرَج الْوَلِيد الْأنْصَارِيّ الخزرجي، شهد الْعقبَة الأولى وَالثَّانيَِة وبدراً وأُحداً وبيعة الرضْوَان والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رُوِيَ لَهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة وَأحد وَثَمَانُونَ حَدِيثا، اتفقَا مِنْهَا على سِتَّة أَحَادِيث، وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بحديثين، وَمُسلم بحديثين، وَهُوَ أول من ولي قَضَاء فلسطين، وَكَانَ طَويلا جسيماً جميلاً فَاضلا، توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ، وَفِي (الِاسْتِيعَاب) : وَجهه عمر رَضِي الله عَنهُ، إِلَى الشَّام قَاضِيا ومعلماً، فَأَقَامَ بحمص، ثمَّ انْتقل إِلَى فلسطين، وَمَات بهَا وَدفن بِبَيْت الْمُقَدّس، وقبره بهَا مَعْرُوف، وَقيل: توفّي بالرملة. وَاعْلَم أَن عبَادَة بن الصَّامِت فَرد فِي الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، وَفِيهِمْ عبَادَة بِدُونِ ابْن الصَّامِت اثْنَي عشر نفسا.
(بَيَان الْأَنْسَاب) الْخَولَانِيّ، فِي قبائل، حكى الْهَمدَانِي فِي كتاب (الأكليل) قَالَ: خولان بن عَمْرو بن الحاف بن قضاعة، وخولان بن عَمْرو بن مَالك بن الْحَارِث بن مرّة بن ادد قَالَ: وخولان حُضُور، وخولان ردع هُوَ ابْن قحطان. وَفِي كتاب (المعارف) : خولان بن سعد بن مذْحج، وَأَبُو إِدْرِيس من خولان ابْن عَمْرو بن مَالك بن الْحَارِث بن مرّة بن ادد، وَكَذَلِكَ مِنْهُم أَبُو مُسلم الْخَولَانِيّ واسْمه عبد الرَّحْمَن بن مشْكم، وخولان فعلان من: خَال يخول، يُقَال مِنْهُ: فلَان خائل إِذا كَانَ حسن الْقيام على المَال والخزرجي نِسْبَة إِلَى الْخَزْرَج، وَهُوَ أَخ الْأَوْس، وَقَالَ ابْن دُرَيْد الْخَزْرَج الرّيح العاصف.
(بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا: أَن الأسناد كُله شَامِيُّونَ. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار والعنعنة، وَقد مر الْكَلَام بَين: حَدثنَا وَأخْبرنَا. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة القَاضِي عَن القَاضِي، وهما: أَبُو إِدْرِيس وَعبادَة بن الصَّامِت. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة من رأى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، عَمَّن رأى النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام، وَذَلِكَ لِأَن أَبَا إِدْرِيس من حَيْثُ الرِّوَايَة تَابِعِيّ كَبِير، وَمَعَ هَذَا قد ذكر فِي الصَّحَابَة لِأَن لَهُ رِوَايَة، وَأَبوهُ عبد الله بن عَمْرو الْخَولَانِيّ صَحَابِيّ.