للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للجزء الرَّابِع من التَّرْجَمَة. وَهُوَ قَوْله: (بِأول سُورَة) ، فَإِن قلت: هَذَا لَا يدل على أَنه قَرَأَ أَرْبَعِينَ آيَة من أول الْأَنْفَال فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون من أَوله، وَيحْتَمل أَن يكون من أوسطه. قلت: هَذَا الْأَثر رَوَاهُ سعد بن مَنْصُور بِلَفْظ: (فَافْتتحَ الْأَنْفَال) ، والافتتاح لَا يكون إلاّ من الأول، أَي: قَرَأَ عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِأَرْبَعِينَ آيَة من سُورَة الْأَنْفَال فِي الرَّكْعَة الأولى، وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة بِسُورَة من الْمفصل، وَهُوَ من سُورَة الْقِتَال أَو الْفَتْح أَو الحجرات أَو قَاف إِلَى آخر الْقُرْآن.

وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق بِلَفْظِهِ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن يزِيد النَّخعِيّ عَنهُ، وَأخرجه هُوَ وَسَعِيد بن مَنْصُور من وَجه آخر عَن عبد الرَّحْمَن بِلَفْظ (فَافْتتحَ الْأَنْفَال حَتَّى بلغ) {وَنعم النصير} (الْأَنْفَال: ٤٠) . انْتهى. وَهَذَا الْموضع هُوَ رَأس أَرْبَعِينَ آيَة.

وَقَالَ قَتَادةُ فِيمَنْ يَقْرأُ سُورَةً واحِدةً فِي رَكْعَتَيْنِ أوْ يُرَدِّدُ سُورةً واحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ كُلٌّ كِتَابُ الله

قَوْله: (وَقَالَ قَتَادَة) . هَذَا لَا يُطَابق شَيْئا من أَجزَاء التَّرْجَمَة، فَكَأَن البُخَارِيّ أورد هَذَا تَنْبِيها على جَوَاز كل مَا ذكر من الْأَجْزَاء الْأَرْبَعَة فِي التَّرْجَمَة، وَغَيرهَا أَيْضا لِأَنَّهُ قَالَ: كل، أَي: كل ذَلِك كتاب الله، عز وَجل، فعلى أَي وَجه يقْرَأ هُوَ كتاب الله تَعَالَى فَلَا كَرَاهَة فِيهِ، وَذكر فِيهِ صُورَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا: أَن يقْرَأ سُورَة وَاحِدَة فِي رَكْعَتَيْنِ، بِأَن يفرق السُّورَة فيهمَا. وَالثَّانيَِة: أَن يُكَرر سُورَة وَاحِدَة فِي رَكْعَتَيْنِ بِأَن يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة السُّورَة الَّتِي قَرَأَهَا فِي الرَّكْعَة الأولى. أما الصُّورَة الأولى فَلَمَّا روى النَّسَائِيّ، من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْمغرب بِسُورَة الْأَعْرَاف فرقها فِي رَكْعَتَيْنِ) ، وروى ابْن أبي شيبَة أَيْضا من حَدِيث أبي أَيُّوب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْمغرب بالأعراف فِي رَكْعَتَيْنِ) ، وَعَن أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَرَأَ بالبقرة فِي الْفجْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ. وَقَرَأَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بآل عمرَان فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الْعشَاء قطعهَا فيهمَا، وَنَحْوه عَن سعيد بن جُبَير وَابْن عمر وَالشعْبِيّ وَعَطَاء. وَأما الصُّورَة الثَّانِيَة فَلَمَّا روى أَبُو دَاوُد: أخبرنَا أَحْمد بن صَالح أخبرنَا ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو بن أبي هِلَال عَن معَاذ ابْن عبد الله الْجُهَنِيّ: (أَن رجلا من جُهَيْنَة أخبرهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الصُّبْح: إِذا زلزلت، فِي الرَّكْعَتَيْنِ كلتيهما، فَلَا أَدْرِي أنسي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم قَرَأَ ذَلِك عمدا؟) وَبِهَذَا اسْتدلَّ بعض أَصْحَابنَا أَنه إِذا كرر سُورَة فِي رَكْعَتَيْنِ لَا يكره، وَقيل: يكره، وَقد ذكر فِي (الْمَبْسُوط) : أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يفعل، وَإِن فعل فَلَا بَأْس بِهِ، وَالْأَفْضَل أَن يقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة كَامِلَة فِي الْمَكْتُوبَة.

٧٧٤ - وقالَ عُبَيْدُ الله عنْ ثَابِتٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كانَ رَجُلٌ مِنَ الأنصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ وكانَ كُلَّما افْتتَحَ سُورةً يَقْرأُ بِها لَهُمْ فِي الصلَاةِ مِمَّا يَقرأُ بهِ افْتَتحَ بِقُلْ هُوَ الله أحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْها ثُمَّ يَقرأُ سُورةً أُخْرَى مَعَها وكانَ يَصْنعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعةٍ فَكَلَّمَهُ أصْحابُهُ فقالُوا إنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ ثُمَّ لَا تَرى أنَّهَا تجْزِئُكَ حَتى تَقْرأَ بِأُخْرَى فإمَّا أنْ تَقْرأ بِهَا وإمَّا أنْ تَدَعَهَا وتَقْرَأَ بِأُخْرَى فقالَ مَا أَنا بِتَارِكِهَا إنْ أحْبَبْتُمْ أنْ أؤمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ وإنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ وكَانُوا يرَوْنَ أنَّهُ مِنْ أفْضَلِهِمْ وكَرِهُوا أنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ فَلمَّا أتاهُمُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبَرُوهُ الخَبرَ فَقَالَ يَا فُلانُ مَا يَمْنَعَكَ أنْ تَفْعَلَ مَا يَأمُرُكَ بِهِ أصْحَابُكَ ومَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فقالَ أنِّي أحِبُّهَا فقالَ حُبُّكَ إيَّاهَا أدْخَلَكَ الجَنَّةَ.

مطابقته للجزء الأول من التَّرْجَمَة، وَهُوَ الْجمع بَين السورتين فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِن الإِمَام فِي هَذَا الحَدِيث كَانَ إِذا افْتتح

<<  <  ج: ص:  >  >>