للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(الْوَجْه الأول) فِي أصل الْوَضع فعندنا يضع وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد واسحق وَعَامة أهل الْعلم وَهُوَ قَول عَليّ وَأبي هُرَيْرَة وَالنَّخَعِيّ وَالثَّوْري وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن مَالك وَفِي التَّوْضِيح وَهُوَ قَول سعيد بن جُبَير وَأبي مجلز وَأبي ثَوْر وَأبي عبيد وَابْن جرير وَدَاوُد وَهُوَ قَول أبي بكر وَعَائِشَة وَجُمْهُور الْعلمَاء قَالَ التِّرْمِذِيّ وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وَحكى ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن الزبير وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن سِيرِين أَنه يرسلهما وَكَذَلِكَ عِنْد مَالك فِي الْمَشْهُور يرسلهما وَإِن طَال ذَلِك عَلَيْهِ وضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى للاستراحة قَالَه اللَّيْث بن سعد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هُوَ مُخَيّر بَين الْوَضع والإرسال. وَمن جملَة مَا احتججنا بِهِ فِي الْوَضع حَدِيث رَوَاهُ ابْن ماجة من حَدِيث الْأَحْوَص عَن سماك بن حَرْب عَن قبيصَة بن الْمُهلب عَن أَبِيه قَالَ " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يؤمنا فَيَأْخُذ شِمَاله بِيَمِينِهِ " وَحَدِيث آخر أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه عَن وَائِل بن حجر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رفع يَدَيْهِ " الحَدِيث وَفِيه " ثمَّ وضع يَده الْيُمْنَى على الْيُسْرَى " وَحَدِيث آخر أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث الْحجَّاج بن أبي زَيْنَب سَمِعت أَبَا عُثْمَان يحدث عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كَانَ يُصَلِّي فَوضع يَده الْيُسْرَى على الْيُمْنَى فَرَآهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوضع يَده الْيُمْنَى على الْيُسْرَى وَحَدِيث آخر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء أمرنَا بِأَن نمسك بأيماننا على شمالنا فِي الصَّلَاة " وَفِي إِسْنَاد طَلْحَة بن عَمْرو مَتْرُوك وَعَن ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَحَدِيث آخر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا نَحْو حَدِيث ابْن عَبَّاس وَفِي إِسْنَاده النَّضر بن إِسْمَاعِيل قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء ضَعِيف (الْوَجْه الثَّانِي) فِي صفة الْوَضع وَهِي أَن يضع بطن كَفه الْيُمْنَى على رسغه الْيُسْرَى فَيكون الرسغ وسط الْكَفّ وَقَالَ الاسبيجابي عِنْد أبي يُوسُف يقبض بِيَدِهِ الْيُمْنَى رسغ يَده الْيُسْرَى وَقَالَ مُحَمَّد يَضَعهَا كَذَلِك وَيكون الرسغ وسط الْكَفّ وَفِي الْمُفِيد وَيَأْخُذ رسغها بالخنصر والإبهام وَهُوَ الْمُخْتَار وَفِي الدِّرَايَة يَأْخُذ كوعه الْأَيْسَر بكفه الْأَيْمن وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي رِوَايَة يضع بَاطِن أَصَابِعه على الرسغ طولا وَلَا يقبض وَاسْتحْسن كثير من مَشَايِخنَا الْجمع بَينهمَا بِأَن يضع بَاطِن كَفه الْيُمْنَى على كَفه الْيُسْرَى ويحلق بالخنصر والإبهام على الرسغ (الْوَجْه الثَّالِث) فِي مَكَان الْوَضع فعندنا تَحت السُّرَّة وَعند الشَّافِعِي على الصَّدْر ذكره فِي الْحَاوِي وَفِي الْوَسِيط تَحت صَدره وَاحْتج الشَّافِعِي بِحَدِيث وَائِل بن حجر أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه قَالَ " صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوضع يَده الْيُمْنَى على يَده الْيُسْرَى على صَدره " وَلم يذكر النَّوَوِيّ غَيره فِي الْخُلَاصَة وَكَذَلِكَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي الإِمَام وَاحْتج صَاحب الْهِدَايَة لِأَصْحَابِنَا فِي ذَلِك بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن من السّنة وضع الْيُمْنَى على الشمَال تَحت السُّرَّة (قلت) هَذَا قَول عَليّ بن أبي طَالب وَإِسْنَاده إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير صَحِيح وَإِنَّمَا رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ من جِهَته فِي سنَنَيْهِمَا من حَدِيث أبي جُحَيْفَة عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ إِن من السّنة وضع الْكَفّ على الْكَفّ تَحت السُّرَّة وَقَول عَليّ أَن من السّنة هَذَا اللَّفْظ يدْخل فِي الْمَرْفُوع عِنْدهم. وَقَالَ أَبُو عمر فِي التفصي وَاعْلَم أَن الصَّحَابِيّ إِذا أطلق اسْم السّنة فَالْمُرَاد بِهِ سنة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَذَلِكَ إِذا أطلقها غَيره مَا لم تضف إِلَى صَاحبهَا كَقَوْلِهِم سنة العمرين وَمَا أشبه ذَلِك (فَإِن قلت) سلمنَا هَذَا وَلَكِن الَّذِي رُوِيَ عَن عَليّ فِيهِ مقَال لِأَن فِي سَنَده عبد الرَّحْمَن بن اسحق الْكُوفِي قَالَ أَحْمد لَيْسَ بِشَيْء مُنكر الحَدِيث (قلت) روى أَبُو دَاوُد وَسكت عَلَيْهِ ويعضده مَا رَوَاهُ ابْن حزم من حَدِيث أنس من أَخْلَاق النُّبُوَّة وضع الْيَمين على الشمَال تَحت السُّرَّة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وضع الْيَمين على الشمَال فِي الصَّلَاة وَرَأى بَعضهم أَن يَضَعهَا فَوق السُّرَّة وَرَأى بَعضهم أَن يَضَعهَا تَحت السُّرَّة وكل ذَلِك وَاسع (الْوَجْه الرَّابِع) وَقت وضع الْيَدَيْنِ وَالْأَصْل فِيهِ أَن كل قيام فِيهِ ذكر مسنون يعْتَمد فِيهِ أَعنِي اعْتِمَاد يَده الْيُمْنَى على الْيُسْرَى وَمَا لَا فَلَا فيعتمد فِي حَالَة الْقُنُوت وَصَلَاة الْجِنَازَة وَلَا يعْتَمد فِي القومة عَن الرُّكُوع وَبَين تَكْبِيرَات الْعِيدَيْنِ الزَّوَائِد وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَعند أبي عَليّ النَّسَفِيّ وَالْإِمَام أبي عبد الله وَغَيرهمَا يعْتَمد فِي كل قيام سَوَاء كَانَ فِيهِ ذكر مسنون أَو لَا. (الْوَجْه الْخَامِس) فِي الْحِكْمَة فِي الْوَضع على الصَّدْر أَو السُّرَّة فَقيل الْوَضع على الصَّدْر أبلغ فِي الْخُشُوع وَفِيه حفظ نور الْإِيمَان

<<  <  ج: ص:  >  >>